ٍَالرئيسية

جلسات ‘مجمّدة’ وحوار ‘معلّق’.. المتخاصمون ينتظرون عودة لودريان

العالم لبنان

لكن سرعان ما تبيّن أنّ ظروف مثل هذا الحوار لم تنضج بعد، في ظلّ المواقف المتباينة منه، بين الترحيب به والتأكيد على ضرورته، وفي الوقت نفسه رفض تقديم أيّ تنازلات، أو بالحدّ الأدنى، تسهيلات تسمح بالتئامه، بل إنّ “عقدة” غير محسوبة ظهرت بغياب أيّ “متطوّع” لقيادة مثل هذا الحوار، في ظلّ اعتبار رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّه أضحى “طرفًا”، وغياب “الحماسة” لدى البطريرك الماروني بشارة الراعي للأمر.وإذا كانت “العقدة” السالفة الذكر توحي أنّ اللبنانيين ينتظرون أن يبادر الخارج لتنظيم الحوار، فإنّ “حماسة” الخارج لتكرار تجارب الطائف والدوحة وسان كلو ليست أفضل حالاً، بدليل أنّ فرنسا مثلاً تحدّثت عن “تسهيل” الحوار، ما يعني أنّ المبادرة يفترض أن تنطلق من الداخل بالدرجة الأولى، علمًا أنّ “عقدة” ثانية يقرأها المعنيّون بين السطور، تتمثّل في جدول أعمال الحوار المرتقب، وإمكانية “حصره” بانتخاب الرئيس.

وفيما الحوار “معلّق” حتى إشعار آخر، تبدو جلسات الانتخاب الرئاسية بدورها “مجمّدة”، مع عدم دعوة بري لأيّ جلسة جديدة منذ 14 حزيران الماضي، وغياب الأصوات المطالِبة أصلاً بجلسة جديدة، حتى في صفوف من كانوا يدعون لجلسات مفتوحة ومتتالية، وسط اعتقاد بأنّ الجميع بانتظار عودة لودريان المرتقبة أواخر شهر تموز الجاري، بعد إتمام جولاته “الاستطلاعية”، ليُبني عليها المقتضى المناسب.بالنسبة إلى الحوار، يقول العارفون إنّ قناعة مشتركة ترسّخت لدى الجميع بأنّ كل السبل تفضي إليه، وبأنّ لا حلّ للاستحقاق الرئاسي من دون المرور عبره، طالما أنّ الفريقين المتخاصمين يمتلكان “سلاح التعطيل” عبر النصاب، وهما منقسمان بين من يستخدمه فعليًا على الأرض، ومن يلوّح باستخدامه إذا ما دعت الحاجة، لكنّ هذه القناعة لا تزال تصطدم ببعض الشروط والشروط المضادة، ما يدفع إلى “التشكيك بالنوايا” في بعض الأوساط.

يقول العارفون في هذا السياق، إنّ معسكر الداعمين لرئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية مثلاً يدعو جهارًا، في الليل والنهار وكلّ المناسبات، إلى الحوار، وقد تناوب على التأكيد على هذا التوجّه كلّ من رئيس البرلمان نبيه بري والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، إضافة إلى فرنجية نفسه، لكنّ في صفوف هذا المعسكر من يقول صراحةً إنّ الهدف من هذا الحوار هو “إقناع الآخرين” بخيار فرنجية، أو “ترغيبهم” بتبنّيه، وليس أيّ شيء آخر.

أكثر من ذلك، ثمّة بعض المواقف التي تثير “الريبة” في أوساط خصوم هذا الفريق، من بينها قول بري مثلاً، الذي لطالما عُرف بكونه “عرّاب الحوار”، بأنّه لن يبادر لتنظيمه هذه المرّة، ربما من باب “الثأر” لإفشال مبادرتيه السابقتين في هذا الإطار، بل إنّه أعلن سلفًا أنّه لن يشارك فيه، وسيكلّف أحد أعضاء كتلته النيابية بتمثيله، ما يطرح علامات استفهام جدية عن قدرة أيّ حوار، لا يشارك فيه قادة الصف الأول، في الوصول إلى حلّ.

في المقابل، لا يبدو الطرف الآخر “موحّدًا” في مقاربة الحوار، وإن أجمعت مختلف مكوّناته على وجوب أن يسبق الحوار إعلان واضح وصريح من فريق “الثنائي الشيعي” بسحب ترشيح رئيس تيار “المردة” باعتبار أنّ جلسة 14 حزيران كرّست “سقوطه”، وبالتالي أنّ الحوار يهدف إلى البحث في “الخيار الثالث”، وإلا يصبح “فارغ المضمون” سلفًا، ولا يهدف سوى لـ”تقطيع الوقت”، بانتظار كلمة سرّ من هنا، أو متغيّرات من هناك.

وإذا كان هذا الموقف يعبّر عنه مثلاً “التيار الوطني الحر” بشكل واضح، وهو الذي يقال في الكواليس إنّه “تخلّى” عن ورقة جهاد أزعور، وينتظر أن يلاقيه “حزب الله” في موقفه، فإنّ جهات أخرى في المعارضة لا تزال متحفّظة على الفكرة بالمُطلَق، وبينها “القوات اللبنانية” التي تتمسّك بمقولة إنّ الوقت ليس وقت حوار، وإنّ التجارب السابقة أصلاً لا تشجّع، خصوصًا أنّ كلّ الوعود التي أطلقت بقيت حبرًا على ورق.وبين هذا وذاك، يبقى الثابت أنّ “الجمود” يشمل أيضًا جلسات انتخاب الرئيس، في ظلّ قناعة مشتركة باتت راسخة أيضًا بأنّ مثل هذه الجلسات باتت بمثابة “بدل عن ضائع”، وبالتالي لن تفضي لأيّ مكان.

وإن رفض فريق التعبير عنها لأسباب يصفها بـ”المبدئية”، علمًا أنّ حسابات واعتبارات عدّة دفعت هذا الفريق إلى التخفيف من وطأة المطالبة العلنية بجلسات جديدة، كما فعل مثلاً عشيّة تحديد موعد جلسة 14 حزيران الأخيرة.فإذا كان صحيحًا أنّ رئيس مجلس النواب يتريّث في الدعوة إلى جلسة جديدة، انسجامًا مع موقفه المعلن برفض تحديد مواعيد لجلسات “شكليّة” تضرّ أكثر ممّا تنفع، وتحوّل مجلس النواب إلى “هيئة هزلية” إن جاز التعبير، فإنّ “حماسة” الفريق الآخر لمثل هذه الجلسات لا تبدو مرتفعة، في ظلّ اعتقاده بأنّ رصيد “مرشح التقاطع” جهاد أزعور، قد تراجع، وسط انقسام بين مؤيّديه حول فكرة الانتقال إلى مرشح جديد أكثر استقطابًا.

وثمة من يخشى في هذا الإطار، أنّ أيّ جلسة تعقد اليوم، ستكون نتيجتها “معاكسة” بالنسبة إلى جبهة “المتقاطعين” على أزعور، في ظلّ مخاوف جدية من أن “يتفوّق” فرنجية، في حال لم يصوّت “التغييريون” مثلاً لوزير المال الأسبق، وبينهم من سبق وأعلن أنّه “تجرّع السمّ” لمرّة واحدة فقط، علمًا أنّ بعض الأوساط تشير إلى أنّ “التيار الوطني الحر” نفسه تخلّى عن ورقة أزعور، ولو أنّه يتريث في إعلان ذلك جهارًا.

هكذا، يبدو الواضح أنّ البلاد كلّها “معلّقة”، بانتظار عودة لودريان، أو ربما ظهور نتائج اتصالاته ليس مع القوى الداخلية، ولكن مع الدول المعنيّة بالشأن اللبناني، وفي مقدّمها السعودية، وربما قطر والولايات المتحدة، ليكرّس الاستحقاق الرئاسي مرّة أخرى زيف ادعاء “السيادة” في بلدٍ لا يستطيع قادته أن يتداعوا للحوار فيما بينهم، وينتظرون أن تأتي الدعوة من الخارج فقط، إما لأن “المغريات” أكثر، أو ربما من باب “الإحراج” ليس إلا!.

مراسل العالم .

المصدر
الكاتب:
الموقع : www.alalam.ir
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-07-03 17:07:34
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى