غزة تعري الليبرالية الغربية.. على فوكوياما أن يمزق كتابه ويتوارى
موقف المستشار الالماني يأتي في الوقت الذي ارتفعت حصيلة المحرقة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، إلى 11180 شهيدا، بينهم 4609 أطفال، و3100 إمراة، وبلغ عدد المفقودين 3250 مفقودا، منهم 1700 طفل لازالوا تحت الأنقاض، اما عدد شهداء الكوادر الطبية بلغ 198 ما بين طبيب وممرض ومسعف، كما استشهد 20 من رجال الدفاع المدني، واستشهد أيضا (49) صحفيا، بينما بلغ عدد الإصابات 28200 إصابة، 70% منهم من الأطفال والنساء.
من الواضح ان الموقف الالماني المنحاز بهذا الشكل المتطرف الى جانب الكيان الاسرائيلي، وتجاهل المجازر الوحشية التي تنفذها قوات الاحتلال بحق المدنيين في غزة، التي طالت حتى مرضى السرطان والاطفال الخدج في المستشفيات، بعد ان خرجت اغلب مستشقيات غزة عن الخدمة، اثر قصفها المباشر، وانقطاع الوقود والكهرباء والدواء عنها، اثار العديد من علامات الاستفهام لدى المراقبين، عن الدوافع التي تجعل المسؤولين الالمان يتجاهلون بهذا الشكل المخزي الابادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي في غزة، وبشكل علني، بينما مازال المسؤولون الالمان يتمترسون وراء مقولة “من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها”!.
هناك سردية باتت ممجوجة تبرر هذا الموقف العار للمسؤولين الالمان ازاء الكيان الاسرائيلي، وهي سردية ماضي الهولوكوست، واللوبي الإسرائيلي، ونفوذ واشنطن، وهي سردية لم تعد مقنعة الان، وان كانت في الماضي كذلك، فاليوم المانيا ليست هي المانيا التي خرجت مهزومة من الحرب العالمية الثانية، والتي كانت تتعرض من الصهيونية العالمية حينها لضغوط للتعويض عن ضحايا المحرقة المزعومة بمليارات الدولارات، لتبرير ساحة الاجيال الالمانية من الجرائم التي ارتكبها هتلر ، فالمانيا التي منحت اليوم الكيان الاسرائيلي ما لم يحلم به من امكانيات خلال 7 عقود، وكانت سببا في تشكيله وبقائه وديمومته، ترفع شعارات “حقوق الانسان”، كباقي الدول الغربية الاخرى، وتفرض عقوبات على دول وحكومات، لانها لا تحترم هذه “الحقوق”، كما يرفض دستورها “ارسال اسلحة الى المناطق التي تشهد نزاعات”، خوفا من اتساعها وسقوط ضحايا، فلماذا نرى اليوم كل مسؤوليها يكررون ذات المواقف القديمة وبشدة اكبر، لاسيما مقولة “ان أمن إسرائيل مصلحة وطنية عليا لبرلين”؟!.
من الواضح والمؤكد ان السياسة التي تنتهجها ألمانيا تجاه الابادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ 38 يوما، لا تخرج مطلقا عن السياق العام للسياسة الغربية ازاء ما يجري في الشرق الاوسط، وخاصة في فلسطين المحتلة، وهي سياسة قائمة على الانحياز الكامل للكيان الاسرائيلي، بوصفه قاعدة غربية متقدمة في العالم الاسلامي، ويمثل مصلحة غربية عليا، يجب الدفاع عنها مهما كانت الظروف، وهذا الدفاع الاعمى عن المصلحة الغربية ، هو الذي كان وراء الموقف المشين والعار لشولتس، الذي يذرف دموع التماسيح ليل نهار على “ضحايا المحرقة”، ازاء ما يجري في غزة من فظائع، ومنها موقفه، من القصف الاسرائيلي الوحشي لمستشفى المعمداني، الذي اسفر عن استشهاد اكثر من 500 شخص اغلبهم من الاطفال والنساء، فإذا بشولتس يكتب على الفور، عبر منصة “إكس”: ” إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وواجب على كل دولة حماية مواطنيها”!!.
في الوقت الذي يصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ما يحدث في غزة بالكابوس، وان ما “يحدث في غزة تجاوز حتى الخيال”، نرى مجموعة السبع الصناعية ومن بينها المانيا، ترفض في اجتماعها في اليابان وقف اطلاق النار، وقبل ذلك كانت المانيا امتنعت عن التصويت على قرار في مجلس الامن يدعو لوقف اطلاق النار في غزة، واللافت ان الغربيين لا ينفكون عن الحديث عن “هدنة انسانية” ، وهو حديث يأتي من باب التهرب من المسؤولية مما يجري.
بعد ما جرى ويجرى في غزة، لاحت وبشكل واضح في آفاق العالم، بوادر هزيمة الحضارة الغربية، التي كان يجتمع رموزها كل عام في اجمل اماكن العالم، وهم يتبخترون كالطواويس، ويملون على شعوب العالم ما هو الصحيح وما هو الخطأ، ويتحدثون بصوت عال عن الانسان وحقوقه، بل عن حقوق الحيوان والشاذين والمنحرفين، وعن القانون الدولي، الذي تجسده اليوم جرائم “اسرائيل” افضل تجسيد، فاذا بغزة تفضحهم وتعريهم وتسلخ جلودهم المزيفة، فاذا بهم ذئاب بشرية شرسة، تقطر انيابها من دماء الاطفال، فتعسا لحضارة، هذه تطبيقاتها وهذه قوانينها وهذه نماذجها ورموزها، وعلى فوكاياما الذي كتب عن نهاية التاريح وإنتصار الليبرالية الغربية، ان يمزق كتابه ويتوارى عن الانظار.
المصدر
الكاتب:
الموقع : www.alalam.ir
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-11-13 16:11:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي