الحرب تعيد غزة إلی الحياة البدائية

شفقنا – من المشافي والإسعاف إلى شركات الاتصالات مرورا بالمواطنين وطواقم الدفاع المدني، تتعالى الأصوات المطالبة بإدخال كميات كافية من الوقود، لتبقي الحياة اليومية في قطاع غزة ضمن حدها الأدنى.

والأربعاء، دخلت مصر شاحنة محملة بـ 25 ألف لتر من الوقود، مقدمة لصالح تشغيل سيارات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

بلغة الأرقام، تشير بيانات الإدارة العامة للبترول في وزارة المالية الفلسطينية، أن حاجة قطاع غزة الشهرية من الوقود (البنزين والسولار) تبلغ قرابة 12 مليون لتر.

أي أن كمية الوقود الواصلة إلى القطاع، الأربعاء، لصالح الأونروا، تمثل 0.2 بالمئة فقط من حاجة غزة للوقود شهريا، في الظروف الطبيعية.

ولم تدخل أية كميات من الوقود إلى القطاع منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي، الأمر الذي أصاب مفاصل الحياة بالشلل شبه التام.

إلى جانب هذه الكمية، فإن متوسط حاجة غزة الشهرية من الوقود الصناعي اللازم لتوليد الكهرباء، نحو 12 مليون لتر، منها 3 ملايين لتر شهريا لمشافي القطاع لغرض توليد الكهرباء.

وكلمة الوقود، هي اختصار لمختلف أنواع المحروقات (بنزين، سولار، سولار صناعي لتوليد الطاقة، كاز) التي تمثل أولوية إلى جانب المياه والدواء لسكان قطاع غزة، فيشمل الوقود، السولار المخصص لتوليد الكهرباء لمشافي غزة، وذلك المخصص لتوليد الطاقة لمضخات المياه من الآبار.

كما يشمل الوقود، مصدر الطاقة لتشغيل سيارات الإسعاف وآليات الدفاع المدني اللازمة لنقل ضحايا القصف الإسرائيلي؛ والوقود أيضا هو مصدر الطاقة الوحيد حاليا لتوليد الكهرباء لمقاسم شركات الاتصالات، كما أنه الوقود اللازم لتشغيل المركبات على مختلف أنواعها.

وتخضع غزة، وهي منطقة ضيقة من الأرض على البحر الأبيض المتوسط بين إسرائيل ومصر، لحصار عسكري إسرائيلي منذ سيطرة حماس على القطاع في عام 2007.

وتعتمد غزة، التي يقطنها عدد كبير من السكان يبلغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة، إلى حد كبير على إسرائيل؛ لمياه الشرب والإمدادات الغذائية والكهرباء والوقود لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة فيها.

ومنذ 41 يوما، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت 11 ألفا و500 شهيد، بينهم 4710 أطفال و3160 امرأة، فضلا عن 29 ألفا و800 مصاب، 70 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية مساء الأربعاء.

** غياب الوقود

تعتبر غزة اليوم، هي نموذج مثالي لفرضية انقطاع أنواع الوقود عن أي منطقة في العالم؛ البداية تتمثل في انقطاع الطاقة الكهربائية، حيث تعمل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة على السولار لتوليد الطاقة.

ومنذ الأسبوع الأول للحرب، توقفت المحطة عن توليد الطاقة، كما نفد الوقود الصناعي اللازم لتشغيل المولدات الأصغر حجما، سواء للمشافي وشركات الاتصالات وللمراكز الصحية والمنازل، ولضخ المياه من الآبار الجوفية.

كذلك، اضطر آلاف الغزّيين لاستبدال أنواع البنزين والسولار بزيت الطهي داخل خزان الوقود في المركبات، لكن الغالبية العظمى أجبرت على ترك سياراتهم لعدم وفرة الوقود، ولاحقا لحظر تحرك السيارات من قبل الجيش الإسرائيلي في شمال ووسط غزة.

ويحصل القطاع على معظم احتياجاته اليومية من الوقود (البنزين والسولار) من مصر، بأكثر من 10 ملايين لتر شهريا، من أصل 12 مليونا، والباقي يصل من إسرائيل، بحسب بيانات الإدارة العامة للبترول الفلسطينية.

أما الوقود الصناعي اللازم لتوليد الكهرباء سواء لمحطة التوليد، أو للمشافي والمؤسسات الأخرى، فإنه يأتي من خلال إسرائيل، عبر تنسيق مع قطر منذ سنوات، بكمية 12 مليون لتر شهريا.

** عودة للبدائية

وسط غياب الوقود وبالتالي الكهرباء، فإن مظاهر الحياة البدائية بدأت تطفو على السطح في القرن الحادي والعشرين، ضمن محاولة الغزيين التأقلم على الواقع المفروض عليهم.

اليوم، وبسبب غياب الوقود فإن مئات الجثث ما تزال تحت الأنقاض لعدم توفر الوقود اللازم لتشغيل الآليات اللازمة لرفع الأنقاض والبحث عن مفقودين.

وتضطر عائلات إلى استخدام أيديهم أو أدوات بسيطة لرفع الأجزاء الصغيرة من الأنقاض، فيما يقول مواطنون إن روائح جثث متحللة تنتشر في عديد الأحياء شمالي غزة.

ومن مظاهر الحياة اليومية، أصبح الحطب هو مصدر الطاقة اللازم لصناعة الخبز، وهو مصدر التدفئة مع دخول فصل الخريف وبدء هطول الأمطار على القطاع منذ الأسبوع الجاري.

كذلك، أصبحت الدواب (الحمير والخيل)، هي أداة نقل رئيسة بدلا من السيارات لمن يعجز عن السير عدة كيلومترات من العائلات النازحة من الشمال إلى الجنوب.

أما الحصول على المياه، ومع غياب الوقود اللازم لتوليد الكهرباء للمضخات، وانقطاع المياه عن معظم مدن القطاع من الجانب الإسرائيلي، بدأت عائلات إما بتحلية مياه البحر بإضافة السكر، أو غلي مياه البحر.

كذلك، انتشرت الأسبوع الماضي، مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، لأفراد يستحمون بمياه البحر على شاطئ قطاع غزة.

انتهی.

المصدر
الكاتب:Mohammad Falaki
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-11-17 09:32:03
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version