خبير العلاقات الدولية: الاصطفافات الجديدة القت بظلالها الإيجابية على المنطقة
شفقنا- أکد الدكتور خيام الزعبي- استاذ العلاقات الدولية في جامعة الفرات السورية ان الاصطفافات الجديدة القت بظلالها الإيجابية على المنطقة، فدفعت كلاً من تركيا والسعودية ومصر إلى الانتقال في التعاطي مع صراعات المنطقة بعيدة عن المصالح الأميركية والإسرائيلية، والذهاب نحو التنسيق مع إيران وروسيا والصين، بعنوان العالم الجديد متعدد الأقطاب.
وفي حوار خاص مع شفقنا العربي، سلط الدكتور الزعبي الضوء على الاصطفافات الجديدة في المنطقة و التحالف الايراني- السعودي- التركي الذي قد يشمل العراق وقلق “اسرائيل” من هذه التطورات واوضح: يعتبر تجديد العلاقات السعودية الايرانية تطور خطير وغير مسبوق بالنسبة إلى إسرائيل، وانتصار سياسي لإيران، بالتالي يمثل هذا التقارب تحدياً جيوسياسياً للولايات المتحدة الأمريكية كونه يرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط.
بالمقابل يبدد هذا الاتفاق الحلم الإسرائيلي بإقامة حلف عربي – دولي ضد إيران، والدفع إلى استئناف المفاوضات بشأن الاتفاق النووي و يمنح حيوية لإيران وسط الدول العربية في المنطقة، ويمكن أن يثمر لاحقاً علاقات دبلوماسية أيضاً بدول إضافية، مثل مصر.
في هذا السياق تزايدت المخاوف الاسرائيلية من التحالف الايراني السعودي التركي الجديد يمكن أن يشمل العراق فتتوقع تل أبيب أن يعزلها التحالف اقليميا ودولياً وهذا سيؤثر في موازين القوى بالعالم والشرق الأوسط، وبالتالي يصبح من الصعوبة لإسرائيل تهميش دور تركيا وإيران والسعودية في النظام الإقليمي الجديد، وهذا من شأنه أن يلحق ضرراً شديداً بالجهود المبذولة لتوسيع اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني، ويبدو أن السعوديين والايرانيين أصبحوا مقتنعين بأن إسرائيل لا تملك حالياً جيشاً موثوقاً به، وقرروا المصالحة، والتوصل لتفاهم فيما بينهم، ما يجعل القرار السعودي الايراني بصقة في وجه إسرائيل.
ومن هذا المنطلق سوف تتمسك إسرائيل بكل فرصة متاحة للهيمنة في مناطق معينة، وسوف تحاول دون جدوى تشكيل تحالفات جديدة ضد ايران والسعودية، وسوف يستمر ذلك حتى تدرك أخيراً وزنها الحقيقي في الشؤون الدولية والعالمية.
وبإعتقادي ليس من الضروري لطهران أو الرياض أن ينشغلا بقلق إسرائيل أو غيرها ، القلق موجود وطبيعي وهذا لأن إيران والسعودية تملكان نفس الرؤية بالنسبة للقضية الفلسطينية، فهما يريدان حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية وفق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي لم ينفذ أي منها.
وحول التحالفات الجديدة في المنطقة التي تشمل كل من تركيا و السعودية و مصر و التنسيق مع ايران و روسيا و الصين لفت الدكتور الزغبي الى ان الاصطفافات الجديدة ظلالها الإيجابية على المنطقة ، فدفعت كلاً من تركيا والسعودية ومصر إلى الانتقال في التعاطي مع صراعات المنطقة بعيدة عن المصالح الأميركية والإسرائيلية، والذهاب نحو التنسيق مع إيران وروسيا والصين، بعنوان العالم الجديد متعدد الأقطاب، والذي يتجسد من خلال نجاح الايرانيين والسعوديين مؤخراً من سحب البساط من الولايات المتحدة الأمريكية، اللاعب الأهم والأكثر تأثير على المسرح الدولي، وبدا هذا واضحاً من خلال موقف طهران والرياض من بعض القضايا الذي يقودهما للعودة إلى المسرح الدولي بقوة مناوئة مقلقة للغرب.
وبشأن القلق الاسرائيلي من الادوار الاقليمية قال استاذ العلاقات الدولية في جامعة الفرات السورية: تدرك إسرائيل بأن طبيعة الأدوار الإقليمية الكبرى، لكل من إيران وتركيا والسعودية، ستكون على حساب الدور الوظيفي لها، ما يلقي بظلال مشوّشة على مستقبل استمرارها كدولة يهودية، وهذا ما يدركه الإسرائيليون الذين ازدادت هجرتهم إلى الخارج، أكثر من الهجرة إليها، ومن هنا تتعامل “إسرائيل” مع مجمل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة بقلق شديد، وخاصةً أن هذه المتغيرات تدفع نحو إخراج سوريا من أزمتها.
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن أمريكا لا تريد أن يكون هناك تقارب إيراني- سعودي بل ترغب أن تستمر العداوة حتى تبقى المنطقة مشتعلة وتستمر في إستغلال الدول العربية عبر بيعها الأسلحة وإستنفاذ ثرواتها، فلو لم يكن هناك صراع لن يكون هناك بيع أسلحة من قبل واشنطن، وبالتالي هي تدرك تماماً بان كل من إيران والسعودية يمكن أن يؤديا دوراً تاريخياً في المنطقة من خلال حل الأزمات والمشكلات التي تتعرض لها المنطقة.
لا يخفى على احد أن لدى إسرائيل رغبة في التخلص من إيران وفي القيام بضربة جوية خاطفة للمواقع الإيرانية و لكن المخاوف من عواقب الضربة واستحالة شطب البرنامج النووي الإيراني تلجمان تلك الرغبة، فإسرائيل غير قادرة عسكرياً على خوض حرب بمفردها وهي بالتالي تتكل على المؤازرة الأميركية، بينما الولايات المتحدة غارقة في المستنقع السوري والعراقي والباكستاني، ناهيك عن الرأي العام الداخلي في ظل الضائقة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها الشعب الأميركي، فالهدف من التلويح الإسرائيلي بضرب إيران مقصده حشد التأييد لفرض عقوبات جديدة ضد إيران.
وكانت التطورات الاستراتيجية في سوريا و مقامرة امريكا و اسرائيل فيها ضمن القضايا التي تطرق الدكتور الزغبي اليها في الحوار وقال: دخلت منطقة الشرق الأوسط الآن ومن البوابة السورية مرحلة إستراتيجية هامة، بعد أن نجحت سوريا في تضييق الدائرة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب وأنشطته، لذلك فالقراءة الإسرائيلية المتعمقة تقول بوضوح إنه لا يوجد أي سبب يجعل الكيان الإسرائيلي سعيداً هذه الأيام لما يجري في سوريا من انجازات سياسية وميدانية، والصفعة الكبرى كانت في مقابلة الرئيس الأسد الأخيرة التي كانت مليئة بالتحدي والإصرار إذ أغلقت الباب أمام الاهداف الإسرائيلية الأمريكية.
بصورة علنية، الكل يبذل الكثير من الجهود في المشاورات والمباحثات الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي في سوريا، لذلك أرى أن هناك تحول كبير بالساحة السورية وتطورات كبيرة تعمل على تضييق الأزمة السورية، خاصة أن عدة دول غربية-عربية بدأت تعيد حساباتها وتغير موقفها من الحكومة السورية، وتتضمن الكثير من المدلولات والمواقف الجديدة والمفاجئات المختلفة، لانها تعكس تغييراً جذرياً في أولويات السياسة الغربية-العربية تجاه سوريا.
ومعلوم أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تزالان تعرقلان أي إنجاز لحل الأزمة السورية، كما تحاولان منع تقارب أي دولة مع سوريا، والجميع يعلم أن الحرب التي تقودها أمريكا ضد داعش مجرد كذبة كبرى، وما ملاحقة “الإرهابيين “، وشن حرب وقائية في جميع أنحاء العالم، سوى ذريعة لتبرير أجندة عسكرية أمريكية لتحقيق مصالحها.
وعليه، نفهم غض أميركا والغرب النظر عن حرب تنظيم داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى، لأنها تدرك أن سوريا قادرة على قيادة المنطقة والصراع ضد إسرائيل، لذلك تعمل على تدميرها وإضعافها في المنطقة، وفي هذه اللعبة فإن الشعب السوري على دراية تامة بهذا المخطط الأمريكي، وزراعتها لداعش التكفيري في المنطقة، للوصول إلى الغاية المرجوة، وهي تقسيم سوريا طائفياً وإضعافها في المنطقة.
وفي النتيجة، سوريا إختارت ان تؤسس محوراً جديداً مع روسيا وايران والصين والعراق والسعودية وحزب الله مقابل المحور الغربي وحلفاؤه من الدول العربية، محور يدعو الى حلول سلمية سياسية لأزمات المنطقة على خلاف المحور الآخر الذي طالما سعى ولا يزال للتدخل عسكريا في دول المنطقة.
بالمقابل ترتكب إسرائيل وأمريكا مقامرة خطيرة في سوريا، حيث أن تدخلهما لا يحظى بأي شعبية في العالم العربي، بذلك تفقد إسرائيل وأمريكا تدريجياً أهم عوامل القوة التي تتحصنان بها، ليضاف كابوس جديد يقض مضجع تل أبيب والبيت الأبيض و زعمائهما السياسيين، وهو إستمرار الجيش السوري بتحقيق الإنتصارات على جميع المستويات والجبهات.
ببساطة، سوريا التي انفتحت أمامها أخيراً الأبواب العربية والإقليمية تجد نفسها تتعافى بعد أن تحولت إلى عاصمة العالم تطرق أبوابها قوى الشرق والغرب وفي إطار ذلك كانت سوريا ولا زالت مفتاح السلم والحرب في العالم، هي من ترسم المعادلات، وهي من تقرر التحالفات، وهي من تقود المعارك على الأرض لترسم خارطة المنطقة.
الحوار من: ليلى.م.ف
- ماجاء في الحوار لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع
انتهى
المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-04-21 12:09:44
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي