ماذا لو عاد ترامب إلى السلطة؟
استعرض مارتن بارين، الذي تولى رئاسة تحرير صحيفة واشنطن بوست لسنوات عديدة، في كتابه الصادر حديثا بعنوان “صراع القوى”، ذكريات سنوات طويلة من العمل الصحفي، بما في ذلك تغطية انتخابات 2016 و2021، مؤيدا ما ذهب اليه جيفري غولدبرغ اعتبر عودة ترامب إلى الظهور تهديدا وجوديا بالنسبة للنظام السياسي في الولايات المتحدة. وفق هذه الآراء التحذيرية، كيف يمكن تحليل عودة ترامب إلى السلطة في الانتخابات الأميركية المقبلة وفي مستوى اعلى من ظاهرة ترامب؟
ردا على ذلك، يجب أن نتناول “الحقائق” و”خطابات ترامب” و”الأوساط السياسية” في أمريكا. وتوضح هذه العملية أنه لا يمكن تجاهل ترامب وظاهرة ترامب، ويجب الانتباه إلى العواقب المترتبة على عودته إلى البيت الأبيض. يقدم المشهد السياسي في أمريكا عدة حقائق.
أولا، على الرغم من توجيه 91 تهمة إليه، لا يزال دونالد ترامب يقود الجبهة الجمهورية. بعبارة أوضح أن الاتهامات الـ 91 الموجهة ضد ترامب متنوعة للغاية وكثيرة، وقد تم فتح قضايا قانونية عديدة له في عدة ولايات أمريكية.
لكن هذه الاتهامات والإجراءات القانونية لم تقلل من شعبيته بين الناخبين الجمهوريين. تجدر الإشارة إلى أن جهود الترشيح من الحزب الجمهوري مستمرة وأشخاص مهمون يحاولون الوصول إلى هذا المنصب وهناك العديد من المناقشات والتجمعات الحزبية مستمرة. لكن ترامب هو القائد بين كل هؤلاء.
الحقيقة الثانية وفي التصوير التحليلي للمشهد السياسي الأمريكي تظهر استمرار الثنائية القطبية الشديدة في هذا المجتمع. وقد وجد هذا الاستقطاب حالات متطرفة وجذرية في أبعاده ومراحله، وترامب سيد الثنائية القطبية وتوسيعها واستغلال هذه الثنائية الحقيقية والمصطنعة.
ضعف المرشح الآخر
الحقيقة الثالثة هي نقاط ضعف المرشح الآخر، أي بايدن والديمقراطيين. وعلى الرغم من تحسن الوضع الاقتصادي الأمريكي وانخفاض التضخم، إلا أن شعبية الرئيس بايدن لم تزداد فحسب، بل بدأت تتراجع، ونقطة الضعف الأكبر لدى بايدن هي كبر سنه وإظهاره العديد من الضعف الجسدي في السنوات الثلاث الماضية. إضافة إلى ذلك، فإن ظروف الشرق الأوسط ودعمه الشامل لإسرائيل وعمق جرائم ذلك النظام أضرت بأصواته.
وإلى جانب هذه الحقائق، لا يمكن تجاهل موقف ترامب. وهو على اتصال دائم بقاعدته الاجتماعية ويروج لكلماته وخطاباته باستخدام وسائل الإعلام الخاصة.
وما يلفت الانتباه هو وعوده بالتغيير بالنظام السياسي الأميركي في حال انتخابه.
وتوضح هذه الوعود منظومة خطاب ترامب، الذي تبرز فيه الشخصية والنظرة إلى الذات كعنصر وكيان خارج عن القانون.
النظام الخطابي
إضافة إلى ذلك، في هذا النظام الخطابي، الذي له جوانب سلبية أكثر من الجوانب الإيجابية، فإن المعارضة لخبرة واحترافية النظام القضائي الأمريكي مهمة للغاية. يعارض ترامب المختصين والخبراء الأمريكيين، الحكوميين وغير الحكوميين. يحب الاختزالية والنظرة غير المتخصصة. ويقول في الوقت نفسه إنه سيستخدم التسهيلات الإدارية المتاحة وسيحاكم عددا من الجنود الأميركيين الذين اختلفوا معه.
باختصار، خطاب ترامب يعطل الدستور الأمريكي ويركز على شخص الرئيس. في الجو السياسي الأميركي وخطابات ترامب، تتشكل اتجاهات مختلفة. الاتجاه الخطير هو الاتجاه العدواني لترامب وأنصاره الذين يهاجمون النخب وأجزاء من مؤسسات الحكم الأمريكية، والاتجاه الآخر هو الاتجاه الدفاعي الذي تنشغل به بعض النخب.
وفي هذا الاتجاه يمكن التمييز بين طبقتين من المواقف الدفاعية، الطبقة الأولى هي الدفاع عن بايدن والديمقراطيين الحاكمين وسجلهم، والطبقة الثانية هي الدفاع عن المؤسسات والدستور ونظام الولايات المتحدة برمته.
وبطبيعة الحال، تتداخل هاتان الطبقتان، ولكن إعطاء صورة تحذيرية لعودة ترامب هو القاسم المشترك لكليهما. والمثير للاهتمام أن ترامب يشدد على ضرورة تغيير النخب الحاكمة، وتحذر النخب من أن عودة ترامب أمر خطير.
وفي ظل هذه الدوامة الانتخابية والتحذيرات، فإن مصير السياسة والسلطة في الولايات المتحدة يستحق الاهتمام، وهو ما له في حد ذاته تأثيرات شاملة وعالمية.
المصدر: صحيفة اطلاعات
————————
المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–
النهاية
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-12-19 04:39:26
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي