سلاح الأنفاق فی غزة…«حرب أدمغة» تحت الأرض
تعود بدايات حفر الأنفاق في قطاع غزة إلى تسعينيات القرن الماضي، إذ اعتمدت بعض العائلات المقيمة على طرفي السياج الفاصل لمدينة رفح في جانبيها الفلسطيني والمصري، على حفر أنفاق بدائية لا تزيد أقطارها عن 50 سنتيمترا، لأغراض تهريب السلاح الخفيف والبضائع.
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، سعت الفصائل الفلسطينية إلى استغلال هذه الأنفاق لتهريب السلاح إلى القطاع، وتطوير ترسانتها المحلية عبر جلب بنادق الكلاشنكوف وقاذفات الـ”آر بي جي” والرشاشات المتوسطة، من خلال طرق التهريب المتشعبة التي تبدأ من رفح وتمتد إلى دول الإقليم من مصر والسودان إلى اليمن وإيران.
ومع دخول انتفاضة الأقصى عامها الثاني، وبتاريخ 26 سبتمبر/أيلول عام 2001، نفذت “كتائب القسام” عملية تفجير موقع “ترميد” العسكري الإسرائيلي في رفح جنوبي قطاع غزة، عبر نفق طوله 150 مترًا، استخدم لزرع عبوات ناسفة أسفل الموقع، مما أوقع 5 قتلى من جنود الاحتلال، وعددًا من الإصابات، ليكون هذا التاريخ، تدشينًا لما سيعرف لاحقًا بـ”سلاح الأنفاق”.
هذا السلاح اعتمدت عليه كتائب القسام في تنفيذ عدد من العمليات النوعية التي استهدفت مواقع الاحتلال العسكرية داخل حدود قطاع غزة، وهي عمليات تفجير موقع “حردون” عام 2003، وموقع “محفوظة العسكري”، و”السهم الثاقب”، وموقع “معبر رفح” عام 2004، والتي أوقعت بمجموعها 23 قتيلًا في صفوف جيش الاحتلال، وكانت من الأسباب التي عجّلت بقرار الاحتلال تنفيذ خطة الانسحاب من قطاع غزة عام 2005.
وشكل تحرير غزة وانسحاب الاحتلال الكامل منها، نهاية عهد استخدام الأنفاق كسلاح لاستهداف مواقع الاحتلال وتحصيناته داخل القطاع.
ومع اتصال أركان القطاع مع تفكيك المستوطنات، واستناد المقاومة إلى أرض محررة لتطوير قدراتها العسكرية تنظيميًا ولوجستيًا، بدأ عهد “الأنفاق الهجومية” التي شقت أرض القطاع نحو عمق الأرض المحتلة عام 1948، إذ كان الظهور الأول لهذه الأنفاق بتاريخ 25 يونيو/حزيران عام 2006، أي بعد أقل من عام على الانسحاب الإسرائيلي من غزة، حيث نفذت “كتائب القسام” و”ألوية الناصر صلاح الدين” و”جيش الإسلام”، عملية مشتركة خلف خطوط جيش الاحتلال، استهدفت موقع “كرم أبو سالم” العسكري داخل الأرض المحتلة عام 1948.
وتمت العملية عبر التسلل من نفق هجومي، وشن غارة على الموقع انتهت بقتل 2 من جنود الاحتلال، وأسر ثالث يدعى “جلعاد شاليط”، وعادت به إلى قطاع غزة، الذي مكث فيه لمدة 5 سنوات قبل إطلاق سراحه في صفقة وفاء الأحرار لتبادل الأسرى.
أنواع الأنفاق في غزة
توجد ثلاثة أنواع رئيسية من الأنفاق المستخدمة في قطاع غزة، هي:
الأنفاق الهجومية: تستخدم هذه الأنفاق لاختراق الحدود وتنفيذ هجمات خلف خطوط قوات الاحتلال الإسرائيلي. وتُستخدم أيضاً مرابض لراجمات الصواريخ ومدافع الهاون، مما يوفر الحماية لوحدات المدفعية من الغارات الجوية ويسمح لها بإطلاق الصواريخ من تحت الأرض.
الأنفاق الدفاعية: تستخدم هذه الأنفاق داخل الأراضي الفلسطينية لإقامة الكمائن ونقل المقاتلين بعيداً عن الرؤية الجوية للطائرات الإسرائيلية والغارات. تعد هذه الأنفاق وسيلة للتمويه والحماية للمقاتلين وتعزيز قدرتهم على المقاومة.
الأنفاق اللوجستية: تستخدم هذه الأنفاق مراكز قيادة وسيطرة لإدارة العمليات وتوجيه المقاتلين. يجري استخدامها لإقامة القادة الميدانيين وتخزين الذخائر والعتاد العسكري وتجميع القوات. تحتوي هذه الأنفاق على غرف اتصالات داخلية لتسهيل التواصل بين أفراد المقاومة.
الأنفاق في قطاع غزة.. ساحة الصراع الجديدة
أصبحت الأنفاق اليوم ساحة الحرب الجديدة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وذلك كما تنبأ شاؤول شاي، الرئيس السابق لقسم التاريخ في جيش الاحتلال الإسرائيلي، في كتابه “الحرب تحت الأرضية والتحديات الهامة لقواتنا”. يشير شاي إلى “معضلة الأنفاق” في غزة، ويستشهد بالتجربة التاريخية في فيتنام والفشل الذي واجهته القوات الأمريكية في مواجهة تحدي الأنفاق التي استخدمها المحاربون الفيتناميون في جنوب البلاد.
في عام 2016، خلال تشييع عدد من “شهداء الإعداد” الذين كانوا يعملون في حفر الأنفاق، أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أن غزة “صنعت أنفاقاً للمقاومة تفوق أنفاق فيتنام التي تدرّس في المدارس العسكرية”.
فإذا علمنا أن الفيتناميين تمكنوا من حفر أنفاق بطول نحو 270 كيلومتراً، فهل يعني ذلك أن أنفاق حماس في غزة تتجاوز 500 كيلومتر؟
الأنفاق في قطاع غزة.. أداة العمليات النوعية والدفاعية
منذ انتفاضة الأقصى في عام 2000، اعتمدت كتائب القسام على الأنفاق سلاحاً رئيسياً في تنفيذ عدد من العمليات النوعية التي استهدفت مواقع الاحتلال العسكرية داخل وخارج قطاع غزة. تشمل هذه العمليات تفجير موقع “حردون” في عام 2003 وموقع “محفوظة العسكري” و”السهم الثاقب” وموقع “معبر رفح” في عام 2004. أسفرت هذه العمليات عن مقتل 23 جندياً في جيش الاحتلال، وساهمت في تسريع قرار الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في عام 2005.
نفذت المقاومة الفلسطينية العملية الأبرز باستخدام الأنفاق، وهي عملية اختطاف الجندي شاليط في عام 2006، والتي أشعلت سلسلة من الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأصبحت الأنفاق العنوان البارز لتلك الصراعات.
خلال العدوان على غزة في عام 2014، استخدمت كتائب القسام بشكل واسع سلاحها الاستراتيجي، إذ استهدفت مواقع عسكرية داخل الأراضي المحتلة وأسفرت عن مقتل عشرات من جنود الاحتلال في مناطق مثل “ناحل عوز” و”صوفا” و”أبو مطيبق” وموقع “16 العسكري”.
كما استخدمت كتائب القسام أنفاقها الدفاعية بشكل واسع لمواجهة قوافل الاحتلال من خلال استهداف الآليات وإعداد الكمائن، وجرى أيضاً اختطاف الجندي شاؤول آرون من داخل مدرعته في حي التفاح، والضابط هدار غولدن في رفح بعد النجاح في كمين نوعي أسفر عن مقتل جنديين من الاحتلال الإسرائيلي.
أشهر الأنفاق المكتشفة في غزة
جرى اكتشاف عديد من الأنفاق في قطاع غزة على مر السنوات الماضية، وفيما يلي بعض الأنفاق المشهورة التي اكتُشفت:
نفق رفح الكبير: يُعتبر نفق رفح الكبير واحداً من أكبر الأنفاق المكتشفة في غزة. إذ اكتشف في عام 2013 وكان يمتد على طول الحدود المصرية-الفلسطينية. يُعتقد أن النفق كان يستخدم لتهريب السلع والأفراد والأسلحة بين البلدين.
وشكّل هذا النفق مفاجأة نوعية في تاريخ “سلاح الأنفاق” في قطاع غزة، إذ اجتاز حدود قطاع غزة مع الأرض المحتلة لمسافة 800 متر، وشكّل النفق صدمة لجيش الاحتلال ومخابراته للمواصفات الفنية العالية التي تضمّنها.
وبلغ عمق النفق 20 متراً، وامتد لمسافة 2500 متر، واستخدم 800 طن من الإسمنت المسلح لتدعيم سقفه وجوانبه بألواح الخرسانة، وتضمن شبكة اتصالات وكهرباء، قدر الاحتلال الإسرائيلي تكلفة بنائه بـ”10 ملايين دولار”.
نفق معسكر الشيخ زايد: اكتُشف هذا النفق في عام 2016 في مدينة غزة. كان النفق يمتد تحت معسكر للتدريب العسكري تابع لحركة حماس. استُخدم النفق لأغراض عسكرية ولتنفيذ العمليات ضد القوات الإسرائيلية.
نفق كرم أبو سالم: اكتُشف هذا النفق في عام 2017 بالقرب من معبر كرم أبو سالم التجاري بين غزة وإسرائيل. كان النفق يستخدم لتهريب السلع والبضائع والوقود بين البلدين.
نفق مدينة خان يونس: اكتُشف هذا النفق في عام 2018 في مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة. استُخدم النفق لأغراض عسكرية ولنقل المقاتلين والأسلحة.
نفق جباليا: اكتُشف هذا النفق في عام 2019 في مخيم جباليا شمال قطاع غزة. كان النفق يمتد باتجاه الحدود الإسرائيلية وكان يُستخدم لأغراض عسكرية ولتهريب السلع والأفراد.
محاولة إسرائيل لمواجهة التهديد الناجم عن الأنفاق
في عام 2016، أعلنت إسرائيل إطلاق مشروع بناء جدار فوق وتحت الأرض، بطول 65 كيلومتراً، بهدف التصدي للأنفاق الهجومية. استغرق بناء الجدار 3 سنوات ونصف وبلغت تكلفته 1.1 مليار دولار.
يتكون الجدار من سياج فولاذي بارتفاع 6 أمتار وجدار من الخرسانة المسلحة تحت الأرض، وهو مجهز بأجهزة استشعار لاكتشاف الأنفاق، بالإضافة إلى شبكة من الرادارات وأجهزة المراقبة والاستشعار عن بعد، وأبراج حراسة مزودة برشاشات ثقيلة يجري التحكم بها عن بعد.
وبعد اكتمال بناء الجدار والسياج الذكي في عام 2019، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، بيني غانتس، أن هذا المشروع هو “مشروع تكنولوجي من الدرجة الأولى”، يحرم حركة حماس قدراتها المحتملة ويضع حاجزاً حديدياً بينها وبين سكان الجنوب.
ومع ذلك، في الساعات الأولى من صباح السبت الموافق 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، تمكن مقاتلو القسّام من تجاوز السياج وتحطيم أسطورة “الجدار الحديدي” الذي بناه الاحتلال على طول الحدود مع قطاع غزة.
ورداً على ذلك، قصفت إسرائيل عشرات المواقع المدنية والمباني السكنية في قطاع غزة، مما أدى في اليوم الأول إلى سقوط عشرات الضحايا من الشهداء والجرحى، معظمهم من المدنيين، بما في ذلك الأطفال والنساء، لتزيد حصيلة الضحايا بعد ذلك وتتخطى ألفي شهيد وآلاف المصابين مع استمرار القصف الإسرائيلي للقطاع.
ووفقاً لمعلومات من مصادر في المقاومة، لصحف محلية فلسطينية، قسم الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة إلى مناطق جغرافية، مع افتراض أن تحت الأرض مدينة كاملة تحتوي على شبكة من الأنفاق. واعتمدوا على إطلاق نيران كثيفة على المنطقة المحددة في كل مرة، بموجب خطة تسمى “تنوفا”. وتهدف هذه العملية إلى إحباط محاولات إعادة بناء الأنفاق وتعزيز سيطرة إسرائيل على الحدود الجنوبية.
ومع ذلك، فإن التحدي الذي تواجهه إسرائيل في مواجهة الأنفاق لا يزال قائماً. فالمقاومة الفلسطينية مستمرة في تطوير وبناء الأنفاق بتقنيات متطورة وبأبعاد جديدة، مما يشكل تهديداً مستمراً على أمن إسرائيل وسكان المستوطنات القريبة.
السلاح الإستراتيجي
وعقب سيطرة حركة “حماس” على قطاع غزة في يونيو/حزيران 2007، وفرض الحصار الإسرائيلي المطبق على القطاع، عادت الأنفاق إلى سيرتها الأولى، كوسيلة لتهريب المؤن والوقود والمواد الغذائية للقطاع المحاصر عبر الحدود مع مصر.
وتحولت مدينة رفح إلى عاصمة لهذه الأنفاق الحدودية، التي وصل عددها للمئات مع عام 2009، والتي ادعى جيش الاحتلال أنها تستخدم لتهريب الوسائل القتالية إلى القطاع المحاصر، وعمد إلى استهدافها بالغارات الجوية المكثفة، وتدميرها بشكل كامل خلال عملية “الرصاص المصبوب” 2008-2009.
لكن هذه الأنفاق عادت للعمل مجددًا، وتصاعد عددها، وتوسعت مساحاتها، ومع تولي عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في مصر، أطلق الجيش المصري عملية عسكرية واسعة لإقامة منطقة عازلة على الحدود المصرية مع قطاع غزة، شملت تدمير وإغراق الأنفاق التجارية بشكل شبه كامل.
وتزامنًا مع سنوات “الأنفاق التجارية”، كانت “كتائب القسام” تخوض معركة صامتة تحت الأرض في قطاع غزة، كان عنوانها تدشين “السلاح الإستراتيجي” عبر تشكيل وحدات متخصصة في حفر الأنفاق، وتدشين عشرات الكيلومترات من هذه الأنفاق التي انقسمت إلى 3 أنواع وهي:
الأنفاق الهجومية: وهي مخصصة لاختراق الحدود مع الأرض المحتلة، وشن هجمات خلف خطوط قوات الاحتلال الإسرائيلي، إضافة للأنفاق المخصصة كمرابض لراجمات الصواريخ ومدافع الهاون، التي توفر الحماية لوحدات المدفعية من غارات الطائرات، وتسمح لهم بإطلاق الرشقات الصاروخية من تحت الأرض.
الأنفاق الدفاعية: وتستخدم داخل الأراضي الفلسطينية لنصب الكمائن وتنقل المقاتلين بعيدًا عن أعين الطائرات الإسرائيلية وغاراتها.
الأنفاق اللوجيستية: وتستخدم كغرف قيادة وسيطرة لإدارة المعارك وتوجيه المقاتلين، وإقامة القادة الميدانيين، وتخزين الذخائر والعتاد العسكري وتجمع زمر المقاتلين، كما تضم غرف ومقاسم الاتصالات السلكية الداخلية للمقاومة.
ولم تكن أعين الاحتلال بعيدة تمامًا عن المعركة التي يشهدها باطن الأرض، والتي شكلت هاجسًا له، حيث شنت طائرات الاحتلال عام 2011 غارات على غزة، زعمت أنها استهدفت أنفاقًا مخصصة للتسلسل إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
مفاجأة
وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول 2013، الذي شكّل مفاجأة نوعية في تاريخ “سلاح الأنفاق” في قطاع غزة، مع إعلان الجيش الإسرائيلي اكتشافه نفقًا إستراتيجيًا شرق بلدة عبسان جنوب قطاع غزة، اجتاز حدود القطاع مع الأرض المحتلة لمسافة 800 متر، وشكّل النفق صدمة لجيش الاحتلال ومخابراته نظرًا للمواصفات الفنية العالية التي تضمّنها.
وبلغ عمق النفق 20 مترًا، وامتد لمسافة 2500 متر، واستخدم 800 طن من الإسمنت المسلح لتدعيم سقفه وجوانبه بألواح الخرسانة، وتضمن شبكة اتصالات وكهرباء، قدر الاحتلال تكلفة بنائه بـ”10 ملايين دولار”، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى التوغل داخل قطاع غزة، لمحاولة الوصول لمكان حفر النفق وتدميره، فاندلعت في حينه اشتباكات عنيفة مع مقاتلين من كتائب القسام، أسفرت عن مقتل ضابط في جيش الاحتلال واستشهاد 3 مقاتلين من الكتائب.
وعقب الكشف عن نفق “خان يونس” الأسطوري، سارع الاحتلال للتراجع عن قرار السماح بإدخال مواد البناء إلى قطاع غزة، فيما أعلن أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، مسؤولية الكتائب عن حفر النفق، قائلا إنه حفر بأيدي مقاتليها.
ورغم الحصار الإسرائيلي المطبق على قطاع غزة، ومنع دخول مواد الإنشاءات والخرسانة والحديد، والرقابة المتواصلة على مدار الساعة التي يفرضها الاحتلال عبر طائراته المسيرة فإن عمليات حفر الأنفاق وتوسيعها وتطويرها تواصلت، وشكلت عمليات إخراج نواتج الحفر وتصريفها، لغزًا لم يستطع الاحتلال حلّه حتى الآن، مع وصولها إلى آلاف الأمتار المكعبة من الرمل في كل نفق يتم حفره وتجهيزه.
العصف المأكول
“مثلت الأنفاق تحديا كبيرًا لجيشنا، ومنحت الفصائل الفلسطينية الفرصة ليظهر مقاتلوها في مشهد هوليودي من عين النفق، ويتحركوا باتجاه مواقعنا، ويقوموا في أقل من دقيقتين بقتل جنودنا”.
كان هذا جزءًا من مقال للخبير الإستراتيجي الإسرائيلي “يوآف شاروني” في صحيفة “هآرتس” عام 2014، عقب انتهاء معركة “العصف المأكول” في قطاع غزة.
وقد شكلت المعركة صدمة لا تنسى للجيش الإسرائيلي، الذي تكبد 72 قتيلًا في صفوفه، علاوة على أسر 2 من ضباطه وجنوده، خلال المعارك العنيفة التي شهدها القطاع طوال 52 يومًا، وشكلت الأنفاق مفاجأتها الكبرى.
وخلال عدوان 2014، استخدمت كتائب القسام سلاحها الإستراتيجي بشكل واسع حيث استهدفت مواقع عسكرية داخل الأرض المحتلة أوقعت عشرات القتلى من جنود الاحتلال في “ناحل عوز” و”صوفا” و”أبو مطيبق” وموقع “16 العسكري”.
كما استخدمت الكتائب أنفاقها الدفاعية بشكل واسع في التصدي لأرتال الاحتلال عبر ضرب الآليات ونصب الكمائن، واختطاف الجندي
واستخدمت الأنفاق طوال المعركة في إطلاق رشقات صاروخية طالت تل أبيب والقدس وحيفا، وأدخلت ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ طوال أيام الحرب.
الجدار الحديدي
وفي عام 2016 أعلنت إسرائيل البدء بتشييد جدار فوق الأرض وتحتها وبطول 65 كيلومترًا، للقضاء نهائيًا على فكرة الأنفاق الهجوميّة، واستمر العمل فيه 3 سنوات ونصف، بتكلفة وصلت إلى 1.1 مليار دولار.
والجدار عبارة عن سياج فولاذي بارتفاع 6 أمتار وجدار من الخرسانة المسلحة مسلح تحت الأرض، مزوّد بأجهزة استشعار للكشف عن الأنفاق، إضافة إلى شبكة من الرادارات وأجهزة المراقبة والاستشعار عن بعد، وأبراج حراسة مزودة برشاشات ثقيلة يتم التحكم بها عن بعد.
ومع اكتمال تشييد الجدار الفاصل والسياج الذكي عام 2019، قال وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه بيني غانتس إن هذا الحاجز “مشروع تكنولوجي من الدرجة الأولى، يحرم حماس من القدرات التي حاولت تطويرها، ويضع جدارا حديديا بينها وبين سكان الجنوب”.
لكن في الساعات الأولى من صباح السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قضى مقاتلو القسّام عند اجتيازهم السياج على أسطورة “الجدار الحديدي” الذي شيّده الاحتلال على طول الحدود مع قطاع غزّة، والذي صوّره لسنوات على أنه “الحل النهائي” لمعضلة الأنفاق وتهديدها لمستوطنات “غلاف غزّة”.
المصدر : وکالات
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-12-10 05:41:32
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي