ٍَالرئيسية

المجاعة في غزة والتقاعس العالمي

شفقنا-لا شك أن العالم يشهد أبشع أنواع الإبادة الجماعية في غزة في التاريخ الحديث على يد إسرائيل بأساليب مختلفة وسط صمت الحكومات وتقاعسها، وخاصة الحكومات الإسلامية.

بصرف النظر عن القصف المكثف للمناطق المحتلة، والهجمات المستمرة والمتكررة على المناطق المدنية والحصار الإقليمي، فإن غزة هي واحدة من أسوأ أنواع الأزمات، أي أزمة جوع مفروضة وكارثة من صنع الإنسان بالكامل ناجمة عن سياسات إسرائيل اللاإنسانية لتجويع المدنيين وابقاءهم في العذاب والألم. إن المساعدات القليلة إلى غزة لم توقف تفاقم الجوع والمجاعة، إذ تتحدث المصادر الاخبارية والمؤسسات الدولية عن انتشار الكارثة.

وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء إن إسرائيل تستخدم الجوع كسلاح في غزة، وبحسب تقرير برنامج الغذاء العالمي فإن خطر المجاعة في غزة يتزايد.

إن المأساة الإنسانية التي يعيشها سكان قطاع غزة نتيجة لاستمرار القصف المكثف الذي تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلية، والذي أدى حتى الآن إلى مقتل نحو ثلاثين ألف فلسطيني وإصابة حوالي سبعين ألف شخصا، قد تفاقمت من خلال إجبار الناس على الموت جوعا.

إن قطع المساعدات الطبية والمياه والغذاء والوقود والكهرباء هي إحدى المشاكل الرئيسية التي يعاني منها سكان غزة، والتي أعلنت عنها السلطات الإسرائيلية ونفذتها منذ اليوم الأول بعد طوفان الأقصى. وأدت الهجمات الإسرائيلية على المخابز والمتاجر ومراكز التسوق ومستودعات المواد الغذائية وطرق إيصال المساعدات الإنسانية إلى تفاقم الكارثة الإنسانية.

وإلى جانب التدمير الواسع النطاق لمختلف المراكز والبنى التحتية، والحرمان من الغذاء وغيره من أساسيات الحياة مثل الدواء والمياه النظيفة والمأوى، فقد جعلت إسرائيل سكان غزة في مختلف المآزق وتسببت في انعدام الأمن في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك انعدام الأمن الغذائي. لمن يعانون من القصف وينجون من الهجمات العسكرية.

سياسة التجويع الجماعي

وتستخدم إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 سياسة التجويع الجماعي لكسر مقاومة أهل غزة وإجبارهم على الاستسلام، بالتوازي مع الهجمات الواسعة على غزة.

ورغم أن أهل غزة كانوا تحت الحصار قبل 7 أكتوبر، إلا أنهم اليوم يواجهون أشد أزمة الجوع وانعدام الأمن الغذائي. لم تكن حالة مماثلة لشدة وسرعة الجوع لدى سكان غزة في العقود الأخيرة. وفي الوقت نفسه، فإن حالة الرضع والأطفال الصغار والنساء الحوامل والأمهات المرضعات أكثر مأساوية.

قبل 7 أكتوبر وبدء الحرب، كانت تدخل إلى قطاع غزة يوميا نحو 500 شاحنة محملة بالبضائع التجارية. وبعد بدء الحرب أُغلقت المعابر وتوقفت المساعدات. وفي ظل الضغوط الدولية، بلغ متوسط ​​عدد الشاحنات التي تدخل غزة في الآونة الأخيرة حوالي 100 مركبة يوميا -أي خمس ما كان يدخل غزة يوميا قبل 7 أكتوبر، وهو ما لم يكن كافيا حتى ذلك الحين. بالإضافة إلى ذلك، وباستثناء القصف والهجوم الإسرائيلي على أكثر من ثلث الأراضي الزراعية في غزة والأضرار التي لحقت بها، فقد تضرر إنتاج الغذاء على المدى الطويل بسبب انقطاع موسم الزراعة.

لقد تم تدمير جزء كبير من الأراضي الزراعية الخصبة في غزة، وتوقف الإنتاج الزراعي والحيواني وصيد الأسماك تقريبا بسبب القصف. لقد تم قصف معظم المخابز، والقليل الذي بقي غير قادر على إعداد الخبز بسبب نقص الدقيق أو الوقود.

وعلى الرغم من تغيير سكان غزة أسلوب حياتهم من أجل البقاء، إلا أن القصة لا تزال قائمة. بسبب نقص الوقود والغذاء واستحالة إرسال ما يكفي من المساعدات الإنسانية الدولية، والمواد الغذائية الخام، صارت حالات مثل تناول المواد غير الغذائية، والقضاء على عدد الوجبات اليومية، وجوع الآباء لإطعام أطفالهم بالحد الأدنى؛ الطرق التقليدية لتحمل واستمرار الحياة.

بالإضافة إلى ذلك، وبسبب عدم وجود حليب صناعي للأطفال أو جوع الأمهات، تضطر الأمهات إلى استخدام الأطعمة الصلبة مثل البسكويت المطحون لإطعام أطفالهن؛ الطرق التي ستظهر أضرارا جسيمة في المستقبل. وبهذه الطريقة، يتعرض اليوم جميع سكان غزة تقريبا، وفي أي عمر، للجوع وسوء التغذية، وإضعاف جهاز المناعة والتعرض الخطير للإصابة بالأمراض المختلفة، ولا يأتي يوم إلا وينشر خبر وفاة طفل ولا يُنشر رضيع أو بالغ بسبب الجوع.

أزمة الغذاء في قطاع غزة

حذرت منظمة الأغذية التابعة للأمم المتحدة (الفاو) من ارتفاع مستوى سوء التغذية نتيجة أزمة الغذاء في قطاع غزة، وأكدت أن 79% من سكان غزة يعيشون في حالة طوارئ. من ناحية أخرى، اعتبرت منظمة اليونيسيف قطاع غزة أخطر مكان في العالم على الأطفال، وأعلنت أن الأطفال في هذه المنطقة محرومون من 90% من حاجتهم الطبيعية للمياه.

في عام 1986، أعلنت الأمم المتحدة أن الأمن الغذائي هو حصول جميع الناس على ما يكفي من الغذاء في جميع الأوقات للحفاظ على صحة الجسم. وبناء على ذلك فإن توفير الغذاء والحصول عليه والاستقرار في تلقي الغذاء يعتبر من الركائز الأساسية للأمن الغذائي أو المناعة. إن ما يجري في غزة هو مؤشر على غياب المكونات الثلاثة ورمز كامل لانعدام الأمن وانعدام الأمن الغذائي.

بناء على تصنيف المستويات المختلفة للأمن الغذائي المتكامل (IPC)، مرجع الأمن الغذائي في العالم، يمكن دراسة شدة انعدام الأمن الغذائي على المستويات مختلفة ومنها الحد الأدنى أو لا شيء ومعرض للضغط والأزمة والطوارئ والكارثة أو المجاعة

وحذرت الأمم المتحدة من أن 2.2 مليون شخص في قطاع غزة معرضون لخطر المجاعة. وبحسب التقرير الأممي فإن 378 ألف شخص في غزة يواجهون المستوى الخامس من الجوع الذي يسمى “الكارثة” على مقياس تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل، كما يواجه 939 ألف شخص المستوى الرابع من الجوع والذي يعرف بـ “حالة الطوارئ”.

ويقال أيضا أن أكثر من 80% من الأشخاص المصنفين في المرحلة الخامسة من انعدام الأمن الغذائي حول العالم هم في غزة. وقد ذكر خبراء التصنيف الدولي للأمن الغذائي في تقرير أن غزة ستضم أكبر نسبة من الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وهذا المستوى من انعدام الأمن الغذائي هو أعلى حصة تصنفها هذه المنظمة حتى الآن لأي منطقة أو بلد.

ان نشر صور أطفال ونساء وشيوخ وفي أيديهم أوعية وأواني في طوابير إعداد الطعام، أو أشخاص يركضون خلف شاحنات توزيع المواد الغذائية والصحية، أو أطفال يتجولون في الشوارع المدمرة بين الأنقاض بحثا عن الطعام هو جانب من معاناة أهل غزة وهذه الظاهرة الإنسانية المريرة التي تظهر أمام العالم.

إن حرمان المدنيين عمدا من الغذاء والمساعدات الأخرى يشكل انتهاكا للقانون الدولي. ووفقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن فرض التجويع القسري على المدنيين كتكتيك عسكري، من خلال حرمان هؤلاء الأشخاص من الإمدادات الحيوية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، مثل الإنشاء المتعمد للعقبات أمام تسليم الشحنات الحيوية والتي تعد أساسية في اتفاقيات جنيف؛ تعتبر أمثلة على جرائم الحرب.

وبينما جرائم الحرب الإسرائيلية لا تعد ولا تحصى، والتقاعس الحكومي مذهل ويثير الخجل، فإن الرأي العام العالمي يعد الدقائق التي تنتظر التعامل مع جرائم هذا النظام، ومثل هذا التوقع ليس ببعيد المنال.

المصدر: صحيفة اطلاعات

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

 

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-03-02 03:11:09
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى