انتخب برلمان باكستان رئيس الوزراء بعد أداء القسم من النواب وانتخاب رئيس البرلمان. ومن الواضح أن الخطوة التالية هي تشكيل الحكومة وبدء الحكومة لمدة خمس سنوات. وبحسب إعلان لجنة الانتخابات الباكستانية، فإنه من بين 266 مقعدا في البرلمان الوطني، حصل أنصار حزب تحريك الإنصاف الذي يقبع زعيمه عمران خان في السجن وحرمان الحزب من رمزه الانتخابي، وقد شارك في الانتخابات بصفة مستقلة؛ حصل على 90 مقعدا، بينما حصل حزب الرابطة الإسلامية نواز على 75 مقعدا، وحزب الشعب على 54 مقعدا. أما المقاعد الأخرى فقد احتلتها أحزاب صغيرة ومستقلون.
في جلسته، وافق البرلمان الوطني الباكستاني، بأغلبية 201 صوتا لشهباز شريف مقابل 92 صوتا لأيوب عمر، أحد أنصار حزب تحريك الإنصاف الذي يتزعمه عمران خان، على إسناد مسؤولية رئيس الوزراء إلى شهباز شريف باعتباره رئيس الوزراء الرابع والعشرين لباكستان.
وأشرفت مؤسسة تسمى لجنة الانتخابات على الانتخابات في باكستان وقامت بتنفيذها. تعتبر لجنة الانتخابات الباكستانية إحدى المؤسسات الدستورية المسؤولة عن إجراء انتخابات آمنة، وتتكون هذه المؤسسة من 5 أعضاء، وهم رئيس اللجنة و4 أعضاء آخرين جميعهم من القضاة المتقاعدين رفيعي المستوى، منهم 4 أشخاص من كل من المحاكم العليا للولايات الأربع، ويتم انتخابهم لمدة 3 سنوات. ويتم تقديم أعضاء هذه اللجنة من قبل رئيس الوزراء وأحزاب المعارضة ويعينهم الرئيس.
ومن المثير للاهتمام أنه في نهاية فترة ولاية الحكومة البالغة 5 سنوات، وتحت إشراف لجنة الانتخابات، تستقيل الحكومة المركزية وحكومات الولايات، وبالتنسيق مع الحزب الحاكم والمعارضة، ويتم تعيين رئيس وزراء مؤقت ويتم انتخابه لمدة ثلاثة أشهر في العاصمة الذي سيشكل حكومة مؤقتة.
تنطبق هذه القاعدة أيضا على الولايات ويتم تعيين رئيس الوزراء في 4 ولايات. والغرض الرئيس لهذه الحكومة المؤقتة في المركز والولايات هو منع تدخل شخص أو حزب معين في الانتخابات. ويتم حل الحكومة المؤقتة في المركز والولايات فور إجراء الانتخابات وتحديد الحزب الحاكم، وتتولى الحكومة المنتخبة في المركز والولايات (مفردة أو مشتركة).
وفي الواقع فإن الانتخابات مصطلح وكلمة مشتقة من الديمقراطية البرلمانية الأوروبية، ونتيجة للاستعمار البريطاني في شبه القارة الهندية اكتسبتها هذه الدول، وخاصة الهند وباكستان.
ظاهرة الإنتخابات
إن ظاهرة الانتخابات هي نتيجة تجربة أوروبا بعد العصور الوسطى وانتصار إرادة الشعب على الحكومات الاستبدادية في أوروبا. ومن أجل منع عودة الحكومات الاستبدادية، منع المثقفون الأوروبيون أسباب تكرار هذه الظاهرة الشريرة من خلال تعريف وتفسير الفصل بين السلطات وإقامة الديمقراطية البرلمانية بعناصر مثل نظام التعددية الحزبية وحرية الإعلام والصحافة وتحديد مدة النواب ورؤساء البلد وفي الواقع وضع البرلمان على رأس شؤون البلاد.
في هذا النظام الحكومي، تتولى إرادة الشعب وتبلورها من خلال الأحزاب السياسية السلطة في البلاد، ويكون رئيس الوزراء والوزراء مسؤولين أمام البرلمان. البرلمان هو بلورة سلطة الشعب. من حق مجلس النواب التصويت على سحب الثقة من رئيس الوزراء والحكومة القائمة، وفي النهاية لا سلطة فوق مجلس النواب. الانتخابات هي حزمة تجد معنى في سياقها حيث أن الفصل بين السلطات وحرية الأحزاب وحرية الإعلام والهياكل القانونية والمجتمع المدني هي أجزاء لا يتجزأ من هذا السياق للديمقراطية.
العملية الانتخابية في باكستان
تظهر مراجعة ومتابعة العملية الانتخابية في باكستان أن هذا البلد يتمتع ببنية تحتية مدنية قوية للغاية بين الدول الإسلامية، وهذا الهيكل جعل باكستان في مأمن من موجات مثل الربيع العربي أو حتى الخصومات والعداء بين الكتل السياسية الداخلية. ويتم احتواء الأزمات الداخلية بطريقة قانونية ووضعها في المسار القانوني. ونتيجة لذلك تتمتع باكستان بمؤسسات ديمقراطية برلمانية، وتشهد انتخابات وليس عرضا انتخابيا.
ووفقا لاستطلاع أجرته شركة الأبحاث العالمية IPSOS، يعتقد 54% من الباكستانيين أن الانتخابات الأخيرة كانت شفافة وحرة. إضافة إلى قبول نتيجة الانتخابات وعملية تشكيل الحكومة رغم إرادة المعارضين السياسيين والخاسرين في الانتخابات، والتزام الجيش بنتيجة الانتخابات وعدم تدخلهم في عملية ما بعد الانتخابات، ولا يسمح للمجتمع الباكستاني والمؤسسة العسكرية ولجنة الانتخابات الباكستانية بالدخول بالزي العسكري، ويمنح العسكريين في الانتخابات والمراحل التي تليها، وهذه هي إحدى السمات الأخرى لهذه العملية في باكستان.
ورغم المشاكل الاقتصادية والأمنية في ظل الديمقراطية البرلمانية ووجود حرية الأحزاب والإعلام وغيرها من معايير الديمقراطية، أظهرت باكستان بانتخاباتها، رغم كل التقلبات والإشاعات، أعلى بدرجات من الدول الإسلامية في مجال الديمقراطية البرلمانية.
وفي كل الأحوال فإن الانتخابات ككل في سياق مناسب تعبر وتمثل إرادة الشعب وقوته التي تمثلها الديمقراطية البرلمانية تمثيلا واضحا، والتعامل المجرد مع ظاهرة الانتخابات وتحويلها إلى وعاء فارغ يحرمها من الكفاءة اللازمة ولا يكون سوى عرض للانتخابات. إن معظم دول العالم الثالث التي تطالب بالديمقراطية والانتخابات الحرة يجب عليها إما أن تعترف بقبولها الانتخابات بكل مستلزماتها أو أن تعلن معارضتها للانتخابات علنا وبشكل واضح.
المصدر: موقع جماران
————————
المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–
النهاية
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-03-08 05:58:43
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي