العالم – كشكول
جرى التخطيط للعملية على مدة خمسة شهور، على تكون بشكل مسلسل، وعند إخفاق أي مرحلة تفشل المراحل التالية، وإذا ما نجحت مرحلة ستنجح المراحل الأخرى، وكانت المرحلة الأولى تقتضي بان يتم نقل القوات والمعدات الضرورية التي كانت في المحيط الهندي، ثم في المرحلة الثانية يتم إدخال القوات والمعدات الى الأراضي الإيرانية وبالقرب من مدينة طبس الصغيرة، وبعد حمل المعدات تغادر الصحراء، وتتجه إلى طهران في الظلام، وبعد الاختفاء تنتظر منتصف الليلة القادمة، حتى تقوم بعمليات الإنقاذ، ثم تنقذ الرهائن وتعود إلى صحراء وتنقلهم إلى الطائرات.
عمليا لن تجر الامور كما على الورق، لهذا كان عنصر المفاجأة هو أهم جزء منها، فطارت 8 طائرات عمودية من على أسطول نيميتز في بحر عمان نحو إيران، وبعد ساعتين تعطلت أحداها، وهبطت على الأرض فركب طاقمها طائرة أخرى، لكن البيت الأبيض لم يكن يعرف بأنهم ركبوا طائرة أخرى بسبب عدم وجود إشارات.
بعد توقف الطائرة رقم 6 غطت الرمال الطائرة وأثيرت الأتربة فقلل من إمكانية الرؤية. غير ان الطائرة رقم 5 تعرضت لعطل فني وكذلك رقم 2 وبعد الهبوط في صحراء طبس استحالت عملية مواصلة الطريق فتم تركها هناك.
ادرك العقيد تشارلي بيكويث بان الأجواء لا تصلح لتنفيذ العملية، إذ وصلت الطائرات بتأخير امتد قرابة ساعتين، وكان الفجر قريب. فاتصل مرارا بلرييس الامريكي جوني كارتر واقترح التراجع، ووافق كارتر على طلبه، وأمرهم بالاستعداد للعودة، أثناء تزويد المروحيات بالوقود ، وقع حادث اخر، فقد اصطدمت إحدى المروحيات بطائرة هركولس “130 سي”، مما تسبب في انفجار هائل. كانت العاصفة الرملية عقبة رئيسية أمام الطيار لعدم تمكنه من الكشف بشكل صحيح عن الطائرة التي تحمل الوقود، فمات ثمانية من مشاة البحرية الأمريكية حرقا ، وأصيب خمسة آخرون بجروح خطيرة.
وحلقت المروحيات المتبقية وطائرة 130 سي بسرعة وغادرت المنطقة. وبقيت خمس طائرات هليكوبتر آمنة في المنطقة وفشل المهاجمون في نقلها معهم.
قيل الكثير عن فضحية العدوان الامريكي في طبس، وكيف دفنت رمال ايران، النسر الامريكي ومخلبه، الا انه ليس هناك من شهادة اقوى على ما حدث من شهادة العقيد تشارلي بيكويث، الذي قائد العملية بنفسه، ودون كل ما جرى في كتاب، ننقل جانبا منه ليقف العالم على حقيقة جيش الدولة التي تزعم انها “الاعظم” في العالم”، يذكر بيكويث حكاية تكشف نوعية أداء جنود النخبة الأميركيين، في “قوة دلتا”، ومستوى ذكائهم وكفاءتهم. فخلال عملية إخلاء موقع طبس، كان بعض الجنود يغطون في النوم بدل مساعدة زملائهم. وحينما حدث الاصطدام بين الطائرتين أفاق الجنود الراقدون، وهم مذعورون من شدة دوي الانفجار. وحاولوا الخروج بسرعة من إحدى بوابات الطائرة التي كانوا ينامون داخلها، فوجدوا الدخان والنار يلفان المكان كله. ولم يدر أحد جنود العمليات الخاصة ماذا عليه أن يفعل بالضبط. وحسب ذلك الجندي أن عملية الإنزال فوق السفارة الأميركية لتحرير الرهائن، قد بدأت. وظن أن الطائرة تطير في الجو، مع أنها مازالت رابضة على الأرض. وقرر الجندي بسرعة أن يتخذ وضعية السقوط الحر في الإنزال المظلي. وقفز من باب الطائرة، وهو يمد يديه وساقيه وبطنه. وسرعان ما افترش الجندي الأميركي الأرض بطريقة مؤلمة ومضحكة. وحين سأله أحد رفاقه لماذا فكر بالقفز مع أنه لا يحمل فوق ظهره مظلة؟ أجاب جندي الكوماندوس الهمام: “لا أدري، لم أفكر في الأمر. كل ما خطر في ذهني هو أن أقفز بسرعة من الطائرة”!!.
العملية التي تابع تفاصيلها الرئيس الأميركي كارتر بنفسه، وقادها الجنرال ديفيد جونز رئيس هيئة الأركان المشتركة، ونفذها الجنرال جيمس فوت مدير هيئة العمليات والتعبئة، وتواصل إعدادها في البنتاغون خمسة شهور كاملة… ثم بعد كل ذلك فشلت المهمة فشلا ذريعا، بسبب عاصفة ترابية غير، أطاحت بكل تخطيط البيت الأبيض، والبنتاغون، والسي آي إيه، دفعة واحدة. وأحبطت جهود عشرات الطيارين في سلاح الجو، ومئات من جنود المارينز، وقوات الكوماندوس في وحدتي “دلتا” و”رينجرز”، وآلاف البحارة العاملين في حاملة الطائرات “نيميتز”، والمدمرات والطرادات المواكبة لها. وفوق كل ذلك تركوا جثث جنودهم المتفحمة في الصحراء.
المصدر
الكاتب:
الموقع : www.alalam.ir
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-04-26 18:04:13
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي