كثر الحديث منذ الساعات الاولى لعملية طوفان الاقصى وتصاعد اكثر مع مرور ايام العدوان على غزة ، عن موقف ح ز ب الله الميداني بهذه المعركة وليس موقفه المبدئي المعروف مسبقاً ..
تحول الحديث من تساؤل وتوقع وتحليل الى مطالبة ، للحزب بفتح جبهة الجنوب ، ولم تنحصر هذه المطالبة بأنصار الحزب ومحور ال مقاومة ، بل شملت جهات وشخصيات وجماهير احزاب وتيارات مناهضة او على خصومة مع الحزب ؟
هناك فئات حركتها العاطفة النبيلة لنصرة اهل غزة ، وهناك فئات حركها الخبث المتماهي مع اسرائيل وامريكا لهدف واحد وهو تشويه صورة الحزب باي وسيلة وموقف ..
بكل الاحوال ، ليس ما هو مطلوب من الحزب فتح جبهة واسعة مع العدو ، ولماذا يقوم بهذه الخطوة حالياً، هل من اجل ما يقوله البعض بأنه اطلق وعد سابق بفتح كل الجبهات وتحرير فلسطين !
وهل هذا الوعد هو مطابق لشروط معركة اليوم ؟ الحزب كان دائما يقول انه يعمل ضمن هدف استراتيجي هو ازالة الكيان من الوجود ولهذا وضع خطط واوليات ومسارات كثيرة ومتعددة لها ظروفها وتوقيتها ومتطلباتها ،
الحزب قال ولا يزال بأن التعرض المباشر للمسجد الاقصى اي هدمه او تدميره سيجعله يشن حربا مفتوحة على العدو دون تردد او حساب .
هل وجدت هذه الاسباب لتدخل الحزب الذي يطالب به الكثيرون ؟ حتى الساعة الجواب لا..
اما اذا كانت بالمطالبة بذلك تندرج بسياق ملاقاة عملية طوفان الاقصى ، فهنا لا بد من توضيح بعض الامور ، اولا هذه العملية لم تكن عملية تحرير شاملة لفلسطين ، بل عملية لها هدف محدد هو تحرير الاسرى ، ولم تكن منسقة ما باقي فصائل المقاومة في غزة ولا بالمنطقة ،
بل اكثر من ذلك لم تكن عدة افرع بحركة حماس داخل القطاع و خارجه على علم بها ، حتى الساعة الاولى من انطلاقها ، ووفق ما اورده القائد محمد الضيف عن العملية بان عدد المشاركين بها لم يتخطى ٢٠٠٠ مقاتل من القسام ، ما يعني ان هذه الخطوة كانت محددة الاهداف والزمان ، وهذا ما حصل لانها توقفت بحدود معينة ، ولو كان الامر مسار تحرير كامل لكانت توسعت ولم يقل عدد المقاتلين فيها عن ١٠٠ الف ..
لا شك ان هذه العملية تاريخية بامتياز ولم يشهد الصراع مع العدو بتاريخه مثيل لها ، لكن كل ذلك لا يعني انها منطلق لحرب من كل الجبهات،
خصوصاً بعد ان فقد عنصر المفاجئة مع العدو بمختلف الجبهات بعد اتمام هذه العملية التي لم يعلم عنها احد شيء سوى من قاموا بتنفيذها ..
قبل ١٧ عام شنت اسرائيل حرب مدمرة على ح ز ب الله لمدة ٣٣ يوم استخدم العدو فيها ١٢ الف طن من القنابل ، قاتل الحزب وحيداً بالمعركة ولم يطلب من اي جهة التدخل ، كي لا يضعف اي جبهة وهو قادر على المواجهة وهزيمة العدو وهذا ما حصل ..
الحزب اليوم هو اقوى ترسانة صاروخية بالمنطقة ولديه اقوى فرق النخبة القتالية ولديه ما لديه من اسلحة دقيقة ومتطورة ، وهذا الامر جعله قوة ردع اقليمية للعدو وحلفائه ،
ولدى الحزب ايضاً استراتيجة وحسابات واولويات ليست فقط عسكرية صرف بل ايضا متعلقة بشعبه وناسه واحوال بلده وحال المنطقة باسرها ،
لم يقل احد من الحزب حتى الان انه لن يتدخل لنصرة غزة ، لكن ليس لاحد الحق بتحديد التدخل الذي يجب ان يكون من الحزب ، خصوصاً وان الحزب لن يقف بوجه اي فصيل او تيار يريد المواجهة مع العدو على جبهة الجنوب ، فليس هناك من حرس لهذه الحدود ومن يرغب بالقتال فليتفضل لن يمنعه احد ..
اما الحزب فهو كما نعرفه لا يتحرك بالشحن العاطفي ولا بالاستفزاز ولا بالابتزاز ،
ولا يمنعه تهديد او تهويل او تشويه او تضليل من القيام بواجبه عندما يرى ذلك مناسباً لفعل ذلك ..
الحزب اليوم يخوض حرب عسكرية قتالية خالصة ومباشرة مع العدو ، لا تخاض بغزة نفسها حالياً ..
بعدة ايام الحزب قتل وجرح ٤٠ جندي ودمر ما يزيد عن ١٥ دبابة ومدرعة ، اخرج ٦ مواقع عن الخدمة ودمر مثلها بشكل كبير ،
دمر معظم وسائل الاتصال والمراقبة والرصد لمواقع العدو على طول الحدود ،
الحزب اليوم يقف اكثر من ثلث جيش العدو بمواجهته ، معظم الوية النخبة القتالية ومئات الدبابات متواجدة على حدود جنوب لبنان !نصف سلاح الجو واكثر من نصف منظومات الدفاع الجوي هناك،
نصف الجيش الامريكي ومدمراته بالمنطقة متأهبة ومستنفرة لمواجهة الحزب ..
اذا اردنا تقدير الموقف الذي يحصل اليوم ستكون النتيجة الفعلية ، هي انه يوجد حرب وعدوان ؟! الحرب بين الحزب وإسرائيل ، والعدوان يقع على غزة واهلها ومقاومتها ..
عباس المعلم / كاتب سياسي