إن خوض أمريكا مواجهة عسكرية مباشرة محتملة مع أنصار الله في اليمن، يأتي في ظرف أعلنت فيه واشنطن منذ اندلاع الحرب الاسرائيلية على غزة، أن سياستها قائمة على عدم فتح جبهات جديدة في المنطقة وحصر جغرافيا الحرب والقتال على قطاع غزة. لذلك يبدو أن واشنطن اضطرت من خلال عمل انفعالي لا ينطوي على أي مبادرة، للتدخل لحساب اسرائيل في هذه المنطقة.
واللافت هو العدد القليل من الدول المتطوعة للانضمام إلى هذا التحالف الأمريكي وعدم انخراط دول مثل العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر التي تعد من اللاعبين الرئيسيين المحيطين باليمن وعلى البحر الأحمر، فيه.
ويذهب مراقبون إلى أن إحجام هذه الدول العربية عن الانضمام لهذا التحالف ربما يعود إلى أنها لا تريد تكرار خوض مواجهة أخرى مع مقاتلي أنصار الله المتمرسين فضلا عن أنها قد تُتهم أمام الرأي العام العربي في حالة الانضمام، بالخيانة والمشاركة في تحالف من صنع أمريكا لتوفير الأمن لاسرائيل.
والبارز في هذا التحالف، عدم فاعليته المحتملة في الحد من استهداف أنصار الله للسفن الاسرائيلية أو تلك المرتبطة باسرائيل والمتجهة إليها.
فقد أظهرت حركة أنصار الله أنها عازمة على مساندة الشعب الفلسطيني، لأنها لا تخشى القصف والقنابل والصواريخ التي تلقتها على مدار ثماني سنوات من الحرب من الجو والبحر والبر والتي ألقتها عليهم أمريكا وبريطانيا وألمانيا والسعودية والإمارات وعدد آخر من دول “التحالف العربي”.
ومن ناحية أخرى، فان تشكيل جبهة داخلية ضد أنصار الله، يبدو صعب المنال وعقيم، لان القضية الفلسطينية ضاربة بجذورها في ضمير الشعب اليمني أيا كانت طائفته أو أو مجموعته أو توجهاته السياسية؛ إضافة إلى أن فتح جبهة داخلية من قبل المجموعات اليمنية المدعومة من الإمارات والسعودية وأمريكا ضد أنصار الله، هو بمنزلة بدء حرب جديدة مع السعودية والإمارات، ولنفس الأسباب التي أمتنعت من أجلها الرياض وأبوظبي عن الانخراط في التحالف البحري الأمريكي، فانه يبدو مستبعدا أن أن تقحم هاتين الدولتين، نفسيهما في حرب أخرى جربتها من قبل في اليمن.
أما الحصار الاقتصادي والبري والبحري والجوي الشامل المضروب على أنصار الله منذ 8 سنوات فهو يعد واحدا من أشد الحصارات بحيث لم تتبق أداة ووسيلة أخرى أصلا لإرغاهم على التراجع عن قضيتهم.
وعليه يمكن القول أن التحالف الأمريكي قد ولد ميتا، ولن يكون في ظل المعطيات آنفة الذكر قادرا على صد ومنع هجمات أنصار الله ضد المصالح الاسرائيلية، وقد يمكن اعتراض وتدمير جزء من الصواريخ والمسيرات اليمنية التي تطلق باتجاه السفن الاسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى اسرائيل، لكن انتشار عدد هائل من البوارج والفرقاطات والسفن الحربية التابعة للتحالف الأمريكي قد يحولها إلى أهداف سهلة لهذه الحركة اليمنية في البحر، ويمنح ذلك ميزة لأنصار الله لمهاجمة السفن الحربية الأمريكية وأعضاء التحالف بجانب السفن الاسرائيلية.
فاليمن لا يملك بنية تحتية يُعتد بها حتى يخشى أن يخسرها إن دخل في حرب مع أمريكا التي ضربت هذه البنية التحتية على مدى ثماني سنوات بالتعاون مع السعودية، ولا يخشى الحصار الاقتصادي والحصار البحري و… لانه يواجه حصارا من هذا النوع في الوقت الحاضر أساسا.
وعليه، فانه قد يكون من الصعب جدا ممارسة المزيد من الضغط على أنصار الله عن طريق أي أداة ووسيلة أخرى إلا إذا أراد الأمريكيون اختبار طرق أخرى لم يجربوها من قبل، مثلا الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها على غزة. وهذا قد يكون السبيل الوحيد الذي لم تجربه أمريكا وسيكون على الأرجح الخيار الوحيد الذي يكفل إحلال الأمن والاستقرار في البحر الأحمر.
انتهى
المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-12-23 08:07:23
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي