بي بي سي.. ما قصة المسجد “الأثري” الذي هُدم في الهند وكان يؤوي أيتاماً؟
تقع البنايات في غابة سانجاي فان، وهي غابة مترامية الأطراف تبلغ مساحتها 784 فدانا في مدينة مهرولي، إحدى مدن دلهي السبع، التي تعود للقرون الوسطى، وتعج المنطقة بالآثار التي تروي ماضي المدينة الغني.
وقالت هيئة تنمية دلهي في بيان إن المسجد “مبنى غير قانوني” تم هدمه “دون أي عائق أو اضطراب”.
لكن إمام المسجد ذاكر حسين ومحاميه شمس خواجة ينكران ذلك، قائلين إن المباني مملوكة لمجلس وقف دلهي، المسؤول عن صيانة الممتلكات الإسلامية في المدينة.
يقول حسين إن السلطات لم تعطهم إشعارا كتابيا قبل هدم المباني. كما يقول إن نسخا من القرآن قد تضررت، ولم يسمح للأطفال بحفظ ممتلكاتهم، وإن سجلات الممتلكات التي أثبتت أن المسجد لم يكن غير قانوني قد أخذت منهم.
وقال: “تركونا في العراء، بدون أي شيء سوى الصلوات”.
ونفت هيئة تنمية دلهي جميع هذه المزاعم، قائلة إن الأرض التي كان المسجد قائما عليها كانت ملكا لها.
وقال راجيف كومار تيواري، المفوض الرئيسي في إدارة هيئة تنمية دلهي، لبي بي سي: “وجدنا بعض الكتب أثناء تطهير الموقع وطلبنا من سلطات المسجد استلامها منا”.
وتنظر محكمة دلهي العليا في الأمر، وقالت إن هناك “هياكل كافية ” في دلهي، ولا ينبغي أن يعيق ذلك استعادة غابات المدينة. وأضافت المحكمة أنه لن تتم حماية أي مبنى سوى الآثار المعترف بها من قبل هيئة المسح الأثري للهند، الوصي على الآثار في البلاد.
في الأيام التي تلت الهدم، هدمت السلطات بعض المباني التاريخية الأخرى في مهرولي، بما في ذلك ما يعتقد الكثيرون أنه ضريح أحد القديسين الصوفيين الأوائل في دلهي.
وقد وصف دعاة الحفاظ على البيئة والمؤرخون الغاضبون هذا بأنه تدمير “طائش” للتراث الجماعي يضرب روح المدينة ذاتها.
التاريخ حاضر في معظم أنحاء دلهي، التي نجت من موجات الفتوحات والتغيير. الماضي يتعايش مع الحاضر، ويمكن أن يوجد في حي فاخر مع الحانات والمطاعم الراقية نصب يعود للقرن الـ12 أو قبر بين الأزقة.
“ساهم ماضي دلهي الغني بشكل لا يصدق في تطورها كمدينة فريدة من نوعها”، كما يقول المؤرخ سهيل هاشمي، مضيفا “إن وصف ذلك بأنه ضد التقدم أو التطور هو انفصام زائف”.
شكك النقاد في المنطق الكامن وراء تصنيف الهياكل التي تعود إلى قرون – والتي هي أقدم من الغابات والبيئة المحيطة بها – على أنها غير قانونية. كما يقول بعضهم إن عمليات الهدم المخطط لها تركز بشكل غيرعادل على التراث الثقافي والتاريخي الإسلامي. من بين 20 مبنى ديني من المقرر إزالته في سانجاي فانوفقا، هناك 16 مزارا إسلاميا، وأربعة معابد، وفقا للإدارة.
ويقول المتضررون إن هدم المسجد حصل بشكل فوضوي ومن دون إعلان مسبق.
ولا يعرف الكثير عن تاريخ المسجد، ويقول البعض إنه بني في القرن الـ13، وبنته أميرة تدعى راضية سلطانة، التي تعد أول زعيمة مسلمة من شبه القارة الهندية. ويقول آخرون إنه يمكن أن يكون أقدم من ذلك حيث إن استخدام الحجر الرمادي في الهيكل يشير إلى أنه قد يكون بني خلال فترة السلطنة، منذ حوالي 600-700 عام.
وتظهر سجلات المسح الأثري للهند أنه تم إصلاح المسجد في حوالي عام 1853 في عهد الإمبراطور المغولي الأخير بهادور شاه ظفر. وتقول المؤرخة رنا ساففي إن عليه نقشا كتبه الإمبراطور بنفسه.
بينما خضع جزء كبير من الهيكل لإعادة الإعمار حديثا، وتقول ساففي إن المسجد كان لا يزال جزءا حيويا من التاريخ يستحق الحفاظ عليه. وتضيف: “كيف يمكن للمسجد الذي كان مهما لآخر الأباطرة المغوليين عديم الأهمية؟”.
ومع ذلك، تقول هيئة تنمية دلهي إنه ليس لديها سجل لتاريخ المسجد. وقال تيواري من الهيئة: “اكتشفت بعد الهدم أن المؤرخين يدعون ذلك”، مضيفا أن”الهيكل بدا أيضا حديثا وليس قديما على الإطلاق”.
وقال: “لقد فعلنا كل ما في وسعنا للحفاظ على الآثار المعلنة ذات الأهمية الوطنية، ولكن هذا الهيكل ليس جزءا من أي سجل من هذا القبيل”.
وتصر هيئة تنمية دلهي على أن الهيكل قد تم تدميره لأنه شُيد بشكل غير قانوني على أراضي غابات قيمة.
وحصلت غابة سانجاي فان، أحد الملاذات الخضراء الأخيرة في المدينة، على صفة “الغابات المحمية” في عام 1990 وسط مخاوف متزايدة من زحف المدن في الآونة الأخيرة، وبدأت هيئة تنمية دلهي بذل جهود لمكافحة التعدي في المنطقة.
لكن المؤرخين يشيرون إلى أن المسجد كان موجودا قبل فترة طويلة من حماية الغابة، وبالتالي لا يمكن اعتباره تعديا.
إنهم قلقون من أن مثل هذه التحركات يمكن أن تهدد المنشآت الأخرى في مهرولي، التي هي في حاجة ماسة إلى الصيانة.
في عام 2023، قالت هيئة تنمية دلهي في مذكراتها الخاصة أمام المحكمة العليا إنها لن تهدم المساجد والمقابر والممتلكات المشروعة الأخرى التي يملكها مجلس وقف دلهي في مهرولي لأنها تقع ضمن اختصاص المجلس، وتحمل أهمية دينية.
وفي الأسبوع الماضي، قالت هيئة تنمية دلهي إن هدم المسجد “تمت الموافقة عليه” من قبل لجنة دينية شكلت للنظر في مثل هذه الحالات. وطعنت سلطات المسجد في هذا الأمر في المحكمة، زاعمة أن السلطات ألغت حكما قضائيا صدر عام 2022 أمر هيئة تنمية دلهي بتحديد الأراضي المملوكة للوقف وترسيمها قبل القيام بأي عمليات هدم في المنطقة.
ويقول المحامي والناشط براشانت بوشان إنه يبدو أن القوانين الحالية قد طبقت بشكل تعسفي في هذه القضية. “حتى لو كانت هيئة تنمية دلهي تستند لقوانين الغابات، فعليها أولا تحديد حقوق الأشخاص الذين يعيشون في هذه المناطق”.
انتهى
المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-02-11 07:35:10
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي