ويضيف مأمون فندي أن الغرب لا يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، ولا يحرك موت الأطفال فيه شعرة من مشاعر إنسانية كالإحساس بمعاناة الآخر، وترى ذلك على الشاشات، وعلى صفحات الصحف والمؤتمرات الصحافية يمكن أن تعلن عداءك للسامية بكل ما تملك من قوة لتنفس عن كراهيتك، ولكن بدلا من توجيهها الكراهية هذه لليهود، توجهها نحو العرب، ولن يصيبك أذى أو تحاكم أو حتى تحس بالخجل الاجتماعي. الغرب لم يبرأ بعد من معاداة السامية فقط حول مجرى النهر.
ونشرت صحيفة إندبندنت العربية، مقال بعنوان “عناق الموت”، للكاتب “مصطفى الفقي”، فيذكرعددا من الانطباعات التي تخرج من مأساة الحرب على غزة وأبناء فلسطين منها:
أولا: إن حرب غزة الأخيرة ستكون بلا جدال نقطة تحول ضخم في القضية الفلسطينية ولن تعود المنطقة لما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، ثانيا: إن القضية الفلسطينية هي بحق قضية الفرص الضائعة، فلقد أضعنا نحن العرب بعضاً منها وربما كان معنا الحق، فعروض إسرائيل دائماً غامضة وسياساتها سيئة النية تعطي باليمين وتأخذ بالشمال.
ثالثا: إن المقاومة الفلسطينية الباسلة للاحتلال الإسرائيلي أصبحت الآن رقما صعبا في مواجهة سياسات إسرائيل بجوانبها العنصرية والعدوانية والاستيطانية، ولم يعد من الممكن تجاهل الشعب الفلسطيني واعتباره سلعة قابلة للتداول عند اللزوم، بل تجسدت من خلال المقاومة شخصية الشعب الفلسطيني بتاريخه وتراثه وبتضحياته وصموده، وأضحت الدولة الفلسطينية المستقلة مطلباً يطالب به الجميع حتى في الولايات المتحدة الأميركية وتؤيده العواصم الغربية ويسعى الجميع.
أما صحيفة القدس العربي، فتصدرها مقال الكاتب البحريني “سعيد الشهابي” بعنوان “الاحتلال الإسرائيلي أمام القضاء الدولي”، حيث تناول بدء محكمة العدل الدولية مداولاتها في قضية رفعتها حكومة جنوب أفريقيا ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي، تتهمه فيها بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. مشيرا أن هذا الاتهام تأسس على ما فعلته القوات الإسرائيلية في غزة في الشهور الأخيرة. وهي حالة نادرة خصوصا أنها تتعلق بـ «إسرائيل» التي تحظى بحماية الدول الغربية خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية سياسيا وعسكريا. فعلى مدى ثلاثة أرباع القرن مارست قوات الاحتلال من الجرائم ما يرقى لجرائم الإبادة، فاحتلال الأرض، وإبعاد أهلها الأصليين بالقوة ومصادرة منازلهم وفرض سياسات ثقافية وسياسية تهدف للقضاء على هويتهم الثقافية، والاعتداءات المتواصلة التي راح ضحيتها الآلاف، كل ذلك كان كافيا لصياغة تهم بالسعي لإبادة الشعب الفلسطيني.
ويتابع الشهابي قائلا، الغربيون لم يتحمسوا للقرارات الدولية الهادفة لتسوية القضية الفلسطينية، لأن المحتلين لا يريدونها. فـ «إسرائيل» كيان توسعي لا يكتفي بما يحتله من أراض فلسطينية، بل يؤسس سياساته للتوسع وفقا للأحلام الصهيونية. وغياب الحماس الغربي للقرارات الدولية ساهم في تهميشها. ولكن هؤلاء الغربيين أنفسهم لم يترددوا لحظة في استخدام القوة للدفاع عن «إسرائيل». فما يريدونه تتوفر القوة العسكرية لتنفيذه، وما لا يناسب سياساتهم يبقى معلقا بدون حل.
وتحت عنوان “هل تنجح إسرائيل في تهجير الغزيين؟” علق الكاتب الفلسطيني “فتحي أحمد”، في صحيفة العرب، إن الإرهاب وعملية الطرد القسري للعرب سنة 1948، ورفض إسرائيل عودة اللاجئين الفلسطينيين، وترحيل اليهود العرب إلى إسرائيل، وموجة التهجير الثانية سنة 1967، ودعوات الترانسفير العلنية أو المبطنة بانتهاج سياسة الخنق الاقتصادي الحالية، ما هي سوى فصول من تخطيط قديم وضعته الحركة الصهيونية، وسعت لتطبيقه طوال الوقت.
وقال فتحي أحمد، في هذا السياق أشير إلى مدى الصحوة، ولقد آن لنا أن ندرك الآن ما يخطط له اليمين المتطرف. ولعله من الوجيه القول في ختام هذه المقالة إننا أمام حالة ستتسم على المدى القريب بالمزيد من التوترات، وعلينا أن نكون على حجم التحدي والثبات مع الوعي بمخططات اليمين وأهدافه التي فشلت حتى اللحظة في ثني عزيمة سكان غزة ودفعهم للهجرة إلى خارج القطاع.
مضيفا بالقول، هذا الثبات يجب أن يكون هاديا لنا لرسم إستراتيجية الصراع مع الاحتلال، إن الانتباه لهذه المخططات والوقوف في وجهها، ضروريان وهامان للخروج بأقل الخسائر في هذه المرحلة، في وقت لم يبق لنا سوى الاعتماد على عزيمتنا للوقوف في وجه هذا التحدي المدمر.
وفي صحيفة البيان وتحت عنوان “محاكمة إسرائيل.. زلزال مزدوج” راى الصحفي المصري “ضياء رشوان”، أن مجرد مثول إسرائيل أمام المحكمة السامية متهمة بهذه التهمة الفادحة الفاضحة، كان كفيلا – وسيستمر – في بدء تداعي وتحطم هائل على جانبين: بداخل إسرائيل، زلزال مدمر بالوعي الشعبي والرسمي، الذي ظل طوال عقود مطمئناً إلى ثبات واستمرار صورة ورواية «الضحية المضطهدة» لدى كل العالم، وبالتالي ثبات واستمرار دعمه المادي والمعنوي لها.
وأضيف رشوان أن هذا الزلزال داخل إسرائيل إلى الزلزال الأول الذي أحدثه هجوم السابع من أكتوبر، والذي أطاح بمفهوم الدولة الآمنة بقوة جيشها وأجهزتها الأمنية، لكي يصاب الوعي الجمعي الإسرائيلي بشروخ عميقة للغاية، يبدو أن حصيلتها ونتائجها النهائية على كيان الدولة والمجتمع لن تتأخر كثيرا.
وأوضح رشوان أن في خارج إسرائيل، تحطم وبسرعة شديدة، صورة ورواية «الضحية المضطهدة» في الأوساط الشعبية والنخبوية والرسمية الغربية، فاتحة طريقا جديدا معاكسا على ما يبدو لما سار عليه الغرب طوال ثمانية عقود مضت من الدعم غير المحدود ولا المشروط لإسرائيل الدولة “الضحية المضطهدة”.
النهایة
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-01-16 00:35:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي