وكالة تسنيم الدولية للأنباء – الخبير العراقي مصطفى الربيعي- لدى استقباله رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، في طهران بتاريخ 21 تموز 2020 ، أكّد قائد الثورة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي على نقطتين مهمتين:
النقطة الأولى: العلاقة بين العراق وايران من جهة، والعلاقة بين العراق واميركا من جهة أخرى.
اذ اكّد سماحته بشكل صريح إن: على كل إيران تريد عراقاً كريماً ومستقلاً والحفاظ على وحدة اراضية وتلاحمه وتماسكه الداخلي. وإن إيران تعارض بالتأكيد أي شيء يؤدي الى إضعاف الحكومة العراقية.
وأضاف سماحته: بطبيعة الحال، فإن وجهة النظر الأمريكية تجاه العراق هي عكس وجهة نظرنا تماماً لأن أمريكا بمعنى الكلمة هي عدوة ولا تريد عراقاً مستقلاً وقوياً يتمتع بحكومة أغلبية.
وشدّد سماحة قائد الثورة الإسلامية: إن إيران لا تتدخل في علاقات العراق مع أمريكا، لكنها تتوقع أن يعرف الأصدقاء العراقيون أمريكا وأن يعلموا أن الوجود الأمريكي في أي بلد هو مصدر للفساد والدمار .
ولفت سماحته بالقول أن : الجمهورية الاسلامية الايرانية تتوقع أن يجري متابعة قرار الحكومة والشعب ومجلس النواب العراقي في إخراج الأمريكيين، لأن تواجدهم يسبب إنعدام الأمن.
أما النقطة الثانية التي شدّد عليها سماحة الإمام الخامنئي في ذلك اللقاء فكانت تتعلّق بالتذكير بجريمة اغتيال قادة النصر الحاج قاسم سليماني ورفيق دربه الحاج ابو مهدي المهندس في هجوم غادر نفذته القوات الامريكية.
اذ قال سماحته: ان الجريمة الأمريكية في إغتيال الفريق سليماني وأبو مهدي المهندس، يُعد مثالاً على نتيجة الوجود الأمريكي.
لكن سماحته ونظراً لمعرفته العميقة بتقاليد واعراف المجتع العراقي ركّز على اغتيال الجنرال سليماني الذي زار العراق بدعوة رسمية من الحكومة العراقية التي كان يتعاون معها باعتباره مستشار عسكريا رفيعا ساعد العراق على هزيمة داعش.
فقد خاطب سماحته، الكاظمي وكان يوجّه خطابه عبره الى الشعب العراقي وعشائره الاصيلة عندما قال: لقد قتلوا ضيفكم في منزلكم واعترفوا صراحةً بالجريمة، وهذه ليست قضية هيّنة.
ويقول كاتب هذا المقال بعد الاستشهاد بكلام قائد الثورة خلال استقبال مصطفى الكاظمي، للأسف كانت الحكومة العراقية حكومة أزمات فلم تولي اهتماما يذكر بمتابعة ملف التواجد الامريكي ولا بملف اغتيال قادة النصر.
لكن صباح الجمعة وفي الذكرى الرابعة لجريمة اغتيال الحاج قاسم سليماني ورفيق دربه الحاج ابو مهدي المهندس، وخلال احتفالية رسمية اقامتها الحكومة العراقية، كان خطاب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بمثابة إشارة إلى حديث كلام قائد الثورة قبل أربعة سنوات.
اذ اكد السيد السوداني بالقول: قبل أربعِ سنوات، وفي فجرِ الثالثِ من كانونَ الثاني سنة 2020، ارتكبتِ الإدارة الأمريكيةُ فعلاً شنيعاً إذ قتلت قائداً عسكرياً عراقياً، نائبَ رئيسِ هيئةِ الحشدِ الشعبي جمال جعفر آل إبراهيم، أبو مهدي المهندس.
واضاف رئيس الوزراء العراقي قائلا ان: اغتيال ضيف العراق الجنرال قاسم سليماني، مثلَ ضربةً مضاعفةً للعراق ولتقاليده وأعرافه واعتداءً على دولتين.
وفيما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية، أشار السوداني الى ان : العراق تربطهُ مع أمريكا اتفاقية شراكةٍ ستراتيجيةٍ وعلاقات دبلوماسية، وبهذا تمَّ خرقُ المبادئِ الرئيسيةِ للعلاقاتِ الدوليةِ وما نصَّ عليهِ ميثاقُ الأممِ المتحدةِ من المساواةِ في السيادةِ بين الدولِ وحظرِ استخدامِ القوةِ في العلاقاتِ الدولية.
وتابع رئيس الوزراء العراقي ان: الحوادثَ الأخطر هي التي تكررت لأكثر من مرةٍ في العراق، من خلال قيام قواتِ التحالف الدولي باعتداءاتٍ ضدَّ مقارِّ الحشدِ الشعبي.
وشدّد السوداني على ان: الحشد الشعبي يمثلُ وجوداً رسمياً تابعاً للدولةِ وخاضعاً لها وجزءاً لا يتجزأُ من قواتِنا المسلحة.
وتابع رئيس الوزراء العراقي بالقول: أكدنا مرارا أنهُ في حال حصولِ خرقٍ أو تجاوزٍ من قبلِ أيةِ جهةٍ عراقية، أو إذا ما تمَّ انتهاكُ القانونِ العراقي، فإنَّ الحكومةَ العراقيةَ هي الجهةُ الوحيدةُ التي لها أن تقومَ بمتابعةِ حيثياتِ هذه الخروقات.
ولفت السوداني قائلا: الحكومة هي الجهة المخولةُ بفرضِ القانون، وعلى الجميعِ العملُ من خلالها، وليس لأحد أن يتجاوز على سيادة العراق.
وتابع: ندين الاعتداءات التي تستهدفُ قواتنا الأمنية، وتتجاوزُ روح ونصَّ التفويضِ الذي أوجد التحالفَ الدولي.
وتعليقا على الاعتداءات الامريكية الاخيرة على السيادة العراقية، قال السوداني: نؤكد موقفنا الثابتَ والمبدئيَّ في إنهاءِ وجودِ التحالفِ الدولي بعد أن انتهت مبرراتِ وجوده.
وتابع رئيس الوزراء العراقي: إننا بصددِ تحديدِ موعد بدء الحوار من خلالِ اللجنةِ الثنائيةِ التي شُكلت لتحديدِ ترتيباتِ انتهاءِ هذا الوجود، وهو التزامٌ لن تتراجع عنهُ الحكومةُ، ولن تفرطَ بكلِّ ما من شأنهِ استكمالُ السيادةِ الوطنيةِ على أرضِ وسماءِ ومياه العراق.
وشدّد السوداني في كلمته قائلا: نؤكد قدرة الحكومة واستعدادها لاتخاذ القرارات المناسبةِ في الحفاظ على سيادةِ العراق وأمنه واستقراره، فهو يقع في صلب مسؤولياتِها والتزاماتِها وواجباتِها الدستورية.
ورأى رئيس الحكومة العراقية إنَّ: مصداق الوفاء والعرفانِ لدماءِ الشهداءِ وتضحياتهم يتطلب منا جميعاً أن نحترمَ الدولةَ ومؤسساتِها الدستوريةَ.
ويرى مراقبون ان المواقف التي أدلى بها رئيس الوزراء العراقي في الذكرى الرابعة لاغتيال قادة النصر في مطار بغداد، بأنها غير مسبوقة، كما انها تعكس شجاعة السوداني في حماية السيادة العراقية.
فلأول مرة يقوم رئيس حكومة العراقية بالتذكير بأن اغتيال “ضيف العراق” جريمة تمثّل عدواناً على سيادة العراق.
فانطلاقاً من الخلفية العشائرية للسيد السوداني، باعتباره ينحدر من مشيخة لأحدى أكبر العشائر في جنوب العراق، يعدّ حديثه عن غدر “ضيف العراق” جواباً من أعلى مسؤول تنفيذي عراقي على الكلام الذي ادلى به سماحة قائد الثورة قبل اربع اعوام. ولم يكتف رئيس الوزراء العراقي باعتبار حادثة اغتيال “ضيف العراق” بأنها جريمة، بل لأول مرة يتم الحديث بوضوح بإدانة الاعتداءات الامريكية بهذا الشكل العلني.
بل إن السيد السوداني أكد أن حكومته جادة عازمة لإنهاء تواجد القوات الاجنبية في العراق، معتبرا ان ذلك “قرار لا رجعة عنه”.
ويقول الكاتب، هنا تبرز الحاجة لدعم حكومة السوداني بخططها لتعزيز الاستقرار السياسي والامني الذي نجحت في تثبيته خلال العام الماضي.
كما تبرز الحاجة لتفهّم التعقيدات الاقتصادية والسياسية التي تعترض عمل الحكومة الحالية والذي تحتاج معه الى دعم للاسراع بتنفيذ قرارها الشجاع في تصفية وانهاء التواجد العسكري الاجنبي الجاثم على الاراضي العراقية.
في ظل هذا المشهد المتشابك تستدعي الظروف أن تساعد فصائل المقاومة العراقية الخطوات التي تقوم بها حكومة السوداني وتكون عاملا مساعداً لها في تنفيذ قرار انتظره العراقيون منذ جريمة اغتيال قادة النصر.
/انتهى/
المصدر
الكاتب:
الموقع : tn.ai
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-01-06 14:46:26
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي