وجاء في بيان وزارة الخارجية الأمريكية بتاريخ 2 فبراير 2024 أن “أنتوني بلينكن وزير الخارجية سيسافر إلى المملكة العربية السعودية ومصر وقطر وإسرائيل والضفة الغربية في الفترة من 4 إلى 8 فبراير 2024”. وهذه هي زيارته الخامسة للمنطقة منذ 7 أكتوبر.
وفي البيان، صرح بلينكن بان هذه الزيارة تأتي في إطار جهود دبلوماسية للتوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين والمساعدة في وقف الحرب، مما يسمح باستمرار تسليم وزيادة المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة.
ويضيف البيان كذلك أن بلينكن سيواصل جهوده ومبادراته لمنع انتشار الصراع ويؤكد في الوقت نفسه أن الولايات المتحدة ستتخذ الخطوات المناسبة للدفاع عن مواطنيها والحق في حرية الملاحة في البحر الأحمر.
الكرة في ملعب حماس
تأتي زيارة بلينكن إلى المنطقة في وقت تزداد فيه خيبة أمل إدارة بايدن تدريجيا تجاه إسرائيل وتقدم أجندة تل أبيب الداخلية والخارجية، وقد أظهرت خيبة الأمل هذه مع العقوبات التي فرضت على المستوطنين المتطرفين يوم الخميس. ويأتي هذا في حين تجاهلت الولايات المتحدة الطلبات الدولية التي وجهتها إسرائيل لإنهاء حملتها العسكرية واستخدمت حق النقض (الفيتو) ضد القرارات الصادرة ضد إسرائيل.
ونقلت الجزيرة عن مسؤول في حماس قوله إنه وفقا لمسودة اقتراح السلام التي تم إعدادها خلال المفاوضات قبل أسبوع في باريس بحضور رئيس وكالة المخابرات المركزية ومسؤولين إسرائيليين وقطريين ومصريين، فإن الحرب ستتوقف في ستة أسابيع وتطلق حماس سراح الأسرى الإسرائيليين، ويطلق سراح السجناء الفلسطينيين في المقابل.
وخلال زيارته، سيزور بلينكن إسرائيل، بالإضافة إلى مصر وقطر، وهما الوسطاء الرئيسيان لحماس. وقال بلينكن، بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في واشنطن، يوم الاثنين: “هناك أمل حقيقي” في نجاح “اقتراح جيد وقوي”. وبحسب رويترز، أعربت قطر عن تفاؤلها، رغم أن حماس قالت إنه لا يوجد اتفاق حتى الآن.
هناك تناقض في إسرائيل، حيث يعارض دعاة الحرب والمتطرفون في الحكومة ما يعتبرونه “الامتيازات” الممنوحة لحماس. ويبدو أن حكومة نتنياهو لم تحقق شيئا ليس فقط على جبهات القتال، بل على المستوى الداخلي. وبحسب شبكة “سي إن إن”، خرج المئات من الأشخاص، مساء السبت، في تل أبيب للاحتجاج على الحكومة، وطالبوا باتخاذ إجراءات سريعة للإفراج عن السجناء وإجراء انتخابات مبكرة.
كما أدانوا عدم كفاءة حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، وهو ما يتناقض مع ما اعتبروه “حريتهم وديمقراطيتهم”. وفي هذا الصدد، اعترف مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، يوم الأحد بالمناقشات والخلافات داخل الهيكل السياسي الإسرائيلي، لكنه في إشارة إلى اتفاق باريس لوقف إطلاق النار، قال إن “الكرة الآن في ملعب حماس”. وفي حديثه لشبكة سي بي إس، قال سوليفان إن بلينكن سيضغط على إسرائيل للسماح بإرسال المزيد من الغذاء والماء والدواء والمأوى إلى غزة التي تتعرض للقصف منذ ما يقرب من أربعة أشهر.
وفيما يتعلق بزيارة بلينكن إلى المنطقة، قال سوليفان إن النظام الإسرائيلي له الحق في الرد على الهجمات التي يتعرض لها. وقال إن الولايات المتحدة ساعدت في فتح قطاع غزة والدخول إليه، مضيفا أن هناك حاجة إلى المزيد. وادعى أن “الأولوية الرئيسية” لبلينكن ستكون ضمان وصول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة.
مطالبات “سوليفان” المثارة للجدل
وبدأ بلينكن زيارته يوم الاثنين إلى المملكة العربية السعودية، التي كانت تدرس قبل هجوم 7 أكتوبر خطوات لإقامة العلاقات مع إسرائيل. واعتبر المراقبون هذا الإجراء تاريخيا، رغم أن هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، قضى على كل شيء. وقال بلينكن، بعد حديثه مع بن سلمان خلال زيارته الأخيرة إلى هذا البلد، إنه لا يزال يرى “اهتماما واضحا” بالتطبيع من الجانب السعودي.
لكن التقارير والأدلة الواردة من العالم العربي تظهر أن الاشمئزاز من قتل إسرائيل للمدنيين في غزة قد تزايد بشكل كبير، الأمر الذي شكل ضغطا على رؤساء الدول العربية لأي تطبيع مع النظام الإسرائيلي. وزعم جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن، في مقابلة مع شبكة سي إن إن أن الولايات المتحدة تدرس “إجراءات أخرى” بعد تنفيذ غارات جوية كبيرة خلال عطلة نهاية الأسبوع ضد ما وصفها بالجماعات المدعومة من إيران. وقال سوليفان، إنه عندما أمر بايدن بالضربات، عرف الجميع أنها مجرد البداية. كما أنه لم ينف الهجوم على الأراضي الإيرانية في مقابلة مع شبكة إن بي سي.
وخلال هذه المقابلة، سأل مقدم البرنامج، سوليفان عما إذا كانت الولايات المتحدة ترفض الهجوم داخل إيران أم لا. وزعم ردا على ذلك: «حسنا، وأنا أجلس هنا اليوم في برنامج إخباري وطني، لا أريد أن أخوض في مسألة ما حكمنا عليه وما رفضناه من وجهة نظر العمل العسكري. ” ما سأقوله هو أن الرئيس مصمم على الرد بشكل حاسم على الهجمات ضد شعبنا. كما أن الرئيس لا يبحث عن حرب أوسع في الشرق الأوسط. وهو ادعاء طالما أطلقه المسؤولون الأميركيون، لكن المراقبين والجهات الفاعلة الإقليمية ليسوا سعداء للغاية بهذا الادعاء الأميركي.
تزايد نفوذ أنصار الله في مأرب
يبدو أن تحركات أنصار الله الأخيرة الداعمة للشعب الفلسطيني قد حظيت بإشادة العالم العربي. لكن هل يمكن لهجمات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن تضعف مواقعهم داخل اليمن وخارجه؟ وفي البحر الأحمر، تواصل جماعة أنصار الله اليمنية مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل دعما لشعب غزة، وقد وعدت بمواصلة القيام بذلك حتى توقف إسرائيل هجماتها المتواصلة على غزة. وعلى المستوى الدولي، شكلت هجمات البحر الأحمر فصلا جديدا في العالم، خاصة بسبب الالتزام الذي أظهرته بقضية فلسطين ورغبة أنصار الله في التصرف بهذه الطريقة.
داخليا، يرى محللون أن أنصار الله يسعون إلى تطوير سياستهم الاستراتيجية الجيوسياسية، وبهذا ركزوا على محافظة مأرب. فور نداء الاحتجاج الأول ضد إسرائيل من قبل حركة أنصار الله، استجاب أهالي محافظة مأرب، وهي منطقة تقع في أيدي معارضي هذه الحركة، بشكل إيجابي للدعوة، وبحشد من مئات الآلاف، قاموا بواحدة من أكبر المظاهرات من هذا النوع. ومأرب منطقة غنية بالموارد الطبيعية، خاصة النفط والغاز، وتقع شرق صنعاء وهي قريبة استراتيجيا من مناطق أخرى غنية بالنفط وتقع تحت سيطرة الميليشيات المدعومة من الإمارات. وبشكل عام فإن منطقة مأرب مهمة بالنسبة لأنصار الله لخمسة أسباب:
1-تقليل ضغط الهجمات التي تقوم بها الولايات المتحدة من خلال تحقيق عمق استراتيجي أكبر.
2-الوصول إلى منطقة تكتيكية أوسع من أجل تقليل ضغط الهجمات البرية المحتملة، وتقسيم جبهات القتال المحتملة إلى أعداد أكبر يمكنها الاشتباك مع المعتدين غير الأصليين في مناطق واسعة وتقليل الضغط على نقطة واحدة.
3-الوصول إلى موارد مأرب النفطية وتعزيز القوة الاقتصادية لحركة أنصار الله: قال مؤخرا محمد البخيتي، أحد كبار أعضاء أنصار الله، إن مصير هذه الحركة يكمن في السيطرة على مأرب الغنية بالنفط.
4-الحصول على قدرة تكتيكية أعلى على إخفاء وإطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار في جانب التواجد بعيدا عن السواحل المعرضة للخطر.
5-الحصول على دعم شريحة أوسع من الشعب اليمني والحفاظ على قدر أكبر من التكامل.
ولا تزال أنصار الله تسيطر على أجزاء مهمة واستراتيجية، وبحسب مراسل أسوشيتيد برس، يبدو أن الضربات الجوية الانتقامية للولايات المتحدة وبريطانيا قد أعطت المزيد من الدعم لهذه الجماعة. ويعتقد المحللون أنه على الرغم من الهجمات الأمريكية والبريطانية ضد منشآت ومستودعات أسلحة أنصار الله، إلا أن هذه الحركة لا تزال تتمتع بقدرة عالية على عملياتها في البحر الأحمر وحتى المحيط الهندي.
ويعتقد فوزي الجويدي، العضو في مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية: “معظم الأهداف في اليمن التي تعرضت للهجمات الأمريكية هي أهداف تم قصفها بشكل متكرر خلال سنوات الحرب، لذا فهي عديمة الفائدة من وجهة نظر عسكرية. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال أنصار الله يحتفظون بقدرتهم على الهجوم. وأعلنت قوات هذه الحركة، الأربعاء، أنها أطلقت عدة صواريخ على المدمرة الأمريكية “يو إس إس غريلي”، وأنها ستواصل مهاجمة السفن الحربية الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر حتى نهاية الحرب الإسرائيلية على غزة.
وبحسب الجويدي، فإن الفائدة الوحيدة من هذه الهجمات بالنسبة للولايات المتحدة قد تكون إيقاف بعض الهجمات، أو على سبيل المثال، تقليل بعض هجمات أنصار الله البالستية على السفن، بسبب قصف منصات الصواريخ البالستية قبل الإطلاق. وقال الجويدي: “كما تقول وزارة الدفاع الأمريكية، فإن بقية الهجمات ليس لها أي تأثير على الأرض. وإذا كثفت أمريكا هجماتها، فقد تندلع الحرب والاضطرابات الداخلية مرة أخرى في اليمن، وهذا يمكن أن يهدد بشدة مصالح أمريكا في المنطقة ويغرق المنطقة في مستنقع أعمق وأسوأ من ذي قبل.
المصدر: صحيفة اعتماد
————————
المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–
النهاية
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-02-07 01:31:34
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي