خبير سوري: الولايات المتحدة هي المسبب الاول لكل المشاكل التي يعاني منها السودان
وفي حوار خاص مع شفقنا العربي، تطرق الدكتور الزغبي الى الازمة الراهنة في السودان وقال: الولايات المتحدة الامريكية تعمل على إضعاف السودان وتقسيمه، خاصة بعد التحرك الانفصالي في الجنوب السوداني بدعم الولايات المتحدة في اطار ما يسمى اعادة تشكيل العالم العربي التي طرحها كولن باول وزير خارجية امريكا منذ العام 2002.
وأضاف: اليوم تحاول الولايات المتحدة الحصول على موطئ قدم لها في السودان لمواصلة أهدافها في ثالث أكبر دولة في أفريقيا، البلد الواقع على نهر النيل والبحر الأحمر، ولديه ثروات معدنية وإمكانيات زراعية، وبالمقابل رأت إسرائيل التي ظلت مرفوضة من الدول العربية، فرصة في الحصول على منفعة من هذه الحرب، واعتراف رسمي من السودان.
وفي الوقت الذي اختارت فيه واشنطن دعم جانب ضد آخر، أرسلت الأسلحة والمعدات العسكرية، ورجّحت كفة الميزان لصالح العسكر الذين يخوضون معركة بقاء في شوارع الخرطوم، أي بين الجيش السوداني بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.
وقال: من هنا مهّدت السياسات الأمريكية الطريق للحرب في السودان بعد أن فوّتت واشنطن وحلفاؤها الغربيون الفرصة على السودانيين الطامحين إلى التخلص من الحكم العسكري، من خلال التركيز على المصالح الغربية الضيقة في اللحظات الحاسمة ومع ذلك ساهمت السياسات الأمريكية والغربية اللاحقة في الوصول إلى ما نشهده اليوم من أحداث عنف في السودان.
بالتالي إن هذا الصراع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع ليس في صالح السودان ولا في صالح مستقبله، بل إنه قد يؤدى إلى عواقب كارثية، أهمها تعميق الانقسام بين أبناء الشعب وتعزيز الفوضى الخلاقة، ما قد يؤدي إلى تشجيع النزعات الانفصالية وظهور دول متعددة جديدة.
وشدد بالقول: أمام هذا الواقع لا بد من صحوة الضمير من قبل الشعوب العربية وأن تعي خطورة ما تقوم به الدول الاستعمارية من أهداف سعياً لتعزيز أمن إسرائيل والسيطرة على مقدرات البلاد، ويجب إدراك المصلحة الحقيقة للامة العربية وعزل الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل من أن تكون اللاعب الرئيسي أو الفرعي في تقرير مصير الصراع ومآلاته.
بالمقابل، إن ما شهدته المدن السودانية خلال الأسابيع الماضية من أحداث مؤلمة يجب أن يدفع بكل القوى السياسية في السودان إلى السعي للجلوس حول طاولة حوار وطني تضم الجميع ولا تستثني أحداً تبحث في قضايا السودان الصعبة وفي مطالب أبناء الشعب السوداني وتخرج بخريطة طريق تستجيب لطموحات وتطلعات أهل السودان جميعاً وتجنب السودان وشعبه الخطيئة التي وقع فيها الآخرون. لذا لا بد للدول العربية أن تتحرك بكل الوسائل للتضامن مع السودان وخاصة مصر، فالسودان بلد عربي يتعرض للتدمير الانفصالي ولالغاء هويته العربية الاسلامية. وكلنا أمل في أن تتكلل كل الجهود بأن يبقى السودان وطناً عزيزاً قوياً لأنه يمثل العروبة فى قلب إفريقيا.
الأسد والقمة العربية
وفي جانب اخر من الحوار سلط الدكتور الزعبي الضوء على القمة العربية التي ستعقد في العاصمة السعودية الـرياض في 19 من مايو الجاري وقال: أن يحضر الرئيس بشار الأسد القمة العربية، فإن في الأمر تحولاً مهماً على الصعيد الإقليمي والعربي، فذلك قرار استراتيجي يكرر فيه مدّ يد الوصل والودّ إلى الشعوب العربية، وهو الذي ما برح في مواقفه يكرر الدعوة تلو الدعوة الى إنهاء الخلاف والقطيعة بين أبناء الوطن الواحد وتعزيز الوحدة والتضامن، لذلك فإن مشاركة الرئيس الأسد قد تكون حافزاً كبيراً لرفع مستوى الحضور العام للدفع بزخم إضافي لحدث سيكون تاريخياً بالنسبة الى المنطقة والعالم العربي على السواء.
تشدّ الزيارة المرتقبة للرئيس الأسد من أجل حضور القمة العربية الأنظار باعتبارها الحدث الأهم، فإن الاهتمام بهذه الخطوة أضحى واضحا، لدرجة أن المواطن العربي اعتبر أن الرئيس الأسد سيكون “نجم القمة” حيث ستنشغل وسائل الإعلام طِوال الوقت برصد تحرّكاته ومصافحاته وأحاديثه ولِقاءاته سواء في السر أو العلن.
ومن أهم الأسباب التي قد تدفع السعودية الى تغيير موقفها من سورية ترجع الى بدء تحضير المملكة لرئاسة القمة العربية المقبلة، وقد ترغب المملكة في ان تكون تلك القمة استثنائية لجهة تحقيق المصالحة بين الدول العربية وإعادة توحيد ولم الشمل العربي.
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين أن توقيت هذه الزيارة سيكون مهم جداً في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة حالياً، ويمكن وضع هذه الزيارة في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة أن أمريكا وحلفاؤها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد، ووضع العصي في عجلات أي جهود لإيجاد حل للأزمة السورية.
على خط مواز، إن إستعادة دمشق لمكانتها العربية والدولية يعيد بريق الريادة مرة أخرى في المنطقة رغم التدهور الحاصل في بعض الدول العربية، كونها قادرة على إستعادة الزمام ولململة شتات النظام الإقليمى العربي من جديد وتثبيت أركانه بالتنسيق والتعاون مع الرياض والقاهرة.
بالمقابل، إن خطوات عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين سورية والسعودية وغيرها من الدول العربية، سيرتّب أوضاعاً إقليمية جديدة، سيعيد دور دمشق الإقليمي بقوة، الذي ينعكس إيجاباً على المنطقة العربية بأسرها ويمثل عاملاً مساعداً لتخفيف الهزات التي تعرضت لها المنطقة، بما تمثله سورية من ثقل في محيطها العربي والإسلامي وبوابة الوجود العربي والقومي في المنطقة، فضلاً عن مواقفها المميزة تجاه القضايا القومية في معركتها ضد مؤامرة الشرق الأوسط الكبير.
سورية التي انفتحت أمامها أخيراً الأبواب العربية والإقليمية تجد نفسها تتعافى بعد أن تحولت إلى عاصمة العالم تطرق أبوابها قوى الشرق والغرب وفي إطار ذلك كانت سورية ولا زالت مفتاح السلم والحرب في العالم، هي من ترسم المعادلات، وهي من تقرر التحالفات، وهي من تقود المعارك على الأرض لترسم خارطة المنطقة.
بإختصار شديد أن عودة سورية الى مقعدها في جامعة الدول العربية سيشكل صفعة جديدة للأعداء وهو الذي يستطيع الآن أن يقيم توازناً جديداً في المنطقة وأن يحدث تغييراً مهماً في معادلة إدارة الصراعات، وعاملاً أساسياً في قيادة الدفة العربية مع نهوض مصر والسعودية من جديد.
سوريا وتركيا
وتطرق الى الاحتلال التركي للشمال السوري واوضح: لو تابعنا المسار الذي رسمته تركيا أثناء الحرب على سورية والتي وضعت به كل إمكاناتها، نجد بأنها خسرت رهانها لذلك نرى إن سياسة أنقرة تجاه سورية في حالة يرثى لها وتعاني من ضربات مستمرة، فاليوم هناك فارق هائل في قراءة المشهد السوري، إنطلاقاً من وقائع الميدان، و بدت المسألة أقرب الى الحسم النهائي من أي وقت آخر، بذلك تبدو تركيا المتضرر الأكبر وهي تراقب إعادة تشكيل المنطقة على وقع تنسيق سوري ــــ عربي، وتسوية إيرانية ــــ سعودية، وتطورات ميدانية قلبت الموازين على الأرض السورية.
ولأن السياسة الدولية لا تعرف إلا لغة المصالح وجدت تركيا إن مصلحتها تكمن في التوافق مع سورية وإن اتخاذ مواقف عدائية معها لا يحقق أهدافها ومصالحها، ومن هذا المنطلق وضعت دمشق عدة شروط للمصالحة مع تركيا ورئيسها المغامر أردوغان هي، إنهاء الوجود العسكري غير الشرعي في الأراضي السورية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية بالإضافة الى محاربة كل التنظيمات الإرهابية على الأراضي السورية والقضاء عليها بمختلف مسمياتها.
انطلاقاً من ذلك يبدو أن قطار العلاقات السورية التركية قد انطلق في الاتجاه الصحيح، ولم يبق له إلا الوصول للمحطة الأساسية والأخيرة وهى التزام تركيا بشروط دمشق، حينها يلتقى الرئيس الأسد، ونظيره التركى أردوغان، أو ربما الرئيس التركى المنتخب الجديد. ولا شك إن تركيا تدرك تماماً أن الدخول الى المرحلة القادمة يتطلب المرونة وتقديم بعض التنازلات ويبدو أن هذه القناعة هي التي عبر عنها الرئيس التركي، إن أنقرة تتوقع حدوث تطورات “في غاية الأهمية” خلال المرحلة المقبلة بشأن العلاقات مع دمشق.
لا يخفى على أحد أن تركيا هي التي بادرت إلى البدء في تصحيح الخطأ الفادح الذى ارتكبته في سورية ومن المهم أيضا أن نتأكد أن المسار الجديد لن يعيد إنتاج الماضي، لذلك من المتوقع أن ينتهز الرئيس التركي فرصة الأيام المقبلة لتقديم ما يُمكنه من إحراز تقدم على مسار العلاقات التركية – السورية يواجه به مواطنيه يوم الانتخابات الرئاسية الضارية في مواجهة المعارضة التركية التي تحشدت في وجهه، في ظل وجود قلق إردوغاني حقيقي من خسارة تلك الانتخابات في هذه الظروف، خصوصاً بعد ازدياد ضغط ملف اللاجئين في الداخل التركي بعد الزلزال المدمر الذي حوَّل بعض الأتراك أنفسهم إلى مُهجرين داخل بلادهم، وهم أولى، في نظر الناخب التركي الغاضب، بالعناية والرعاية والإسكان الآن، وليس ملايين السوريين الذين تحولوا إلى عبء اجتماعي واقتصادي قبل الزلزال نفسه، وبالتالي إن التقارب السوري التركي يخدم في الحقيقة الرئيس أردوغان لكسب رهان الانتخابات الرئاسية المقبلة .
مجملاً…. لعل أنقرة قد إكتشفت مؤخراً أن صعود الشجرة السورية ليس سهلاً، لذلك بدأت البحث عن مخرج من الوضع الصعب التي وجدت نفسها فيه خلال السنوات الأخيرة، و لم يبقى أمام أردوغان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا أن يتراجع في سياساته الداعمة لداعش وأدواتها، والإنخراط في التسويات والترتيبات الإقليمية والدولية التي تهدف لمواجهة الإرهاب من خلال وقف الدعم اللامحدود الذي تقدمه للتنظيمات المسلحة و وقف تدخلها في الشؤون الداخلية السورية.
الحوار من: ليلى.م.ف
- ما جاء في الحوار لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع
انتهى
المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-05-16 10:22:56
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي