المركز الذي يُعنى بالحقوق الرقمية في فلسطين، رصد في تقرير خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مؤشرات خطيرة على استهداف المؤسسات الإعلامية رقمياً، حيث تشكل المؤسسات الإعلامية والصحفية نسبة 45% من مجمل الانتهاكات، بحذف صفحاتها وتعرضها للتقييد على المنصات المختلفة في الوقت الذي يحتاج فيه الفلسطيني بشكلٍ عام، وسكان قطاع غزة بشكلٍ خاص، للوصول إلى المعلومات وما يشكله هذا الحق من حاجة مُلحة وضرورية في ظل العدوان الحالي.
هجمات إلكترونية
إضافة إلى الانتهاكات، تعرض عدد من المؤسسات الإعلامية ومدققي المعلومات لهجماتٍ إلكترونية لتعطيل عملهم أو إعاقته، مثل مؤسسة “الجزيرة” الإعلامية و”إيكاد” للتحقق من المعلومات، بحسب المرصد.
وتنوعت تلك الانتهاكات على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، من منصات شركة ميتا (فيسبوك، إنستغرام، واتساب، ثريدز، ماسنجر) وتويتر وتيك توك وسناب شات، ولم تقتصر الانتهاكات على المستخدمين الفلسطينيين، حيث إن أكثر من 20% من الشكاوى الواصلة إلى “صدى سوشيال” من مستخدمين عرب ومناصرين لفلسطين.
كما تعرضت صفحة شبكة قدس الإخبارية “المستقلة”، للحذف من “فيسبوك” على الرغم من أن عدد متابعيها 10 ملايين، بعد استهدافها من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وتأسست شبكة القدس عام 2011، وتنحاز إلى قيم الحرية والكرامة وتطلعات الشعب الفلسطيني بحق تقرير مصيره وفق ما كفله له القانون الدولي والإعلان العالمي لمبادئ حقوق الإنسان، وتسعى إلى بناء قواسم مشتركة لوحدة الصف الفلسطيني الداخلي وخلق فضاء إلكتروني يتمتع بالمصداقية
كما تسعى إلى ترسيخ ثقافة معرفية فلسطينية وتعزيز الرواية الفلسطينية في الفضاء الإلكتروني، وإثراء النقاش حول القضايا السياسية والاجتماعية والفكرية، وحتى الاقتصادية التي تمس حياة الفلسطينيين، وتعمل على تحقيق ذلك من خلال نشر مقالات خاصة بالصحيفة لنخبة من كبار الكُتاب بمختلف التوجهات السياسية والأيديولوجية، وبحرية لا يحدُّها سقف، سوى القانون والأخلاقيات الإعلامية.
محتوى تحريضي
وخلال أكتوبر/تشرين الأول، تابع “صدى سوشيال” أكثر من 20 ألف محتوى تحريضي يشمل مصطلحات وعبارات تحريضٍ وصوراً ومقاطع فيديو، واتخذت مظاهر التحريض في منصات التواصل الاجتماعي أشكالاً مختلفة.
تقرير المرصد أشار إلى أن جهات رسمية إسرائيلية ومستوطنين دعوا بشكل واضح ومباشر إلى قتل الفلسطينيين والعرب وإبادتهم، والتنكيل بالأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، والدعوة إلى عدم إدخال أي قطرة ماء أو دواء إلى قطاع غزة، وشكلت 40% من المحتوى التحريضي ضد أشخاص بعينهم.
ووفقاً للتقرير، فقد انتشرت مجموعات بين المستوطنين تتناول صوراً لفلسطينيين ومحلات تجارية فلسطينية، ثم ينسق المستوطنون للهجوم على منطقة فلسطينية في الضفة الغربية تستهدف الفلسطينيين وممتلكاتهم، وعلى أثر ذلك قُتل 7 فلسطينيين في الضفة الغربية برصاص المستوطنين، وأغلق ودمر على الأقل 4 محلاتٍ تجارية، رافقها طرد أكثر من 500 فلسطيني من منازلهم، وفق منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان.
كما وصلت أكثر من 270 رسالة تهديد إلى الفلسطينيين عبر تطبيقات المحادثة ورسائل SMS، 95% منها للفلسطينيين في الضفة الغربية، تهدد بالقتل، وتنشر عنوان سكن المستخدم الفلسطيني وتهدده بالملاحقة، وتركزت هذه الرسائل على النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
في السياق، رصد تقرير المرصد انتشار مقاطع فيديو تجعل من صور الضحايا في قطاع غزة مادة للتندر والسخرية وصناعة الكوميديا الساخرة، وباللغتين العبرية والإنجليزية، وتركزت على منصتي إنستغرام وتيك توك، إضافة إلى التشكيك في المجازر والجرائم التي ارتكبتها “إسرائيل” في قطاع غزة.
ومن ضمن الانتهاكات، ملاحقة النشطاء والفلسطينيين في الداخل المحتل واليهود الرافضين للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتصويرهم في الجامعات والأماكن العامة في مظاهر التضامن مع قطاع غزة، وإرسالها إلى السلطات الإسرائيلية التي تباشر باعتقالهم ضمن قانون الطوارئ مثل الفنانة دلال أبو آمنة، أو السلطات الأوروبية في بعض الدول التي فرضت حظراً على إظهار أي مظاهر دعم للفلسطينيين، وقد خسر بعض الصحفيين والنشطاء وظائفهم إثر تعبيرهم عن دعم فلسطين مثل الصحفية الفلسطينية زهراء الأخرس المقيمة في كندا.
أما المعلومات الكاذبة، فقد رصد المركز، 160 معلومة كاذبة ومضللة، ساهم انتشارها في تشكل غطاء لممارسة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومحاولة تبرير قتل المدنيين بهذه المعلومات الكاذبة.
انتهاك لخصوصية المستخدمين
كما تلقى “صدى سوشيال” شكاوى خطيرة تتمثل في انتهاك شركة ميتا خصوصية المستخدمين عبر تطبيق المحادثات الخاصة (ماسنجر واتساب) من خلال تفعيل نظام الخوارزميات على ماسنجر وحجب إمكانية إرسال المستخدمين رسائل “تتعارض مع معايير مجتمع ميتا” في المحادثات الخاصة، أو حذف بعض الرسائل بعد إرسالها، على الرغم من أن تطبيقات المحادثات مثل ماسنجر وواتساب، كما تعرفها ميتا بأنها مشفرة ولا تستطيع حتى الشركة التدخل فيها (end-to-end encrypted).
وشهد شهر أكتوبر/تشرين الأول أيضاً تزايداً في الانتهاكات المسجلة عبر واتساب من خلال حظر أكثر من 170 رقماً لمستخدمين فلسطينيين، أكثر من 90% منهم صحفيون في قطاع غزة، ما ينعكس بشكلٍ مباشر على حياتهم، في ظل انقطاع شبكات الاتصال وإغراق القطاع في ظلامٍ رقمي، مقابل توافر مصادر أخرى أجنبية للإنترنت استطاع عددٌ قليل من الصحفيين تأمينها، وأصبح الاتصال عبر الإنترنت البديل الوحيد.
وأكد “صدى سوشيال” أن هذه الإجراءات، تعمل على طمس الرواية الفلسطينية والذاكرة الرقمية للشعوب، وإن هذه الإجراءات تمثل عائقاً كبيراً في الوصول إلى الحقيقة، وانتشار الإشاعات والأخبار الكاذبة التي تعتبر الحروب بيئة خصبة لانتشارها، كما أنها تفرد المساحة لـ”إسرائيل” لرواية مسار الأحداث من وجهة نظرها، وإن حجب الوصول للمعلومات رقمياً، وحظر نشر المحتوى لطرف يقع تحت الحرب لا يقلان خطورة عن الفعل العسكري الميداني.
النهایة
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-11-06 02:02:48
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي