خاص وكالة نيوز
الكاتب : عباس قبيسي
الموازنة العامه تعني الخطة السنوية للدولة عن سنة مالية قادمة تتضمن الإيرادات المقدرة المنتظر تحصيلها وكذلك النفقات المقدرة المرخص لها بالصرف في حدودها وتعتبر موازنة الدولة من أهم الأدوات التي تسهم في تحقيق الإستقرار الإقتصادي والإجتماعي في أي دولة، وفي هذا السياق، يأتي مشروع قانون الموازنة العامة كخطوة حيوية تهدف لضبط الإنفاق الحكومي وتوجيه الأموال في القطاعات التي تعتبر ذات الأولوية، حيث يشكل هذا المشروع محوراً هاماً للنقاش بشكل مستمر على صعيد الساحة السياسية والإقتصادية والمالية، ولذلك، سنحاول إستعراض بشكل مختصر بعض نقاط مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2024 وتسليط الضوء على أهمية هذا الأمر وتأثيره على الحياة اليومية للمواطنين “وهل هناك أي أثر إقتصادي وإجتماعي متوقع، وماذا عن الضرائب ؟”
على غير عاداتها التي جرت في السنوات السابقة أرسلت الحكومة اللبنانية مشروع قانون موازنة العام 2024 الى المجلس النيابي ضمن المهل الدستوريّة، ويسجل لها ذلك إيجاباً ولكن لغاية في نفس يعقوب وهي طبعاً الحصول فيما بعد على صلاحيّة إصدار الموازنة بمرسوم في مجلس الوزراء في شهر كانون الثاني عام 2024، في ظرف إستثنائي يمر به الوطن بإعتداءات يومية على حدوده الجنوبية وبلداته المنتشرة من مزراع شبعا وتلال كفر شوبا إلى الناقورة بواسطة عدو صهيوني مجرم همجي ومتغطرس يسعى لتوسعة حربه، والسؤال الذي يطرح نفسه، هل المجلس النيابي قادر على إنجاز التعديلات اللازمة على مشروع الموازنة العامة بعد درسها ومناقشتها في لجنة المال، ومن ثم في اللجان النيابية المشتركة، وبعدها التصويت والتصديق عليها بنداً بنداً في الهيئة العامّة، من دون تجاوز المهلة الدستوريّة، أظن ذلك شبه مستحيل بل يحتاج إلى معجزة عصا موسى.
🔻ماذا عن المواد 81,82,83 في الدستور اللبناني
_نصت المادة 81 تفرض الضرائب العمومية ولا يجوز إحداث ضريبة ما وجبايتها في الجمهورية اللبنانية إلا بموجب قانون شامل تطبق أحكامه على جميع الأراضي اللبنانية دون استثناء.
_المادة 82 لا يجوز تعديل ضريبة أو إلغاؤها إلا بقانون .
_ المادة 83 كل سنة في بدء عقد تشرين الاول تقدم الحكومة لمجلس النواب موازنة شاملة نفقات الدولة ودخلها عن السنة القادمة ويقترع على الموازنة بنداً بنداً.
فالمادّة 83 من مشروع القانون تسمح للحكومة بتعديل التنزيلات والنسب والشطور المرتبطة بالضرائب والرسوم، بموجب مرسوم حكومي، لغاية العام 2026 أي لثلاث سنوات لاحقة، وبصورة أوضح، تعطي الموازنة الحكومة صلاحيّة شبه تشريعيّة وقانونية، لتحديد حجم الضرائب التي تريد أن تحصّلها، من دون العودة الى أي تشريع من المجلس النيابي في الأعوام 2024, 2025 و2026 وبهذه الصيغة، يتعارض نص الموازنة مع المواد 81 و82 من الدستور اللبناني، التي تحصر حق فرض الضرائب أو تعديلها بالمجلس النيابي حصراً.
▪️هل هناك ضرائب جديدة في العام 2024 ؟
تتضمن الموازنة سابقة في تاريخ الوطن، بأن الدولرة هي السبيل الفعّال والأسرع لتأمين إيرادات الدولة، حيث تتجه لفرض بعض الضرائب والرسوم بالدولار الأميركي. أما الأخطر من كل ذلك فهو فرض رسم جديد بدل خدمات سريعة وطارئة لدى الإدارات العامة مقابل تسريع إنجاز المعاملات على أن يتمّ توزيع إيراداته على موظفي الدولة، وهي محاولة علنية لتشريع الفساد والرشوه، وهذا سيفتح الباب حكماً أمام الاستنسابية في التعاطي مع معاملات المواطنين، وأما عن موضوع تصحيح الأجور فهو غائب كلياً عن مشروع موازنة 2024.
▪️ماذا عن الإيرادات والنفقات لعام 2024 ؟
بحسب رأي الخبير في الدولية للمعلومات صادق علوية يتبيّن أن ايرادات مشروع الموازنة مرتبطة بإفتراض إقرار مشروع موازنة العام 2023 التي لم تقر من مجلس النواب بعد، كما يظهر فيها من المبالغ الملحوظة في متن الجداول التي تتضمن ايرادات ضريبية وغير ضريبيّة. وعلى صعيد تصنيف النّفقات، فقد بلغت النفقات التشغيلية حوالي 285 ألف مليار والتي تمثل النفقات العادية في حين ان نفقات الجزء الثاني من الموازنة بلغت فقط 15.5 الف مليار وهي نفقات التجهيز والاستثمارات باختصار يمكن القول أن من ايجابيات هذه الموازنة تصحيح بعض الايرادات الضريبية وتصحيح الشطور الضريبية أما من مساوئها افتقارها لأي خطة تساهم في النمو على صعيد الاقتصاد وانما ضرائب اضافية مستحدثة تزيد في الانكماش الاقتصادي وتساهم في الضغط على محدودي الدخل وسيؤدي الى ان يرتفع عدد الأسر الأكثر فقرا دون أية حماية او تغطية صحية او اجتماعية لهم.
▪️هل هناك إنفاق في القطاعات الصحية والتربوية ؟
يفتقر مشروع قانون موازنة 2024 إلى الإنفاق في القطاعات الخدماتية والاجتماعية والصحية والتربوية مع تخصيص اعتمادات تكاد لا تذكر لوزارات الصحة والتربية والشؤون الاجتماعية وعدم وجود أي مظلة حماية صحية وإجتماعية للمواطنين، ويأتي ذلك في وقت يتداعى نظام الرعاية الصحية وسط أزمة إقتصادية خانقة مترافقاً مع إنهيار مماثل للنظام التربوي في المدارس الحكومية ومؤسسات الدولة التي باتت تلفظ أنفاسها بعدما توقفت عجلة الإقتصاد وإنعدم النمو وذلك يحتّم ضرورة درس الموازنة بنداً بنداً من جانب المجلس النيابي في اقصى سرعه وإقرار موازنة معدلة قبل نهاية العام الحالي وإيلاء أهمية لإتخاذ القرارات المالية السليمة لأن أي نتيجة سلبية على المكلفين ستنعكس سلباً على خزينة الدولة عبر إزدياد الفساد والرشاوى والتهرب الضريبي والجمركي والعمل خارج القوانين إضافة إلى إرتفاع معدل الأسر الأكثر فقراً وهو حال الكثير من البلدان حول العالم التي تعاني من أزمات مالية طاحنة وآلام إقتصادية حاده لعدم وجود خطة نهوض بعد موافقتها على قرارات إرتجالية فاشلة في زيادة الرسوم والضرائب.