ٍَالرئيسيةموضوعات وتقارير

بعد نصف سنة، أعضاء العصابة المسؤولة عن أكبر إخفاق في تاريخنا لا يزالون في مناصبهم

بعد نصف سنة، أعضاء العصابة المسؤولة عن أكبر إخفاق في تاريخنا لا يزالون في مناصبهم
المصدر
المؤلف
  • خلال نصف السنة الكابوسية التي مرت علينا، هناك صعود وهبوط، وقد كان هذا وقتاً صعباً إذا لم نقل بائساً بالنسبة إلى القيادة السياسية والعسكرية، وكانت هذه ساعة عظيمة للأمة وللمقاتلين، ومن الصعب أن نجد أمة تنهض من رماد 7 تشرين الأول/أكتوبر، ومن الهزيمة المهينة، ومن هذه السقطة المؤلمة والدموية غير أمتنا، كما أنه من الصعب أن نفكر في جيش ينهض خلال أيام من إحدى أكبر الإخفاقات الكبيرة في تاريخنا وتاريخ الشعوب. ومن حسن حظنا أن لدينا هؤلاء المقاتلين وهؤلاء المواطنين، وكارثتنا تكمن في زعمائنا، وفي جزء من قادتنا.
  • ليست هناك دولة ديمقراطية في العالم تبقى فيها الحكومة على حالها أكثر من أسبوع بعد “مذبحة” 7 تشرين الأول/أكتوبر، أمّا عندنا، فالمجرمون لا يبقون فقط في ساحة الجريمة، بل أيضاً يواصلون إيذاءهم للدولة التي انتخبتهم في مناصبهم، وبعض هؤلاء يستخدمون آلة بث للسموم متطورة ضد العائلات التي جرى التخلي عنها في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وبدلاً من الوقوف إلى جانب عائلات المخطوفين برأس ذليل وخجل، فإن جزءاً من “زعمائنا” يتهم المواطنين الذين تعرضوا “للذبح” بالمسؤولية عن “المذبحة” كلها.
  • ليس هناك كيبوتس كنير عوز للدلالة على الكارثة، فهو كيبوتس صغير مؤلف من 380 شخصاً يعيش في تواضُع في ضواحي غلاف غزة بعيداً عن الوسط، وقريباً جداً من غزة، ويعتاش على الزارعة والري وتربية الأبقار والدواجن. ولدى الكيبوتس مصنع للمواد العازلة التي كنا في حاجة إليها جداً في ذلك الصباح المرعب من بداية الخريف في السنة الماضية. ولأكثر من 20 عاماً، كبر أطفال الكيبوتس في ظل صواريخ القسام، ككل أطفال غلاف غزة، ولم يشتكوا أو يتذمروا، إنما شعروا بأنهم في أمان في محمياتهم الطبيعية الصغيرة المغمورة بالاخضرار والجمال.
  • في 7 تشرين الأول/أكتوبر، اشتعلت النيران في كل هذا، واختلطت بالدم. إن نير عوز رمز “للفظائع” في 7 تشرين الأول/أكتوبر، والمكان الوحيد الذي لم يصل أحد إليه للمساعدة في ذلك الصباح؛ لا شرطي ولا جندي ولا مقاتل ولا ضابط ولا مسعف ولا أي شخص مسؤول؛ لم يأت أحد، إنما احترق الكيبوتس وهو وحيد، وأطفأ سكانه النيران بوسائلهم الخاصة، وكافحوا كي لا يتعرضوا للاختناق، ودفاعاً عن أطفالهم، وللبقاء على قيد الحياة.
  • … ما جرى هو إفلاس للدولة؛ فالأهل والأطفال هم من ناضلوا دفاعاً عن حياتهم داخل الغرف المحصنة المحترقة، وسألوا: “أين الجيش وأين الشرطة وأين الجنود وأين سلاح الجو وأين ’الشاباك‘؟ أين الجميع؟”، لم يأت أحد من هؤلاء إلى هناك، إنما فقط كان هناك “مخربو” النُخبة من “حماس” الذين لم يصدقوا حظهم الجيد… وعند الساعة الثانية بعد الظهر، دخلت إلى نير عوز سيارتان للشرطة بعد فوات الأوان وبتأخير كبير.
  • يجب أن يصبح نير عوز نصباً تذكارياً، ويجب إعادة الازدهار إلى هذا الكيبوتس، أمّا النصب التذكاري، فهو للأجيال المقبلة نصب تذكاري للغطرسة والرضا عن النفس والإهمال والعجرفة.
  • بعد هذا القاع غير المسبوق الذي وصلنا إليه، حدثت الذروة؛ فإن مظاهر البطولة التي جاءت من كل اتجاه لم نشهد مثلها من قبل، فرأينا مقاتلين، وضباطاً، وأفراداً في صفوف التأهب، ومواطنين عاديين، وأفراداً هرعوا إلى المشاركة في القتال من أجل الدفاع وإنقاذ الأرواح، وجزء منهم دفع الثمن من حياته. وهناك التعافي السريع للجيش الذي نجح في قلب الأمور رأساً على عقب، واستخدم القوة بصورة لم تترك مجالاً للشك في ميزان القوى الحقيقي. والمجتمع المدني الذي وجد نفسه عالقاً في الفراغ السياسي المجرم قام بتأهيل نفسه وأقدم وعمل وحقق وساهم وتحول إلى نوع من حكومة مستقلة قادرة مفعمة بطاقة مجنونة لم نر مثلها على وجه الأرض.
  • وكلما اتضح أن الحكومة المنتخَبة ليست سوى أداة فارغة من الانتهازيين والعاجزين، ظهرت القوة الكامنة في نفوس الإسرائيليين أنفسهم، وروح التطوع التي لا حدود لها، والتضحية بالنفس، وظَهَرَ الاحتياطيون الذين تركوا كل شيء وهرعوا إلى الخدمة، والمتقاعدون الذين وقفوا على أبواب القواعد العسكرية…
  • والآن ماذا بعد؟ لا مفر من القول والدعوة إلى الإطاحة الفورية بالعصابة التي سيطرت على هذه الدولة الطيبة، فلو كان هناك شخص وطني حقيقي على رأس هذه الدولة، لكان حدد موعداً متفَقاً عليه للانتخابات منذ وقت طويل، ومنع بذلك أي سبب للاحتجاج، وكان وحّد بهذه الطريقة الشعب وكان قادراً على تشكيل حكومة طوارئ من دون متطرفين حتى بعد الانتخابات.
  • ولو كان هناك مسؤول لديه سقف أخلاقي في رئاسة الدولة، لكان منذ وقت طويل أعطى ممثلي إسرائيل في المفاوضات صلاحيات واسعة النطاق لإعادة الأَسرى، وطلب منهم تحقيق الصفقة، وكان عليه أن يعلم أنه مدين بذلك للمواطنين الذين جرى التخلي عنهم، وهو مدين بذلك للإرث والمبدأ الأساسي الذي قامت عليه دولة اليهود. لكن لا يوجد أحد كهذا.
  • كل ما تبقّى لنا أن نتأكد من ذلك، وإلاّ فإن القاع سيتغلب، وستصبح إسرائيل كلها صورة طبق الأصل عن حكومتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى