يبدأ مقال توم أوكونور في “نيوزويك” باقتباس من تشاس فريمان، وهو دبلوماسي أمريكي مخضرم: “نحن نفاخر، ونهدد، ونفرض عقوبات، ونرسل مشاة البحرية، ونفجر، لكننا لا نستخدم فنون الإقناع أبدًا”.
وقد كان فريمان المترجم الفوري الرئيسي للرئيس ريتشارد نيكسون في زيارته للصين عام 1972. وأدت الرحلة في النهاية إلى اعتراف الولايات المتحدة بجمهورية الصين الشعبية على تايوان وفتح سفارة في بكين، حيث عمل فريمان نائبًا لرئيس البعثة.
والآن يخبر نيوزويك أن القدرة الأمريكية على الإكراه آخذة في التدهور: “يبدو أننا نقترب من العالم كما لو أنه لا يزال لدينا سلطة لا منازع تخيلنا أننا فعلناها في نهاية الحرب الباردة”.
يشير الكاتب إل ىأن العديد من الدول تتبع مساراتها الخاصة، والتي يطلق عليها أحيانًا “الحكم الذاتي الاستراتيجي”. لا يزال هذا المفهوم سمة مميزة لسياسة الهند الخارجية غير المنحازة، حتى مع تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، كما أنه يكتسب زخمًا مع أصدقاء الولايات المتحدة المقربين مثل السعودية، وفرنسا.
ويضيف فريمان: “الهدف الأساسي لسياستنا الخارجية هو الاحتفاظ بالتفوق، وهو أمر مستحيل. لا شيء يدوم إلى الأبد. لا توجد قوة عظمى دائمًا هي في الأعلى إلى الأبد”.
ويضيف: “لم يقتصر الأمر على أن السلام الأمريكي، القرن الأمريكي، الذي اتضح أنه دام حوالي 50 عامًا، قد انتهى، ولكن 500 عام من الصعود الأوروبي الأطلسي العالمي قد ولت”.
ويرى الكاتب أنه لطالما كانت الصين تستعد للاستفادة من هذا التحول، وبما أن الصين لم تتسبب بنشاط في إثارة صراعات مع دول أخرى منذ عقود، فهذا يترك الصين مع عدد قليل من الأعداء في العالم، كما يمكن الصين من الحصول على بيئة تنمية خارجية جيدة.
وإضافة لذلك فقد برزت جمهورية الصين الشعبية باعتبارها الشريك التجاري الأول لما يقرب من 130 دولة. لقد عززت نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي عبر جنوب الكرة الأرضية.
ومؤخرا يرى الكاتب أن مغازلة الشرق الأوسط أثبتت أنها ذات قيمة خاصة بالنسبة للصين، أكبر مستورد للنفط في العالم. تريد كل من إيران والسعودية مواقع في كتلتي التجارة والأمن “بريكس بلس” ومنظمة “شنجهاي للتعاون”. وقد تمنح عضويتهم بكين القدرة على الصمود في وجه حملة عقوبات أمريكية محتملة مثل تلك التي فُرضت على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا.
من جانب آخر يشير المقال إلى أن الولايات المتحدة تجاهلت بالفعل الاحتياجات الملحة لبلدان الشرق الأوسط من أجل التنمية، أو لم تولها اهتمامًا كافيًا.
وعليه فإن على واشنطن أن تفهم أن مثل هذه التحديات لا تأتي فقط من الصين، ولكن أيضًا من العديد من البلدان الأخرى. المزيد والمزيد من الدول، بما في ذلك الصين، تأمل في التحكم في مصيرها وتأمل في رؤية عالم متعدد الأقطاب.
رغم تحذيرات واشنطن للسعودية قال محمد الصبان، مستشار كبير سابق لوزير الطاقة السعودي: “الولايات المتحدة ما زالت تعتقد أنها القطب الوحيد في العالم، وهذا غير صحيح”.
وأضاف: “لقد أصبح العالم متعدد الأقطاب. هناك الصين، وهناك روسيا، وهناك الولايات المتحدة، وهناك الاتحاد الأوروبي وهناك أيضا السعودية”، ويضيف الكاتب أن المملكة تشهد أيضًا تحولًا داخليًا مع هوية جديدة ونفس استقلالي جديد من خلال “رؤية 2030” لولي العهد الأمير محمد.
يشعر بعض الدبلوماسيين بالقلق من أن الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، بعد 30 عامًا من سقوط الاتحاد السوفييتي، تُظهر أن الولايات المتحدة، بالرغم من قوتها العسكرية والمالية والثقافية، فقدت جاذبيتها في كثير من أنحاء العالم.
ويقول جاك ماتلوك، آخر سفير للولايات المتحدة في الاتحاد السوفييتي: “المثال الذي نقدمه للعالم اليوم ليس جذابًا كما كان في عام 1991”. وعلى الجانب الآخر فإن نجاح الصين في تأكيد وجودها في جميع أنحاء العالم، “يجب أن يلهم إعادة تقييم عميقة تؤدي إلى تغيير المسار” في واشنطن.
ويضيف المقال أن هناك دولا كثيرة تتحرك لتحقيق مصالحها بعيدا عن الولايات المتحدة التي لم تفعل حتى الآن سوى القليل لردع الأعداء.
ويحذر من أن نهج الولايات المتحدة، أصبح مثل الاتحاد السوفييتي المنهك، يعتمد على الاعتقاد الذي عفا عليه الزمن بأن الولايات المتحدة لديها المعرفة والقوة لتغيير العالم إذا استخدمت هيمنتها العسكرية والاقتصادية لتغيير المجتمعات الأخرى.
*الخليج الجديد
انتهى
المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-05-06 07:15:02
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي