ٍَالرئيسية

الإنسانية دُفنت تحت أنقاض غزة

شفقنا – بعدما كان قطاع غزة، يعج بالسكان والمباني، تحول اليوم إلى ركام ودمار ترقد تحت أنقاضه الإنسانية والقانون الدولي الإنساني الذي أصبح كناية عن تجريد العالم من إنسانيته.

ولا بد من القول أن الإنسانية خذلت الناس الأبرياء والعزل في غزة، وأظهرت حكومة بنيامين نتنياهو من خلال أفعالها وأقوالها أن العمل العسكري في غزة ليس له حدود أخلاقية أو قانونية.

ومع أن القانون الإنساني الدولي وُضع لمواجهة فظائع الجرائم الجماعية، فإنه ظل عاجزا عن وقف الجرائم التي ترتكبت الان في غزة على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي كما أنه لم يمنع جرائم الاحتلال الاسرائيلي، لأن استهزاء الزعماء السياسيين، وجنون الطغاة العظماء، جعل منه ورقة يحبون التوقيع عليها ليدوسوها تحت أقدامهم بعد ذلك.

وهكذا سقط القانون الدولي تحت أنقاض غزة وهو يتألم بعد أن بلغ “إضفاء الطابع الحيواني” على السكان المدنيين في قطاع غزة من قبل وزير دفاع بنيامين نتنياهو، قمة التقول بتجريد السكان من إنسانيتهم لتشريع ضربهم أو قتلهم.

وعلى هذا الأساس، فإن الكرامة التي تشكل جوهر الإنسان وعالميته، تُهدم دون أن يتأثر من ينبغي أن يكونوا حراسها، إذ تعتبر إسرائيل أن القانون عندما يحمي الآخرين، يعد عائقا أمام ما تريده.

إذن فان النفاق وازدواجية الزعماء وأصدقائهم التجار وسماسرة السلاح، عجل بوصول القانون الإنساني إلى نهايته، كما أن الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وبتشجيعها ودعمها التام لإسرائيل، قد أضرت بالقيم المشتركة للإنسانية.

وقد ندد أحرار العالم والكثير من المنظمات الدولية والإنسانية بانتهاكات القانون الإنساني الدولي وانتهاكات حماية المدنيين في غزة، واصفين عدد القتلى المدنيين في القطاع بأنه “غير مسبوق”.

وقد شهدنا خلال الأشهر الخمسة الأخيرة استشهاد آلاف الأطفال والنساء والرجال الأبرياء، منذ أن شن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت لحد الان أكثر من 30  ألف شهيد، ، فضلا عن أكثر من 70 ألف مصاب، 75% منهم أطفال ونساء.

ويقول رامي عبدو رئيس المرصد الأوروبي متوسطي لحقوق الانسان ومقره في جنيف أن إسرائيل ارتكبت في قطاع غزة طيفا واسعا من الانتهاكات والجرائم، “ولا أعتقد أنه يوجد مكان في هذا العالم شهد مثل هذه الجرائم من حيث الكم والتنوع، ونستطيع أن نجزم بشكل قاطع أن إسرائيل ارتكبت جرائم إبادة جماعية، وهذه الإبادة من حيث تعريفها تتضمن مفردات أساسية، 3 من هذه المفردات الواضحة قامت إسرائيل بتنفيذها، وفي مقدمها عمليات القتل الجماعي، وشهدنا من هذه العمليات الاستهداف المباشر لتجمعات المدنيين، ليس فقط في شمال القطاع، بل في كل أرجائه شمالا وجنوبا.”

والمفردة الثانية من مفردات الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، عبر ممارسة سياسة التجويع والتعطيش لسكان القطاع بشكل متعمد ومعلن، من خلال وقف إمدادات الغذاء والمياه كليا لمناطق شمال القطاع، وكميات شحيحة سمحت بمرورها وجاءت في وقت متأخر لسكان جنوب القطاع، إضافة إلى منع إمدادات الوقود، الذي يُعتمد عليه لتشغيل المستشفيات والمرافق الحيوية.

ولم تكتف بذلك، بل استهدفت بشكل مباشر كل سبل الحياة في كل قطاع غزة، وعلى وجه الخصوص في مدينة غزة وشمالها، كالمخابز، ومطحنة الدقيق الوحيدة، ومحطات معالجة المياه وخزانات المياه، والأراضي الزراعية.

وهذا يقودنا إلى المفردة الثالثة من الإبادة الجماعية، وهي عمليات التهجير القسري سواء من مدينة غزة وشمال القطاع نحو جنوبه، أو حتى تهجير السكان من منازلهم داخل المدينة الواحدة، سواء جراء القصف أو بناء على توجيهات وإنذارات.

وبالتالي، وبشكل جازم مارست إسرائيل الإبادة الجماعية، مما نتج عنها هذا العدد الكبير من الضحايا. وهناك المئات لا يزالون تحت الأنقاض.

إن القانون الدولي الإنساني في كل مواثيقه يؤكد عدم استهداف المنشآت المدنية، وعدم استهداف أسس الحياة بما فيها المستشفيات، واتفاقية جنيف الرابعة في مادتيها 18 و19، حددت بشكل لا لبس فيه عدم جواز استهداف المستشفيات بأي حال من الأحوال.

لكن ما فعلته إسرائيل ربما لم يتوقعه القانون الدولي الإنساني وهو أن تقتحم قوات عسكرية المستشفيات وتقتل المرضى وتحاصر المستشفيات وتنتهج التجويع ضد من فيها، وتدمرها، وتستخدم الأطباء والمرضى دروعا بشرية، هذا ما فعلته إسرائيل مثلا في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، ما معناه أن استهداف المستشفيات جاء في إطار سياسة إسرائيل لتدمير أسس الحياة في غزة.

لقد أثبتت إسرائيل أنها لا تريد أي مظهر من مظاهر الحياة في شمال قطاع غزة، وتعتقد أن المستشفيات جزء من قطاع الخدمات للسكان، وتريد إيصال رسالة واضحة للسكان أنه حتى المستشفيات في حال توجهتم إليها إذا مرضتم أو جرحتم أو تعرضتم لأي أذى، فإنها لم تعد تعمل، وتهدف من وراء ذلك إلى دفع الناس للنزوح الإجباري عن مناطق شمال القطاع.

ويمر الان أكثر من شهرين على قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 26 يناير/كانون الثاني وتضمن أوامر لإسرائيل باتخاذ جميع التدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ومنع ومعاقبة التحريض المباشر والعلني على جريمة الإبادة الجماعية والقيام بخطوات فورية وفعالة لضمان توفير المساعدة الإنسانية للمدنيين في غزة. لكن أي شيء لم يحدث، لا اسرائيل كفت عن ممارساتها الإجرامية ضد المدنيين الأبرياء ولا سمحت بدخول ما يكفي من المساعدات الانسانية للمدنيين في غزة، ولم يحرك العالم ساكنا لردع اسرائيل المدعومة كليا من أمريكا ومنعها من الاستمرار في أعمال الإبادة الجماعية ضد أهالي غزة.

انتهى

المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-03-06 08:50:25
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى