ٍَالرئيسية

بكين ترد الجميل للقاهرة.. توظف التوتر بين مصر والغرب بسبب حرب غزة لزيادة الدعم بمليارات الدولارات

شفقنا- وظفت الصين توتر العلاقات بين مصر والغرب بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، واستمرارها للأسبوع الرابع على التوالي، مخلفةً ضغوطاً على القاهرة، سواء على المستوى الاقتصادي أو إلحاح الغرب على استضافة ملايين النازحين من غزة.

وفي الوقت الذي ما زالت إسرائيل تشن حربها على غزة، كان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في زيارة إلى العاصمة الصينية بكين في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وشارك رئيس مدبولي في فعاليات الدورة الثالثة لـ”منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي”، وجرى توقيع جملة من الاتفاقيات الاقتصادية أبرزها مذكرة تفاهم في مجال مبادلة الديون مع الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي، لتصبح مصر أول دولة تبرم هذا الاتفاق مع الوكالة.

وبالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء المصري أعلنت شركات صينية ضخ استثمارات بأكثر من 15 مليار دولار في إنتاج الوقود الأخضر والتصنيع، إضافة إلى تقديم تمويلات ميسرة لإنشاء المرحلتين الثالثة والرابعة من مشروع القطار الكهربائي الخفيف.

ومن المتوقع أن تسهل تلك الاستثمارات مهمة القاهرة في تحقيق استراتيجيتها الخاصة بجذب الاستثمار الأجنبي خلال السنة المالية الحالية، والمقدرة بـ12 مليار دولار؛ وهو ما يخفف من الضغط على عملتها الصعبة التي تصل أدنى مستوى لها في السوق الموازية في مقابل الدولار.

الصين في الضفة المقابلة للضغوط الغربية

دبلوماسي مصري على صلة بملف العلاقات المصرية الصينية، قال إن بكين قامت بما يمكن وصفه بـ”مجاملة اقتصادية” للقاهرة في وقت تدرك فيه حجم الضغوط التي تتعرض لها من الولايات المتحدة التي تسعى لتمرير مخطط تهجير أهالي قطاع غزة إلى سيناء بأي ثمن اقتصادي.

وأضاف المتحدث في حديثه مع “عربي بوست” أن الصين أرادت أن تعفي القاهرة بشكل غير مباشر من ثمانية مليارات دولار تقريباً، إلى جانب تكثيف استثماراتها التي سيكون لها انعكاس مباشر على جذب مزيد من الاستثمارات الأخرى الواردة من دول شرق آسيا وكذلك الدول الغربية التي تسعى لمنافسة الصين في أفريقيا وبينها فرنسا.

ويوضح المصدر أن الصين تبعث إشارات من خلال هذا الدعم مفادها أنها تقف في الضفة المقابلة للضغوط الغربية بما يقوي الموقف المصري الرافض للاستسلام لعملية تهجير أهالي غزة.

وأشار المتحدث إلى أن مخططات الولايات المتحدة الهادفة لإعادة توزيع انتشارها ونفوذها في المنطقة انطلاقاً من الحرب على غزة سيقابلها رد صيني على شكل دعم اقتصادي للدول التي تتعرض لضغوطات عديدة، لكن مع إمكانية تحوله إلى دعم عسكري متى اقتضت الحاجة ومتى شعرت بكين بأن مصالحها بالمنطقة تواجه الخطر.

وأفادت تقارير إعلامية أن الصين نشرت ست سفن حربية في الشرق الأوسط، مع تصاعد الصراع بين إسرائيل وحماس، حسبما ذكرته صحيفة “إكسبريس” البريطانية، والتي أكدت أن فرقة العمل 44 المرافقة للبحرية شاركت عمليات روتينية في المنطقة، وقضت عدة أيام في عمان الأسبوع الماضي.

وأضاف المصدر نفسه أن السفن الحربية الصينية أرسلت إلى مكان غير محدد يوم السبت 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بعد مشاركتها في تدريب مع البحرية العمانية.

يؤكد الدبلوماسي المصري أن بكين ترد الجميل إلى القاهرة في الوقت الحالي بعد أن كانت مصر أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر.

الأمر الذي دفع في ذلك الحين مصر ثمنه غالياً بموقفه الداعم للصين، إذ إنه كان من ضمن الأسباب التي قادت لحرب بين مصر من جهة وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل من جهة أخرى، أو ما يُعرف في مصر باسم “العدوان الثلاثي” عام 1956.

ويشير المصدر إلى أن الولايات المتحدة والغرب بصفة عامة ينظرون بمزيد من التوجس لهذا التقارب الذي يصب مباشرة في اتجاه تخفيف الضغوطات التي تواجهها القاهرة بخاصة مع حجم المشكلات الاقتصادية التي تعانيها الدولة.

استثمارات الصين ومصر.. نظام عالمي متعدد الأقطاب

وتركزت الاستثمارات بين الصين ومصر على نحو كبير في مشروعات الطاقة المتجددة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أين تكثف الصين حضورها الاقتصادي بشكل كبير في مصر.

وبحسب معلومات نشرها مركز المعلومات التابعة للحكومة المصرية فإن الاستثمارات الصينية الجديدة في تلك المنطقة تبلغ 14.75مليار دولار، وأن رئيس الوزراء اتفق مع شركتين صينيتين على تنفيذ “مشروعات خضراء” خلال قمة “الحزام والطريق”.

ويشير مصدر مسؤول بمجلس الوزراء إلى أن التعاون الاقتصادي الحالي بين مصر والصين يأتي في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية، والتي تعد من وجهة النظر الصينية أحد عناصر النظام العالمي متعدد الأقطاب الذي تدعمه بالتوافق مع روسيا.

وأضاف المصدر أن “مسألة التكامل بين الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي الذي تتزعمه روسيا ومبادرة “الحزام والطريق” التي تتزعمها الصين، أهمية خاصة لمصر في سياق نظرية “إعادة التموضع نحو الشرق” بديلاً عن هيمنة واشنطن والغرب”.

وأشار المصدر إلى أن دعوة الرئيس الصينى شي جين بينغ، لمبادلة الديون مع مصر يشكل استجابة سريعة لما تسعى إليه مصر في هذا التوقيت الذي يشهد فيه العالم تطورات وتحولات سريعة منذ عملية “طوفان الأقصى”، وما تمخض عنه من دعوات أمريكية وغربية فى شكل ضغوط اقتصادية هائلة على مصر لتوطين أهالي قطاع غزة في أرض سيناء.

وتساهم مصر في مبادرة الصين “الحزام والطريق” من خلال توسيع المجرى الملاحي لقناة السويس، إلى جانب التوسع وتطوير وتحديث الموانئ المصرية، والربط عبر شبكة طرق وسكك حديد بين الموانئ المصرية على البحرين الأحمر والمتوسط.

أيضاً تساهم القاهرة في نفس المبادرة عن طريق إنشاء الموانئ الجافة، تحقيقاً لفكرة الممرات اللوجيستية التي تخدم التجارة العالمية، وفقاً لبيان صحفي لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.

مواقف واحدة بين مصر والصين

وتتماشى المواقف الروسية والصينية التي تنتقد تصرفات إسرائيل في ردها على عملية “طوفان الأقصى”، وتوصياتها على وقف إطلاق النار في الأمم المتحدة، مع الموقف المصري الساعي لتحقيق نفس الهدف بما يقوض الدفع بالفلسطينيين بالفرار إلى الحدود.

وقال مصدر دبلوماسي لـ”عربي بوست” إن التقارب الصيني الروسي والذي يسير بوتيرة متسارعة، لا سيما مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وما تبذله الدولتان من جهود لأجل إيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة بعد دخولها الأسبوع الرابع، يأتي في صالح مصر.

وأضاف المصدر أن هذا التقارب يُخفف من الضغوط الأمريكية والغربية الواقعة على القاهرة، والهادفة إلى توطين أهالي غزة في سيناء تحت ذريعة تخفيف الديون عن كاهل مصر.

ويعتبر المتحدث أن الدور الصيني والروسي في أزمة فلسطين يبقى مرهوناً بالمساحة المتروكة من الغرب لـ”اللاعبين الكبيرين” للدخول على مسرح “الحل” وتنحية أسباب الصراع والعمل على وقف إطلاق النار.

كما تسعى موسكو وبكين للعب دور دبلوماسي يخفض التصعيد الإسرائيلي في غزة، وهو ما ظهر جلياً في قيام الدولتين بإفشال إجماع لمجلس الأمن الدولي كان هدفه إدانة عملية “طوفان الأقصى” التي قادتها حركة حماس.

استفزاز الولايات المتحدة

مصدر مسؤول بوزارة الاقتصاد قال إن القرار الصيني الخاص بدعم الاقتصاد المصري في هذا التوقيت له علاقة بالدعم الصيني لعضوية القاهرة في تجمع البريكس، والذي كان بمثابة استفزاز للجانب الأمريكي، الساعي لفرض شروطه على مصر وبلدان المنطقة كلها.

يحمل انضمام مصر للبريكس العديد من الفرص والمزايا للجانب المصري، خاصةً على صعيد التنمية والتجارة والاستثمار، وأن القاهرة تنتظر بفارغ الصبر زيادة معدلات التبادل التجاري بينها وبين الأعضاء وتدشين العديد من الاستثمارات المشتركة بما يخفف الضغط على اقتصادها.

ومن بين المبادرات التي تشارك فيها بريكس حالياً هي تحويل التجارة إلى عملات بديلة قدر الإمكان، سواء كانت وطنية أو إنشاء عملة مشتركة، وأن مصر مهتمة جداً بهذا الأمر.

ووضعت مجموعة بريكس قواعد اقتصادية عالمية توازن المؤسسات الغربية، حيث نرى منذ تأسيس مجموعة البريكس، تسعى الدول الأعضاء فيها، ولا سيما روسيا والصين، إلى تطوير نموذج اقتصادي جديد ينهي هيمنة القطب الواحد، ويفتح الباب أمام استراتيجية اقتصادية جديدة متعددة الأقطاب.

 واقترحتا بدء عملية توسيع مجموعة “بريكس”، لينضم إلى مشاورات “بريكس+” ممثلون عن الأرجنتين ومصر وإندونيسيا وكازاخستان ونيجيريا والإمارات العربية المتحدة والجزائر والمملكة العربية السعودية والسنغال وتايلاند، كما تقدمت إيران في يونيو/حزيران 2022 بطلب للانضمام.

وارتفع حجم التبادل التجاري بين القاهرة وبكين إلى 16.25 مليار دولار عام 2022 – وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مقسمة بين 14.4 مليار دولار واردات مصرية من الصين، و1.85 مليار دولار صادرات مصرية إلى الصين.

وتستثمر 2418 شركة صينية في مصر بحجم رأس مال مصدر 1.1 مليار دولار، حتى نهاية مايو/أيار الماضي، يتركز نسبة 47% بالنشاط الصناعي في مجالات الفايبر جلاس، والأجهزة المنزلية، والمنسوجات، والصناعات الغذائية، والأعلاف الحيوانية، وفقاً لبيانات رسمية.

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-11-01 01:28:14
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى