إيران؟ أنبوب الأوكسيجين الخاص بـ”حماس” موجود في روسيا
تاريخ المقال
المصدر
- أعلن خبير أسلحة أسترالي أن “السلاح الذي تحوزه ’حماس’، في أغلبيته، من أصول روسية، أو صينية، أو إيرانية”، وأضاف أن “الأسلحة من كوريا الشمالية ودول حلف وارسو سابقاً موجودة أيضاً لدى التنظيم ’الإرهابي’”. وعلى الرغم من جهود حكومة بيونغيانغ الكثيرة في التبرؤ من هذه التهمة، وتشويش الأدلة، فإن عشرات الصور والفيديوهات التي نُشرت خلال الأسابيع الماضية، والتي تظهر فيها أدوات قتالية مختلفة، وقنابل وقذائف من نوع RPG F-7، كُتب عليها بحروف كورية- وهو ما يؤكد الاتهامات ضدها.
- كوريا الشمالية تزود “حماس” بأسلحة قاتلة استعملتها خلال الهجوم في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ولا تزال تستخدمها حتى اليوم في المعارك داخل قطاع غزة. حتى لو جرى بيع هذه الأسلحة بطريقة غير مباشرة، فإن مصادر رفيعة في الجيش الإسرائيلي أشارت إلى أن الحديث يدور حول عشرات الآلاف من الأدوات القتالية المختلفة، وضمنها صواريخ مضادة للدروع، عثر عليها الجيش وصادرها منذ اندلاع الحرب، بعد أن تم تهريبها إلى غزة، عبر البحر والأنفاق.
- هذا كله يجري بسبب العلاقات الوثيقة بين “حماس” وكوريا الشمالية منذ صعود الأولى إلى الحكم في القطاع سنة 2007، وبسبب العلاقات الوطيدة بين حكومتَي طهران وبيونغيانغ فيما يتعلق بالخطة النووية وتخصيب اليورانيوم الإيراني، فضلاً عن تزويد روسيا بالصواريخ البالستية وعدد كبير من حاويات الأسلحة التي تستخدمها في حربها ضد أوكرانيا (حسبما أعلن جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة).
انتشار الشبكة
- هذا بالإضافة إلى صفقة سرية عُقدت تزامناً مع حملة “الرصاص المصبوب” في سنة 2014، وتضمنت نقل صواريخ وقذائف ومعرفة هندسية وأدوات اتصال وأموال مساعدات إلى “حماس”، من حكومة بيونغيانغ، بوساطة إيران، أو الميليشيات الشيعية التي تعمل لمصلحتها، وعلى رأسها حزب الله، وهو ما ساعدها على إقامة “مترو” الأنفاق في قطاع غزة.
- إنها الشبكة المنتشرة والمركّبة من الأنفاق الهجومية والدفاعية المختلفة، فوق الأرض وتحتها، والتي يستخدمها التنظيم ’الإرهابي’، بصورة خاصة في هذه الأيام، ولأهداف عسكرية ولوجستية، وأيضاً للتخزين والتنقل وتهريب السلاح، وكذلك لإخفاء الرهائن الإسرائيليين.
- هذه الأنفاق تتضمن تقريباً 5700 فتحة، تقود إلى عدد غير نهائي من الممرات والتفرعات على طول 560-725 كيلومتراً، كما أشار المتحدث باسم الجيش مؤخراً. وبنظرة استراتيجية شاملة، يبدو منذ الآن أنه على الرغم من أن مساحة قطاع غزة صغيرة، فإن درجة الذكاء والتجديد الهندسي والقدرة على استغلال المساحة تحت الأرض على يد “حماس” من أجل إقامة منظومة قتالية، مذهلة. إنها تفرض نوعاً آخر من القتال، وأيضاً تجهيزات عسكرية واستخباراتية وعملياتية جديدة من طرف الجيش.
- وأكثر من ذلك، فإن شبكة الأنفاق، مهما كانت محدودة، وخصوصاً إذا ما تمت مقارنتها بتلك التي أقامها حزب الله في الجنوب اللبناني، هي جزء أساسي من استراتيجية “الإرهاب” الحديث الذي يفرض تحديات استراتيجية وهندسية وعملياتية كبيرة، بالنسبة إلى إسرائيل. فالحديث يدور حول عامل يضاعف القوة بالنسبة إلى التنظيم “الإرهابي” الفلسطيني، ويتم دعمه من أكبر موزع سلاح في الشرق الأوسط، وهو ما يغطي على ضعفه، حتى أنه يمنحه بعض التفوق على الجيوش الحديثة.
- وبنظرة واسعة أكثر، فإن المواجهة في الشرق الأوسط، وتحديداً القتال تحت الأرض بين الجيش و”حماس”، يجذب كثيراً من الاهتمام الدولي والأميركي. فهو من جهة، يخدم مصالح إيران وشركائها في “محور الشر”، وبينهم كوريا الشمالية والصين وروسيا وسورية، وأيضاً التنظيمات “الإرهابية” في غزة، بقيادة “حماس” والجهاد الإسلامي، وكذلك حزب الله والميليشيات الشيعية في العراق وسورية. هؤلاء يريدون إلحاق الضرر بإسرائيل، وإشعال الشرق الأوسط كله، والدفع إلى فوضى إقليمية.
- هذا بالإضافة إلى أن حكومة بيونغيانغ، ترى في تدخُّلها غير العلني وتجارة السلاح غير القانوني مع “حماس” وتنظيمات “إرهابية” أُخرى، وأيضاً مع دول مختلفة في الشرق الأوسط، على رأسها إيران وسورية، فرصة للحصول على موارد اقتصادية، والدفع بخطط عسكرية تتحدى الهيمنة الغربية ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
- وأبعد من توسيع النفوذ وتعميق العلاقات، فإن زيادة حجم التصدير العسكري وبيع السلاح يمنحها كثيراً من الأرباح الاقتصادية والاستراتيجية. وهو ما يمكن أن يعزز اقتصادها، ويزيد في سباق التسلح الإقليمي، ويزعزع الاستقرار، ويفاقم التوترات الأمنية في الشرق الأوسط. هذا الوضع يجعل تركيز الولايات المتحدة ينصبّ هنا، ويحول قوتها ومواردها وقواتها العسكرية من آسيا وأوروبا.
الردع الكوري الشمالي
- وفي الوقت نفسه، يشكل القتال في الأنفاق والمعركة ضد “حماس” نموذجاً واضحاً من التحديات العسكرية والعملياتية واللوجستية الكبيرة التي من المتوقع أن تتعامل معها الولايات المتحدة وحلفاؤها، إذا حاولوا اجتياح “الديكتاتوريات المغلقة” في العالم. وليس فقط أن كوريا الشمالية تتجهز على مدار أكثر من 70 عاماً لاجتياح أميركي، بل إن هذه الدولة معروفة أيضاً بمنظومة الأنفاق المحصنة والذكية الأكبر في العالم، وتتضمن مساحات كبيرة في باطن الأرض الجبلية، وضمنها أنفاق هجومية مذهلة.
- في هذه المنظومة الكبيرة الموجودة على الحدود مع كوريا الجنوبية، تم تخزين عدد غير قليل من الأدوات التكنولوجية والعسكرية المتطورة، وضمنها مطارات ومنظومات نووية متنقلة وقواعد عسكرية وأماكن سرية لا يمكن رصدها، أو إحباطها. وفي نظرها، هذه الشبكة الكبيرة من التحصينات تحت الأرض، والتي بُنيت في سنة 1965، بعد نشر 950 رأساً نووياً أميركياً في كوريا الجنوبية، موجهة إليها، هو ما سيمنع الأعداء من مهاجمتها، وهذه المنظومة هي أداة الردع الاستراتيجي الكبيرة التي سيكون من الصعب حتى على الصواريخ الخارقة للتحصينات إصابتها.
- وعلى الرغم من ذلك، ومن السياسة الاستفزازية للقائد كيم جون أون وخطواته المتطرفة والعملياتية، فإنه توجد فروق جوهرية بين ساحات النزاع في أوكرانيا والشرق الأوسط. أمّا بين الكوريتين، فهناك اتفاق عسكري تم توقيعه في سنة 2018، ويفرض قيوداً على حركتهما في المنطقة.
- ردُّ إسرائيل العسكري يشكل تذكيراً لحكومة كوريا الشمالية بالمخاطر الكامنة في أي هجوم تشنه، وهو ما يمكن أن يجعلها تدفع ثمناً كبيراً جداً، كزيادة العقوبات الدولية المفروضة عليها، أو فرض قيود على تزويدها بالسلاح، وذلك عبر منع تصدير مركّبات تكنولوجية وأدوات ومواد أُخرى ضرورية لخططها العسكرية. لا شك في أن الحديث يدور حول السير على خيط رفيع، يمكن أن يكون أيضاً محفزاً يزيد في شهية قائد كوريا الشمالية لفحص الرد الغربي.
سيطرة محور المقاومة
- بنظرة جيوسياسية واسعة، فإن دعم كوريا الشمالية لـ”حماس” ينضم إلى الدعم الإيراني وتقوية علاقات قيادة الحركة مع روسيا ورئيس الكرملين، وهو ما يقوّي التنظيم “الإرهابي”، ويمأسس سيطرته على محور المقاومة، ويزيد في التوترات الأمنية الشاملة في الشرق الأوسط. وهو أيضاً ما يمكن أن يؤثر في خريطة التهديدات والمخاطر الإقليمية، وأيضاً جاهزية “الديكتاتور” كيم جون أون لاتخاذ خطوات استراتيجية، بينها زيادة هجمات السايبر والاختبارات النووية، إلى جانب إطلاق صواريخ باليستية تزيد في حدة التهديد الأمني الكوني.
- وإذا كان هذا غير كافٍ، فإلى جانب تفكيك معايير القانون الدولي، بينها عدم احترام التجارة العسكرية الدولية ومنع انتشار السلاح النووي في العالم، فإن العلاقة بين رئيس الدولة الأكثر عزلةً في العالم وبين “حماس” هي بمثابة “حلف الزعران”. إنه مزيج قاتل بين “نظام ديكتاتوري خطِر وغير متوقع”، مصمم على تغيير “ترتيبات العالم”، وبين تنظيم “إرهابي قاتل” يستخدم جميع الأدوات، ويسعى لمحو إسرائيل من الخريطة.