سيئول، 11 مارس (يونهاب) — مع بقاء شهر واحد على انتخابات العاشر من أبريل البرلمانية، تكشف الأحزاب السياسية عن تعهدات انتخابية استرضائية متعددة، وتكثف الجهود لتأمين الأصوات بالمناطق الرئيسية، في الوقت الذي تكشف فيه استطلاعات الرأي الأخيرة عن تحول طفيف لكنه مهم في معدلات التأييد.
تمثل الانتخابات التي تجرى كل 4 سنوات أهمية كبيرة لحزب سلطة الشعب الحاكم، نظرا لأن فشله في تأمين أغلبية المقاعد بالبرلمان المكون من 300 عضو سيضع الرئيس يون سيوك-يول في وضع البطة العرجاء خلال السنوات الثلاث المقبلة المتبقية من ولايته.
وفي إشارة إيجابية للكتلة الحاكمة، أظهرت استبيانات الرأي الأخيرة التي أُجريت على مدى الأسبوعين إلى الثلاثة أسابيع الماضية تعافيا في معدلات تأييد الرئيس، بعد استمرار التقييمات المنخفضة لمدة عام. ويأتي ذلك في ظل مخاوف من أن البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي قد يستمر في عرقلة البنود الرئيسية في سياسات الرئيس.
وفقا لاستبيان أجرته وكالة يونهاب للأنباء وتلفزيون يونهاب الإخباري تم نشره يوم الأربعاء، ارتفعت معدلات تأييد يون إلى 39%، وهو المستوى الأعلى منذ مايو الماضي. وقد تُعزى النتيجة إلى الدعم الشعبي لموقفه الثابت ضد احتجاجات الأطباء المتدربين والمقيمين المطولة على خطة الحكومة لزيادة عدد حصص الالتحاق بكليات الطب.
أظهر الاستبيان كذلك أنه إذا تم إجراء الانتخابات البرلمانية غدا، فسيحصل حزب سلطة الشعب الحاكم على 33% بينما سيحصل الحزب الديمقراطي المعارض على 26%. وفي الوقت الذي تظل فيه معدلات دعم مرشحي حزب سلطة الشعب ثابتة دون تغيير عن نتائج استبيان اُجري قبل شهر، تراجعت معدلات تأييد مرشحي الحزب الديمقراطي بنسبة 9 نقاط مئوية.
وتشير النتائج، التي تقع خارج هامش الخطأ الذي يزيد على أو ينقص عن 3 نقاط مئوية، إلى اتساع الفجوة بين الحزبين المتنافسين، اللذين كان من المتوقع في السابق أن يظل السباق بينهما متقاربا.
يقول المراقبون إن تراجع معدلات تأييد الحزب الديمقراطي يرجع إلى اتساع الخلاف بين أعضائه حول ترشيحات المرشحين، مما أدى إلى رحيل شخصيات مؤثرة. فقد انشق أعضاء الحزب غير المسيطرين الذين تم استبعادهم أو المتضررون من الترشيح، مشيرين إلى المعاملة غير العادلة وزعموا بوجود محاباة للأعضاء الموالين لزعيم الحزب لي جيه-ميونغ.
وقال مسؤول بالحزب الديمقراطي شريطة عدم الكشف عن هويته “قد تكون هناك أسباب مختلفة لانخفاض معدلات التأييد، ولكن داخليا، يبدو أن عدم الرضا عن الترشيحات كان من العوامل المؤثرة”.
ومع ذلك لا يمكن أن يتوقع حزب سلطة الشعب الحاكم تحقيق نصر سهل.
فقد أشار زعيم الحزب هان دونغ-هون بحذر إلى أنه على الرغم من إظهار بعض الاستبيانات تحولا إيجابيا لصالح الحزب فإنه لا يزال يتخلف عن الحزب الديمقراطي.
وفي خطوة واضحة لحشد الدعم من الناخبين، تطرح الأحزاب المتنافسة والأحزاب الصغيرة التي انطلقت مؤخرا، سلسلة من التعهدات الانتخابية التي تتمحور حول حل القضايا الأكثر إلحاحا بما يشمل معدلات المواليد المنخفضة للغاية وخطط التجديد الحضري الباهظة.
كشف كل من الحزب الحاكم والحزب المعارض الرئيسي عن مقترحات لحل أزمة انخفاض معدل الخصوبة في البلاد، الذي سجل مستوى قياسيا جديدا بلغ 0.65 في الربع الأخير من العام الماضي. فاقترح الحزب الحاكم مجموعة من التعهدات تتمحور حول تعزيز بيئة أفضل لتربية الأطفال، بما في ذلك إدخال نظام جديد لإجازة رعاية الأطفال، ما يسمح للوالدين بطلب إجازة مدفوعة الأجر تصل إلى 5 أيام سنويا في حالة مرض الأطفال.
واقترح الحزب الديمقراطي إعانات نقدية وامتيازات مختلفة تهدف إلى التشجيع على الزواج والإنجاب، بالإضافة إلى تعهدات بتوفير منازل عامة للإيجار مجانا للأزواج الذين لديهم طفلان أو أكثر.
وعلى الرغم من الاختلافات في أسلوب التعامل مع القضايا الرئيسية، يبدو أن كلا الطرفين يتقاسمان رؤية مشتركة حول إعمار المناطق غير المُطورة. فقد تعهد الحزبان بنقل خطوط السكك الحديدة الحالية تحت الأرض في المدن الرئيسية وتطوير المنطقة التي تم إنشاؤها حديثا.
لكن النقاد أثاروا مخاوف بشأن الجدوى المالية للخطط.
وقال لي كوانغ-جيه الأمين العام لمركز البيان الكوري، وهي مجموعة سياسية مدنية: “لم نر قط وعوداً انتخابية تتمحور حول خطط إعادة تنمية ضخمة”.
ومن ناحية أخرى، سعت الأحزاب الصغيرة المشكلة حديثاً إلى تمييز نفسها باستراتيجيات مبتكرة وسط معدلات تأييد منخفضة.
فوفقا لاستبيان يونهاب، بلغ معدل تأييد “حزب الابتكار الكوري”، الذي أسسه جو كوك، وزير العدل السابق المتورط في عدة فضائح 3%، ويليه حزب الإصلاح الجديد بنسبة 2%، وحزب المستقبل الجديد (سيهميريه) الذي أسسه رئيس الوزراء السابق المنشق عن الحزب الديمقراطي 1%.
كشف حزب الإصلاح الجديد عن سلسلة من التعهدات بهدف جذب الشباب، الذين يُعتبرون من الأصوات المتأرجحة. واقترح زعيم الحزب لي جون-سيوك إلغاء نظام ركوب مترو الأنفاق مجانا لكبار السن الذي تزيد أعمارهم على 65 عاما وأعرب عن استعداده لبدء مناقشات حول حقوق الإجهاض إذا نجح حزبه في الحصول على أغلبية في الانتخابات المقبلة.
واقترح حزب المستقبل الجديد إصلاحات لنظام التجنيد العسكري. فاقترح “لي” رفع نسبة المتطوعين كحل لتراجع القوة البشرية العسكرية في البلاد.
وقال شين يول، الأستاذ في جامعة ميونغجي “أعتقد أنه من المهم معرفة قدر الأموال التي سيتم إنفاقها، ومن أين يخططون لجمع الأموال. إذا طرحوا خططا بعيدة المنال فهذا لا يتخطى كونه خطابا شعوبيا”.
ولكن لا تزال الآراء منقسمة حول ما إذا كانت الأحزاب الجديدة ستظهر “كحل بديل” على ساحة السياسة المحلية، لفشلها في تشكيل حزب “خيمة كبيرة”. فقد انقسم حزبا “لي جون-سيوك” و”لي ناك-يون” بعد 11 يوما وحسب من اندماجهما، لاختلاف زعيمي الحزبين حول قائد الحملة الانتخابية وأنشطة صنع السياسات.
ويرى المراقبون أن دوائر سيئول الانتخابية الـ48 ستكون ساحات المنافسة الرئيسية التي ستحدد نتيجة الانتخابات. وتشير البيانات إلى أن نتائج التصويت في سيئول غالبا ما تعكس النتيجة الكلية.
ففي انتخابات 2020 البرلمانية السابقة كسب الحزب الديمقراطي الحاكم آنذاك 41 مقعدا من 49 مقعدا، بينما حصل حزب سلطة الشعب الحاكم الذي حمل اسم “المستقبل الموحد” آنذاك 8 مقاعد وحسب في سيئول. وفي النهاية حقق الحزب الديمقراطي انتصارا ساحقا بسيطرته على 180 مقعدا من أصل 300 مقعد.
وفي انتخابات 2016، فاز الحزب الديمقراطي بـ35 مقعدا بنيما حصل حزب سلطة الشعب الذي حمل اسم “سينوري” آنذاك على 12 مقعدا، ما أدى إلى منافسة شديدة بين الحزبين ولكنها انتهت بفوز للحزب الديمقراطي.
يشير المراقبون إلى أن التوجه السياسي في سيئول يميل إلى التباين بناء على القضايا الحالية ولا يستمر على نهج معين، ما يجعلها منطقة يتمتع فيها الرأي العام بنفوذ كبير على نتائج الانتخابات.
كما تعد منطقة غيهيانغ-بي في إنتشون غرب سيئول دائرة انتخابية هامة، حيث يواجه قائد الحزب الديمقراطي “لي” “وون هي-ريونغ” الذي شغل منصب وزير الأراضي سابقا.
وعلى الرغم من أن حزب سلطة الشعب يتوقع تنافسا متقاربا، إلا أن المنطقة تعتبر تقليديًا معقلا للحزب الديمقراطي، بعد أن سجل بها فوزا في سبع انتخابات متتالية، باستثناء الانتخابات التكميلية في عام 2010.
هذا وسيتم تسجيل المرشحين على مدار يومين بدءًا من 21 مارس، على أن تبدأ الحملة الانتخابية رسميا في 28 مارس. ومن المقرر ان يستمر التصويت في الخارج ما بين يومي 27 مارس إلى 1 أبريل، مع بدء التصويت المبكر في الخامس من أبريل ولمدة يومين.
ستتشكل الجمعية الوطنية من 243 مقعدا يتم التنافس عليها بشكل مباشر و57 مقعد تمثيل نسبي سيتم توزيعها على الأحزاب على أساس إجمالي عدد الأصوات التي تحصل عليها.
(انتهى)
heal@yna.co.kr
المصدر
الكاتب:
الموقع : ar.yna.co.kr
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-03-11 16:34:30
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي