حماس فكر وقضية، والفكر والقضية لا ينتهيان

شفقنا – ماذا سيكون عليه مستقبل غزة بعد الحرب؟ إن استطاعت اسرائيل القضاء على حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بالكامل وهو بعيد المنال، حينها تبرز إلى السطح مجموعات على غرار حماس تنشأ وتتنامي في ظروف غزة وتفكر مثلها وتتحول إلى حماس أو حماسات أخرى.

وهذه المجموعات الناشئة يمكن أن تكون أكبر حجما وأخطر على اسرائيل. فضلا عن أن ظروف فلسطين وغزة تحت الاحتلال الاسرائيلي هي بالشكل الذي تنتج تلقائيا مجموعات المقاومة والتحرر.

وإن استطاعت اسرائيل إزاحة حماس من الحكم في غزة، فان ظروف هذه المنطقة ستعود على الأرجح إلى ما كانت عليه قبل عام 2007، أي أن تتحول حماس إلى مجموعة مقاومة لا سلطة حاكمة، وستواصل هجماتها وعملياتها ضد اسرائيل. إن حماس التي لها تاريخ في خوض مواجهات مع الجيش الاسرائيلي، لا ترى أن ثمة مانعا وحاجزا يحول دون شنها عمليات ضد اسرائيل.

وتحلم السلطات الاسرائيلية أن تصبح غزة ما بعد الحرب، دون أن تحكمها حماس بل أن يسيطر عليها الجيش الاسرائيلي عسكريا وأمنيا. وهذا يعني أن الجيش الاسرائيلي سيكون على المدى الطويل عرضة لهجمات المجموعات الفلسطينية وعلى رأسها حماس والجهاد الاسلامي وغيرهما من فصائل المقاومة. فضلا عن أن احتلال اسرائيل عسكريا لغزة، سيجعل اسرائيل هدفا أسهل لفصائل المقاومة ويضفي المزيد من الشرعية على العمل المقاوم.

وإن أرادت اسرائيل الإبقاء على احتلالها لقطاع غزة، وانتزاع أي أفق للعيش خارج نطاق الاحتلال، فانها يجب أن تشهد هجمات كالتي تشنها حماس أكانت حماس موجودة على الأرض أم لم تكن.

ومن ناحية أخرى، فان ممارسة الجيش الاسرائيلي التدمير الهائل والواسع وهدم المنازل والمباني والبنى التحتية في قطاع غزة، قد يعيد القطاع إلى الوراء بعض الشيء لكنه لا يقتل الروح المعنوية والحماسة والدافع لدى الفلسطينيين بل يسهم في تعزيز معنوياتهم لشن مزيد من الهجمات على اسرائيل ويزيد من عدة وعديد مجموعات المقاومة والمناهضة للاحتلال.

وعلى مدى الأسابيع السبعة من حرب الدمار التي شنتها اسرائيل على غزة وأهاليها العزل، لم تتمكن اسرائيل من تحقيق هدفها المعلن في القضاء على حماس وحكمها لغزة. وبجانب ذلك، شكل تحرير الأسرى الاسرائيليين هدفا آخر للهجمات الوحشية الاسرائلية على غزة، لكن تل أبيب لم تتمكن من الإفراج حتى عن أسير واحد قبل إبرام صفقة مع حماس والهدنة المؤقتة التي أفضت إلى تحرير بعض أسراها.

وهذا يحصل بينما يضرب الجيش الاسرائيلي المزود باحدث الأسلحة ويملك أكثر الأدوات والآليات العسكرية فتكا في العالم، حصارا على قطاع غزة من الجهات الأربع. كما تتمتع اسرائيل بحرية الإفلات من العقاب ولا تواجهها أي قيود قانونية وحقوقية تردعها عن القيام بعمليات الإبادة والقتل الجماعي، وتحصل على المزيد من المعدات والتجهيزات العسكرية والأسلحة الحديثة، إضافة إلى تمتعها بالحد الأقصى وغير المحدود من الدعم والإسناد السياسي والاقتصادي والتسليحي والدبلوماسي والحقوقي من الغرب وأمريكا على وجه التحديد.

وفي المقابل هناك مجموعة تخضع للحصار التام. وكل الأسلحة والذخيرة التي تستخدمها تعود إلى احتياطات ما قبل الحرب. ولا تتوفر لديها إمكانية الحصول على المزيد من السلاح والعتاد من خارج المنطقة الحربية.

فاسرائيل تلقت ضربة لا تعوض من حماس، ودخلت الحرب وقتلت وأبادت ما يزيد عن 15 ألف شخص من أهالي غزة، وثبتت وصمة عار قتل الأطفال والنساء على جبينها، لكنها  اضطرت في خاتمة المطاف وبعد سبعة أسابيع من الحرب الهمجية، لإبرام صفقة مع حماس، واضطرت للإفراج عن السجناء الفلسطينيين مقابل تسلم بعض أسراها من حماس.

إن اسرائيل لم تستطع على مدى الأسابيع السبعة من الحرب، من احتلال 360 كيلومترا مربعا تشمل عدة مدن بالكامل، وإزاحة حماس من حكم هذه المنطقة أو القضاء عليها. كما أنها لم تفلح لحد الان في استهداف زعيم حماس في غزة أي يحيى السنوار وباقي القيادات السياسية – العسكرية الرئيسية في القطاع.

وعلى  أي حال، في القرن الواحد والعشرين وفي عام 2023 بالذات، يُقتل آلاف الناس، ويُصاب عشرات الألوف الأخرين منهم وتُدمر بيوتهم على رؤوسهم وينزحون من ديارهم. ودُمرت ألوف البيوت والمباني المدنية. وبقي ألوف الناس من دون طعام وماء وملاذ آمن. واستبيحت المستشفيات وقُصفت ودُمرت، وتعرض نحو مليوني إنسان للنزوح والجوع والعطش من دون أن يحرك العالم العصري الذي يعتبر نفسه متقدما ومتحضرا، ساكنا ودون أن يرف له جفن، أو أنه لم يرغب بوضع هذا الوحش الكاسر عند حده ويحول دون حدوث المآسي والدمار والمجازر وإبادة النسل.

المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-11-30 06:28:22
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version