أسطول جوي ضخم يتكون من 334 قاذفة قنابل أمريكية من طراز “بي-29″، أقلع من قواعد كانت بنيت حديثا في جزر ماريانا، وأخذ طريقه إلى طوكيو.
في غضون ساعات قليلة، أسقطت الطائرات القاذفة الاستراتيجية الأمريكية 1667 طنا من قنابل النابالم الحارقة على العاصمة اليابانية، ما أسفر عن مقتل حوالي 130000 شخص وإصابة عشرات الآلاف الآخرين في ضربة واحدة.
تلك الضربة الجوية الضخمة توصف بأنها أكبر جريمة قتل جماعي متزامنة في تاريخ الحضارة البشرية، وقد أسقط القاذفات الاستراتيجية الأمريكية 11280 قنبلة على طوكيو من طراز “إم 69″، يحتوي كل منها على 38 من ذخائر النابالم العنقودية.
خلال ساعتين من الجحيم، سقط في المجموع على العاصمة اليابانية 451200 قنبلة نبالم حارقة، وتحولت منازل المدينة الخشبية إلى كتل من اللهب.
قبل ثلاثة أسابيع من الهجوم الياباني المدمر على القاعدة البحرية الأمريكية في بيرل هاربور، قال رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال جورج مارشال في مؤتمر صحفي غير رسمي في 15 نوفمبر عام 1941:” إذا اندلعت الحرب مع اليابانيين بالفعل، فسنقاتل بلا رحمة… سيتم إرسال القاذفات على الفور لإشعال النار في المدن الخشبية في اليابان. لن يكون هناك تردد في قصف المدنيين وسيكون كليا”، وقد سنحت الفرصة بعد أكثر من ثلاث سنوات ونفذ الأمريكيون تهديدهم الدموي ليلة 9-10 مارس 1945.
الغارة الجوية الأمريكية الحارقة تسببت في عاصفة نارية، وصلت درجة الحرارة في مركزها إلى 1000 درجة، ما أدى إلى إذابة قضبان الترام وأعمدة الإنارة، وذابت أجساد الضحايا من المدنيين الذين حوصروا في هذا الجحيم، وكان توهج النار مرئيا على مسافة 300 كيلومتر.
الغارة الأمريكية تسببت في إحراق أكثر من 330 ألف مبنى سكني ومباني تجارية وأخرى عامة على مساحة 41 كيلومترا مربعا بالكامل.
اللافت أن مصانع طوكيو لم تتضرر تقريبا، وذلك لأن الغارة الأمريكية الضخمة استهدفت المناطق السكنية، وليس الصناعية.
الغارة الجوية الأمريكية على طوكيو تركت أكثر من مليون شخص بلا مأوى، ويصف ما حصل المؤرخ الأمريكي جون داور في كتابه “حرب بلا رحمة”، الصادر في عام 198، بقوله: “كانت حرارة النار شديدة لدرجة أن قنوات المياه كانت تغلي في بعض الأماكن، وذابت المعادن، واشتعلت النيران في المباني تلقائيا”.
إدارة شرطة طوكيو ذكرت في تقرير صادر عنها أنه تم جمع 83793 جثة في المدينة بعد القصف، إلا أن هذا الرقم بعيد عن الاكتمال، لأن الغارة الأمريكية الحارقة حولت العديد من الجثث إلى رماد.
الدفاع المدني الياباني أفاد حينها أيضا بمقتل 97 ألف شخص من منتصف الليل إلى صباح 10 مارس في المدينة، وإصابة 125 ألف آخرين بحروق، بما في ذلك 40 ألف كانت إصاباتهم شديدة الخطورة، ولقي العديد من الضحايا مصرعهم في الأيام التالية، لذلك يقدر بعض المؤرخين عدد الضحايا بما يصل إلى 200 ألف قتيل.
مهندس الغارة الأمريكية تلك الجنرال كورتيس ليماي أعد لهذا الجحيم باستحداث تغييرات تكتيكية في تنفيذ الغارات بالطائرات الاستراتيجية القاذفة، لتصيب أهدافها بدقة، حيث أمرت الطائرات بالتحليق ليلا على ارتفاع 7000 قدم بدلا من 30000 قدم، كما نزعت عن قاذفات القنابل التي نفذت الغارة مدافعها الرشاشة لإفساح المجال لمزيد من قنابل النابالم الحارقة.
المؤرخ الأمريكي توماس سيرل امتدح خطة الجنرال لمضاعفة حمولة القاذفات من القنابل بالقول إن ليماي ابتكر “قوة قادرة على إشعال عواصف نارية ضخمة”.
القوات الجوية الأمريكية خسرت في تلك الليلة 27 قاذفة قنابل ثقيلة و270 من أفراد الطواقم. 14 قاذفة أسقطت من قبل مقاتلات يابانية، وفقدت 13 طائرة أخرى، وأصيبت 42 قاذفة قنابل إلا أنها تمكنت من العودة إلى قواعدها، وخلفت وراءها 130000 جثة بعضها تحول إلى هباء، ومدينة محترقة تغلي قنوات المياه فيها ويذوب الحديد.
المصدر
الكاتب:
الموقع : www.alalam.ir
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-03-11 11:03:16
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي