ما مصير الحرب في أوكرانيا من دون أمريكا؟

 

شفقنا-لمدة عامين تقريبا، تمكنت أوكرانيا من مقاومة الغزو العسكري الروسي بما يتجاوز التوقعات الأولية. ومع ذلك فإن مصير المقاومة الأوكرانية في الحفاظ على أراضيها مرتبط بالمفاوضات التي يهتم أطرافها بالتطورات الداخلية في الولايات المتحدة أكثر من اهتمامهم بمستقبل أوكرانيا.

تقول داريا كالنيوك الناشطة السياسية الأوكرانية عن ذلك: “إن القرار بشأن مستقبل أوكرانيا وحياة الآلاف من الشعب الأوكراني أصبح الآن في أيدي أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، وهم من يجب أن يقرروا ما إذا كان سيستمرون في تقديم المساعدات لأوكرانيا أم لا.”

ورغم أن الوضع مثير للقلق الشديد بالنسبة للأوكرانيين، إلا أنه لا توجد علامة على القلق في الكونجرس الأميركي. غادر أعضاء الكونجرس واشنطن، يوم الخميس 14 ديسمبر، دون إقرار مشروع قانون الإنفاق الدفاعي الذي سيتضمن مساعدات عسكرية بقيمة 61 مليار دولار لأوكرانيا. وقدمت إدارة جو بايدن حزمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في شكل حزمة أكبر تحدد مصير المساعدات العسكرية لإسرائيل وتايوان.

وجعل الجمهوريون في الكونجرس الموافقة على المساعدات العسكرية الجديدة لأوكرانيا مشروطة بتراجع الإدارة عن سياسات الهجرة، لكن الديمقراطيين يعارضون ذلك بشدة. وقد وضع هذا الإجراء الجمهوري إدارة بايدن في موقف حيث كرر الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي، في نفس الوقت الذي قام فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رحلة مخيبة للآمال إلى الولايات المتحدة، موقفه المعتاد المتمثل في “دعم أوكرانيا مهما طال الأمر” تم تغييرها إلى “سندعم أوكرانيا لأطول فترة ممكنة”.

مسألة سياسات الهجرة 

بالنسبة للأوكرانيين، لا يزال هناك أمل في أنه مع توصل الجمهوريين والديمقراطيين إلى اتفاق بشأن مسألة سياسات الهجرة، ستستمر المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، لكن الواقع هو أنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق واستمرت المساعدات، فإن هذه القضية ستكون حلا مؤقتا.

يتزايد معارضو المساعدات الاقتصادية والعسكرية لأوكرانيا يوما بعد يوم في الولايات المتحدة وأوروبا، وفي أي وقت قد تنشأ عقبة خطيرة في طريق الدعم المستمر لأوكرانيا.

وفي الأسبوع الماضي، لم يوافق الاتحاد الأوروبي على حزمة دعم مالي بقيمة 52 مليار دولار لأوكرانيا بسبب معارضة المجر. إن التحدي الذي يواجهه الأوروبيون لا يقتصر على المجر. وفي الانتخابات السلوفاكية، فاز مؤخرا التيار الذي يفضل الدخول من باب الصداقة مع روسيا بدلا من دعم أوكرانيا وتحقيق أمنه الخاص من خلال إقامة علاقة بناءة مع موسكو.

ومن ناحية أخرى، في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى قضية غزة، التي أثارت الكثير من الشكوك حول سياسات أمريكا الدولية، يتقدم دونالد ترامب، الرئيس السابق للولايات المتحدة، في الغالبية العظمى من استطلاعات الرأي الانتخابية ووعد بانه في حال الفوز في الانتخابات، ان ينهي الحرب في أوكرانيا خلال “يوم واحد” فقط من خلال اتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويتفق العديد من الخبراء على أن الدعم العسكري للغرب، وخاصة الولايات المتحدة، لعب دورا مهما في مقاومة البلاد للهجمات الروسية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما مصير الحرب في أوكرانيا إذا تم قطع الدعم العسكري والاقتصادي للغرب أو تخفيضه بشكل كبير؟

حجم المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا

وفقا للإحصاءات التي قدمها معهد كيل الألماني، منذ 24 فبراير 2022، عندما بدأ الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، تعهدت الولايات المتحدة بتقديم ما مجموعه أكثر من 71 مليار دولار من المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا. وهذا الرقم أكبر من إجمالي المساعدات التي تعهدت الدول الـ 11 التالية في قائمة داعمي أوكرانيا بتقديمها.

والأمر اللافت للنظر هو أنه تم الوفاء بجميع هذه الالتزامات تقريبا، وأنفق الأوكرانيون المساعدات التي تلقوها على الحرب. وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، منتصف نوفمبر الماضي، أن 97% من الميزانية المخصصة للوزارة تم إنفاقها على دعم أوكرانيا. كما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها أنفقت 100% من الميزانية المخصصة في هذا الصدد.

وتظهر إحصاءات معهد كيل أن الدعم لأوكرانيا انخفض بنحو 90 بالمئة مقارنة بشهري أغسطس وأكتوبر، وهو الآن في أدنى مستوى له منذ بداية الحرب الأوكرانية.

تداعيات خفض المساعدات

شنت القوات العسكرية الأوكرانية منذ بداية الصيف هجوما مضادا، كان من المتوقع أن يحرر جزءا كبيرا من المناطق المحتلة، لكن في النهاية، لم يتمكن هذا الهجوم المضاد من تحقيق أهداف كييف.

يقول الجنرال فاليري زالوجيني، القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، إنه في الوضع الحالي وبسبب قدوم موسم البرد، تم استبدال الصراعات البرية بنيران المدفعية، وفي هذه الحالة، إرسال القوات في الوقت المناسب إن المساعدات العسكرية، بما في ذلك قذائف المدفعية، مهمة للغاية.

من ناحية أخرى، تظهر تجربة العامين الماضيين أنه في المواسم الباردة عندما تصبح التحركات العسكرية صعبة، ستكثف روسيا هجماتها بالصواريخ والطائرات بدون طيار والمدفعية على أوكرانيا، وإذا لن تتمكن أوكرانيا من تلبية احتياجاتها في مجال الدفاع الجوي، سوف تواجه مشاكل خطيرة.

إن المتاعب الخطيرة التي تواجهها أوكرانيا في ساحة المعركة تعني أن روسيا سوف تكون على بعد خطوات قليلة من تحقيق أهدافها.

أهداف روسيا

وفي الأيام الأخيرة، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاب عام أن أهداف روسيا لم تتغير منذ بدء “العمليات العسكرية الخاصة”. واعتبر أن أهداف روسيا هي “إزالة النازية ونزع السلاح وضمان حياد أوكرانيا”. وتعني هذه الأهداف أن روسيا لا تفكر الا في التوسع الإقليمي واحتلال المزيد من المناطق في شرق وجنوب أوكرانيا.

وتؤكد تقديرات الاستخبارات الأميركية، التي رفعت عنها السرية للتو، أن الهدف الرئيس لروسيا في أوكرانيا هو الإطاحة بالنظام السياسي في كييف واستبداله بنظام سياسي جديد وحكومة عميلة في هذا البلد.

ويرى فرانز ستيفن جيدي، كبير الباحثين في مركز الأمن الأمريكي الجديد، أن السلام لن يسود إذا انتهت حرب الاستنزاف في أوكرانيا وانتهاء الحرب في أوكرانيا بانتصار روسيا. ويقول: “هذا لا يعني أنه بعد انتهاء الحرب مباشرة، ستهاجم روسيا دول البلطيق. وفي هذه الحالة فإن الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي سوف يصبح غير آمن على الإطلاق، وسوف تضطر الولايات المتحدة، التي تتحمل التزامات واضحة بالدفاع عن أعضاء حلف شمال الأطلسي، إلى تحقيق قفزة كبيرة في إنفاقها الدفاعي وسياساتها الأمنية.

المصدر: جماران

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

 

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-12-21 23:20:05
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version