نتنياهو أمام سيناريوهات أحلاها مرَّ

(محمد نادر العمري)

شفقنا- تطورات متسارعة تشهدها غزة البطولة التي تتعرض لأبشع صور الاعتداء في ظل صمت رهيب من قبل مايسمى المجتمع الدولي، الذي سارعت بعض دوله ولاسيما الولايات المتحدة الامريكية للتمسك بثوابتها فيما يسمى ضمان أمن “إسرائيل” متجاهلةً صور ضحايا الاطفال الذين استهدفتهم أسلحة حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة. على عكس ما كان يتوقع الأخير وحكومته الفاشية، فأن حجم الاعتداء  الذي حمل اسم “درع وسهم” قوبل بموقف مقاوم صلب، فلا حجم القوة المستخدمة ولا التصريحات الرنانة التي تباهى بها نتنياهو وجوقة حكومته الفاشية ارهبت إرادة شعب ومقاومة تمسكت بالثأر لشهدائها الاطفال والكبار، فالصاروخ بالصاروخ والبادئ أظلم، وهو ما دفع المقاومة ولاسيما حركة الجهاد الإسلامي لإطلاق “ثأر الأحرار” في مدلول على تمسكها بالانتقام لكوادرها الشهداء ولتثبيت قواعد الاشتباك التي اعتقد نتنياهو أنه سيهدمها من خلال العودة لسياسية الاغتيالات ضد قادة الجهاد وذراعها العسكري “سرايا القدس” ومحاولته الفاشلة بتحييد حركة حماس.

في هذا الإطار كان لافتاً إعلان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي عن إطلاق ٥٠٧ صاروخ من قطاع غزة ووصل ٣٦٨ منها للأراضي المحتلة _كان ذلك مطلع اليوم الثالث من العدوان الصهيوني_ قبل أن تتزايد نسبة الصواريخ إلى مايزيد عن 870 صاروخ مع كتابة كلمات هذا المقال، وهو ما يحمل العديد من الدلالات:

أولاً- الاعتراف الإسرائيلي بنجاح وصول الصواريخ بنسبة ٧٢% الى اهدافها هذا يعني تطور بفعالية النظام الصاروخي للفصائل المقاومة الفلسطينية من جانب ومن جانب آخر يؤكد تراجع فعالية أنظمة الدفاعات الإسرائيلية التي تباهت بها مجمع الصناعات العسكرية “الإسرائيلية” كان آخرها منظومة “مقلاع داود” بعد عجز “القبة الحديدة”.

. ثانياً- عدم نجاح كل وسائل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من حصار واعتداءات واغتيالات في توقف تطوير القدرات الذاتية للفصائل الفلسطينية ولاسيما القوة الصاروخية التي تراكمت بحجمها ونوعيتها، وهو ما عكسته الساعات الأخيرة من رد المقاومة على مستوطنات الصهيونية بهذا الحجم والكثافة الصاروخية.

ثالثاً-  بتنا اليوم كباحثين وكتاب ومتابعين أمام واقع جديد من حيث تغيير قواعد الاشتباك من الجنوب اللبناني حتى قطاع غزة ضمن إطار الانتقال من توازن الردع إلى توازن الرعب، وهو ماسيقيد قرار اتخاذ الحرب والعدوان لأي حكومة مقبلة دون التفكير بعواقب مثل هكذا مغامرة.

رابعاً- امتلاك الفصائل وبخاصة الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، القدرة على خوض معركة طويلة الأمد بالتوافق مع باقي الفصائل ضمن مايعرف بغرفة العمليات المشتركة، إلى جانب إدارتها للحرب الميدانية والنفسية بكفاءة لا يستهان بها، وهو ما ألمح إليه ” أبو حمزة” الناطق العسكري باسم سرايا القدس.

خامساً- في الوقت الذي تتعرض به غزة لأبشع صور العدوان والقتل نجد أن البيئة الشعبية بعا حاضنة لنهج المقاومة ومن يسمع صوت الزغاريد والتكبيرات ابتهاجاً بأطلاق صواريخ التاسعة مساء_تاسعة بهاء الخير أبو العطى_ يدرك التفاف الحاضنة الشعبية وتأييدها للعمل المقاوم، في حين أن الواقع الداخلي الإسرائيلي يعيش أكثر مراحل تصدعه باعتراف وسائل إعلامه وهلع مستوطنيه وتصريحات مسؤوليه الرنانة في استعراض العضلات ومحاولة تشويه الحقائق، وادعائه بتحقيق إنجازات بالونية على الصعيد الإعلامي.

هذا الواقع وضع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمام عدة سيناريوهات، ولاسيما بعد وقوع قتلى وجرحى بين صفوف المستوطنين في مستوطنة سديروت، تتجلى أبرز هذه السيناريوهات في:

السيناريو الاول: وقوع قتلى وجرحى في صفوف المستوطنين بالتزامن مع قدرة الفصائل الفلسطينية من توظيف اسلحتها النوعية قد تدفع نتنياهو للنزول من أعلى الشجرة والذهاب نحو التهدئة لعدم تزايد الضغوط الداخلية عليه، عبر إدعائه بأن العدوان الصهيوني تمكن من تحقيق اهدافه بعد اغتيال عدد من قادة الجهاد وتدمير منصات صواريخ ومخازن الأسلحة، وهذا السيناريو سيكون أقل تكليفاً بالنسبة لنتنياهو وأن كان سيواجه بعد مرحلة العدوان العديد من التحديات أبرزها تحميله مسؤولية ماتعرض له الكيان من آثار سلبية نتيجة هذا العدوان.

السيناريو الثاني: وقوع قتلى وجرحى في صفوف المستوطنين قد تدفع المتطرفين في حكومة نتنياهو للضغط عليه لتصعيد الاعتداءات على غزة وارتكاب المزيد من الجرائم والحماقات، وهو ما سيدفع الفصائل الفلسطينية نحو توسيع استهدافاتها بما يزيد من واقع الاشتباك ويزيد من الوضع المتأزم لنتنياهو، مع احتمالية تدحرج الاوضاع باتجاه الضفة والقدس وربما لاتتوقف عند الجغرافية الفلسطينية.

السيناريو الثالث: قيام حكومة نتنياهو باستمرار عدوانها لأيام دون تصعيد أكثر خشية من دخول حماس لجبهة القتال ودون الخروج من هذا العدوان بصورة الهزيمة الكاملة.

نتنياهو الذي نجح في تحقيق إنجازين نسبيين لفترة قصيرة تمثلتا في ضم المعارضة لدعمه في توجهه العدواني على غزة، وإطالة من عمر حكومته بعد تهديد بن غفير بمقاطعة جلسات الحكومة، هو اليوم بين مفترق طرق أحلاها مرَّ، وعلى نتنياهو وغيره من الصهاينة أن يدركوا أن سياسة الاغتيالات زادت من كفاءة المقاومة، وقدراتها، وخبراتها…. فرحم الله نزار قباني عندما قال: “كل ليمونة ستنجب ليمونة ومحالٍ أن ينتهي الليمون”.

*رأي اليوم

– ماجاء في المقال لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع

انتهى

 

المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-05-13 09:31:10
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version