ٍَالرئيسية

لماذا تدعم إيرلندا بشكل خاص القضية الفلسطينية ؟

شفقنا- يثير موقف جمهورية إيرلندا من قضايا الشعوب التي تقبع تحت الإحتلال الأجنبي والتي تناضل من أجل الإستقلال تساؤولات في اوساط المتابعين للشؤون الدولية وينطبق السؤال بصفة خاصة على القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية.

ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، اتخذت الحكومة الأيرلندية موقفاً مناصراً للشعب الفلسطيني، ومندداً بجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في حقه، فيما قاد الشعب الأيرلندي مظاهرات تضامنية مع نظيره الفلسطيني، مطالباً بوقف المجازر التي يقترفها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتعد دبلن أكبر داعم لفلسطين في أوروبا، واستخدمت دخولها الاتحاد أداةً للدفاع عن الفلسطينيين داخل المجلس والبرلمان الأوروبيين. ويُجمع محللون على أن أسباب تضامن الأيرلنديين مع الفلسطينيين، عائد لاشتراك الشعبين في معاناة الاستعمار.

التشابه التاريخ

بحسب “فورين بوليسي”، بدأ الدعم الأيرلندي لفلسطين في التشكل، عندما وجد الأيرلنديون أوجه الشبه بين السياسات الإسرائيلية في فلسطين، وما حدث معهم من قبل بريطانيا، إذ تم ضمها إلى بريطانيا عام 1801 بموجب قانون الوحدة لعام 1800، وعندها فقدت “دبلن” برلمانها ووجدت نفسها تحت أوامر برلمان “العاصمة لندن”، لتستمر معارضة القوميون الأيرلنديون، لقانون الوحدة.

المجزرة الأكبر التي يتذكرها الأيرلنديون وقعت بعد تمرد عيد الفصح 24 ابريل 1916، عندما سيطر قادة التمرد وعلى رأسهم باتريك بيرس، بمساعدة أتباعهم على مبانٍ حساسة بالعاصمة دبلن، معلنًا استقلال أيرلندا رسميًا عن بريطانيا، مؤكدًا تشكيل حكومة أيرلندية مستقلة، ووقتها أعلنت بريطانيا حالة الطوارئ، وعقب معارك استمرت 6 أيام، قضت القوات البريطانية على تمرد عيد الفصح الذي انتهى بمقتل وإصابة 2500 شخص معظمهم من المدنيين.

وعقب التمرد أعدمت بريطانيا 15 قائدًا من قادة التمرد، واعتلقت نحو 3 آلاف مشتبه فيهم، بينهم 1800 تم سجنهم قسريًا دون محاكمة في السجون الإنجليزية.

وعلى خلفية ما حدث معهم رأى الأيرلنديون أن إسرائيل أشبه بمستعمرة أنشأتها قوة السلاح البريطانية بشكل غير شرعي، وتسعى للسيطرة على الأرض والسكان الأصليين، بحسب “فورين بوليسي”.

ويرى الكاتب باتريك كوبرن في مقال بصحيفة الإندبندنت، إن أبرز أوجه الشبه المهمة بين أيرلندا الشمالية آنذاك وإسرائيل وغزة اليوم، أنه في الحالتين، تستخدم القوة العسكرية المفرطة، لمحاولة حل المشاكل السياسية التي لتم تنجح إلا في مفاقمتها”.

القوة المفرطة

ويرى أن التشابه يتجاوز الاستخدام المبالغ فيه وغير المنتج للتفوق العسكري لحل مشاكل سياسية، مضيفًا: “يحتوي البلدان على مجتمعين متعاديين متساويين في الحجم تقريبًا يعيشان متشابكين في مكان صغير”.

وقال إن الحكومة البريطانية أخطأت في أيرلندا الشمالية، عام 1971 عندما استخدمت الجيش البريطاني لدعم “الدولة البرتقالية”، ليصبح على الكاثوليك أن يقبلوا وضعًا من الدرجة الثانية في دولة يديرها “البروتستانت”، وقال إنه أمر لن يفعله الكاثوليك أبدًا بغض النظر على قبولهم أو رفضهم للقوة الجسدية، مشيرًا إلى أن حكومة بريطانيا فهمت ذلك بعد 30 عامًا، عندما جرى التوصل إلى اتفاقية الجمعة العظيمة 1998 التي تقاسمت السلطة بين مجتمعين لهويتين وثقافة وولاءات مختلفة تمامًا.

ويرى الكاتب أنه من الجيد التفكير في حدوث العملية نفسها عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وفلسطين، مشيرًا إلى أن ما يكبح وجود أي حل وسط، هو أن ميزان القوى يبدو بأغلبية ساحقة لصالح إسرائيل، وبالتالي لا تشعر بالحاجة إلى التنازل، لتفوقها العسكري، ودعم الولايات المتحدة الأمريكية.

وبحسب “فورين بوليسي”، احتلت القضية الفلسطينية منذ فترة طويلة مكانًا في الوعي الأيرلندي أكبر بكثير مما تستحقه الاعتبارات الجغرافية والاقتصادية والسياسية، إذ ألهمت أوجه التشابه الملموسة مع التجربة الوطنية الأيرلندية ارتباطًا عاطفيًا بفلسطين، وهو ما ألهم النشاط الأيرلندي في المنطقة حتى يومنا هذا”.

تسوية الصراع في فلسطين

وفي 1969 وأمام مجلس النواب بالبرلمان الأيرلندي، وصف وزير الخارجية فرانك أيكن، تسوية الصراع في فلسطين بأنه “الهدف الرئيسي والأكثر الحاحًا لسياسة أيرلندا في الشرق الوسط”، مؤكدًا أنه لن يكون هناك سلام دون إعادة أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم والتعويض الكامل، وليس فقط فكرة إعادة التوطين.

ومنذ انضمام أيرلندا للاتحاد الأوروبي في 1973 أخذت الحكومات المتعاقبة في دبلن زمام المبادرة لمناصرة القضية داخل أوروبا، وكانت أول عضو يدعو لإنشاء دولة فلسطينية في 1980، وكانت آخر دولة سمحت لإسرائيل بفتح سفارة في ديسمبر 1993.

وفي السياق أشار تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إلى أن إيرلندا تعتبر من الداعمين للمدنيين الفلسطينيين بشكل خاص وهو ما يعتبره الكثيرون نتاجا لتاريخ مشترك للاستعمار البريطاني، وتجربة صراع صادم وعصي على الحل، والذي انتهى في حالة إيرلندا مع اتفاق “الجمعة العظيمة”، عام 1998. وفي هذا التقرير تقول أستاذة التاريخ في جامعة دبلن، جين أولماير، إن “وضع إيرلندا كمستعمرة بريطانية سابقة شكّل بلا شك كيفية تعامل الناس في البلاد مع صراعات ما بعد الاستعمار”. وأضافت أن هذا “التاريخ يميز إيرلندا عن عدد من الدول الأخرى في أوروبا الغربية، والتي كان العديد منها في حد ذاتها قوى استعمارية، بما يمنحها أرضية مشتركة مع الفلسطينيين”.

وأعاد التقرير التذكير بتاريخ ما حدث بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، إذ منحت بريطانيا نفسها السيطرة الإدارية على فلسطين، وكان وزير الخارجية البريطاني آنذالك أرثر بلفور الذي كان معروفا بقمعه الوحشي لمطالب إيرلندا بالاستقلال. وأعلن بلفور دعم بلاده لـ”إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين عام 1917″ والذي يصبح يعرف باسم “وعد بلفور”. وبعد بضع سنوات منحت بريطانيا الاستقلال لجزء من جزيرة إيرلندا، لكنها احتفظت بالمقاطعات التي تشكل إيرلندا الشمالية. وقالت الأكاديمية أولماير إن التشريع البريطاني لإيرلندا استخدمته في التقسيمات للمستعمرات البريطانية الأخرى، بما في ذلك في الهند وباكستان والأراضي الفلسطينية.

وتدعم إيرلندا مثل بقية أوروبا خيار حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وحثت قادة الجانبين لتبني هذا السيناريو، إلا أن علاقتها مع إسرائيل توترت في الأسابيع التي تلت 7 أكتوبر، بحسب الصحيفة. وأعلنت الحكومة الإيرلندية أكتوبر أنها ستقدم مساعدات إنسانية إضافية للفلسطينيين بقيمة 13 مليون يورو، مع تكرار مطالبتهم بوقف لإطلاق النار. وتضاف هذه المساعدات إلى 16 مليون يورو مرصودة أساسا لإعانة الفلسطينيين خلال العام الجاري في إطار برنامج المساعدات الإيرلندي، ستصرف عبر وكالات الأمم المتحدة.

المصادر:مواقع وصحف

النهایة

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-03-05 02:35:04
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى