حيث وهبه القيادة والامامة والحكمة والبصيرة والرشاد, فغرس بيده الشريفة شجرة الثورة المباركة التي اصبح مثلها كمثل ( شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نورٌ على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثال للناس, والله بكل شيئ عليم ). ومن ثمار تلك الشجرة المباركة ” يوم القدس العالمي ” اليوم الذي اعلنه الامام الراحل قدس سره, بعد انتصار الثورة الاسلامية المباركة عام 1979 والقضاء على حكم الشاه الطاغوتي الامريكي الصهيوني, وبعد تحويل السفارة الاسرائيلية الصهيونية في طهران الى سفارة لفسلطين العربية الاسلامية, اعلن عن دعوته المباركة بقوله ” إنني أدعو المسلمين في جميع انحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك ليكون يوم للقدس, واعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم قي فلسطين “, واذا بهذا النداء الخالد يتحول الى يومٍ من ايام الله, ويكبر وينمو عاما بعد عام, ليصبح يوما عالميا جارفا كالطوفان, يشارك به الملايين من ابناء هذه الامة الاسلامية والعربية, وكذلك يشارك به غير المسلمين من المسيحيين واليهود وبقية الاديان والمذاهب وكل احرار العالم تضامنا مع الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت نير ظلم الاحتلال والارهاب الصهيوني, ورفضا لكل ممارسات القمع والارهاب الذي يقوم به هذا الكيان اللقيط يوميا بحق الشعب الفلسطيني الاعزل من السلاح.
يوم القدس العالمي الذي ربطه الامام الراحل ” قدس سره ” بأخر جمعة من شهر رمضان المبارك من كل عام أصبح عند المؤمنين والاحرار والمستضعفين في العالم شعيرة من شعائر الله ” ذلك ومن يعظم شعائرَ الله فإنها من تقوى القلوب “, اصبح يومٌ متلازمٌ مع ايام شهر رمضان المبارك, يلتزم المؤمنون والاحرار في جميع انحاء العالم على احيائه والمشاركة فيه بكل وسيلة وقوة وثبات, لهذا اليوم تستعد الجماهير الفلسطينية المؤمنة الصابرة المظلومة للزحف نحو القدس الشريف بمئات الالاف رغم الحصار والقمع الصهيوني, معلنين القسم بالدفاع عن المقدسات في القدس الشريف بكل ما يملكون وبأعز ما يملكون ارواحهم الابية, حتى تحرير كامل تراب فلسطين. في هذا اليوم تتفجر براكين غضب الشعوب الحرة في شوارع عواصم الدول العربية والاسلامية, ويزحف الملايين للمشاركة بهذا اليوم المبارك الذي يحيي القلوب والضمائر, لتعود حية يشتعل بها الغصب لتصب نارا على قوى الشر والعدوان الصهيوني العنصري الارهابي الذي يزداد وحشية يوما بعد يوم ضد الشعب الفلسطيني المظلوم, فكم اصبح هذا اليوم ثقيلا وكابوسا يطارد الكيان الصهيوني, فما ان يحل شهر رمضان المبارك على الامة الاسلامية الذي يبعث فيها روح التضحية والايمان والصبر, يحل يوم القدس العالمي على الكيان المؤقت كابوسا كعدادٍ يعد ايامه الباقية.
وهذا العام يختلف عن بقية الاعوام, فساحة الكيان المؤقت تشهد انقساما حادا بين مكوناته السياسية والشعبية قد تصل الى حرب اهلية تقضي على هذا الكيان دون ان تبذل قوى المقاومة المجابهة جهدا لازالته, وقد وصف الله سبحانه وتعالى حالتهم ” لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرىً محصنةٍ او من وراء جُدُرٍ بأسُهُم بينهم شديدٌ تحسبهم جميعاً وقُلوبُهم شتى ذلك بانهم قومٌ لا يعقلون “, ولقد اصبح كبار حاخاماتهم وسياسيهم ومفكريهم يتحدثون بجدية عن خراب بيوتهم بأيديهم, وباتوا يؤكدون على ان العبارة التي اطلقها قائد المقاومة الاسلامية وامينها السيد حسن نصر الله المفدى في خطاب يوم التحرير عام 2000 ” اسرائيل هذه اوهن من بيت العنكبوت ” اصبحت حقيقة تحفر في اعماق الوعي الاسرائيلي الذي بات مصيره مكشوفا امام اعينهم, والاعتقاد الراسخ بأن دولتهم الارهابية العنصرية لن تحتفل بعيد ميلادها الثمانيين المشؤوم, لذلك نشهد اليوم الممارسات الوحشية ضد الشعب الفلسطيني, وتصريحات السياسيين الصهاينة العنصرية, ودعواتهم لابادة الشعب الفلسطيني التي احرجت حتى الدول التي طبعت والتي تسعى لان تطبع مع هذا الكيان العنصري البغيض, والممارسات العدوانية اليومية ضد الاراضي العربية السورية, والعمليات الامنية الارهابية غير المعلنة ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية في محاولة لتصدير ازمتها الداخلية الحادة الى الخارج, وما اشببها بغريق يتمسك بقشة للبقاء على قيد الحياة وهو يعلم ان مصيره الموت غرقا وكمدا.
ولقد بشرنا قائد الثورة الاسلامية الامام السيد علي الخامنئي دام ظله الوارف عام 2016 بأن هذا الكيان اللقيط لن يبقى قائما بعد 25 سنة, ويؤكد على احياء يوم القدس العالمي بكل قوة وعزيمة وثبات بكل الوسائل الممكنة والمتاحة, من خلال المشاركة الحية بالمسيرات المليونية, اوعقد المؤتمرات والندوات, وكتابة البحوث والمقالات لتبقى هذه المناسبة حية في ضمائر المسلمين والاحرار في العالم.
لقد اصبح هذا اليوم ثقيلا على قلب الكيان الصهيوني الغاصب واشد مضاضة من السلاح النووي, فالسلاح النووي الذي يهدد وجود الكيان الصهيوني هو سلاح الوعي والبصيرة لدى الشعوب الاسلامية والعربية ومعهم كل احرار العالم, وليس السلاح النووي التقليدي المدمر الشامل, واما صراخه الذي يعلو امام العالم بان وجوده مهدد بسلاح نووي ايراني على وشك انتاجه, ما هو الا صراخ الاطفال لاستدراج عواطف العالم, واكذوبة كبيرة يصدرها للعالم, لابتزاز حكومات ودول العالم الغربي لمواصلة دعمه ومساندته لمواصلة اغتصابه لارض فلسطين العربية الاسلامية, فزوال هذا الكيان العنصري الارهابي غير مرهون باستخدام سلاح نووي لازالته.
فالنظام العنصري الذي كان قائما في جنوب افريقيا لم يسقط بالسلاح النووي, بل بعذابات المسجونين والمستضعفين, وصبر ونضال شعب جنوب افريقيا صاحب الارض التي كانت ترزح تحت نير الاحتلال العنصري البغيض من اصحاب البشرة البيضاء المغتصبين لارض جنوب افريقيا, وهكذا هو مصير الكيان الصهيوني العنصري الزوال المحتوم على ايدي الشعب الفلسطيني صاحب الارض والقرار, بمساندة ودعم الشعوب العربية والاسلامية واحرار العالم.
إن الكيان الصهيوني الغاصب يشارك في تعجيل زواله من خلال ممارساته الارهابية اليومية ضد الشعب الفلسطيني كبارا وصغارا اطفالا ونساءً والاعزل من السلاح امام مرأى ومسمع العالم كله, وحتى انه اصبح يشكل عبئأ ثقيلا على العالم الحر, ولم يعد يُحتمل بقاؤه بسبب ممارساته القمعية الارهابية العدوانية ضد المقدسات الاسلامية والمسيحية والابرياء, وإغتصاب الاراضي الفلسطينية وهدم بيوت المواطنين وتهجير اصحاب الارض وتركهم في العراء.
احياء هذا اليوم بات واجبا دينيا واخلاقيا وانسانيا, ونصرة للحق والمظلومين, ونصرة للدين والمقدسات, ونصرة للانسانية, وصرخة في وجه الطغاة والمحتلين والمستكبرين في العالم, فصورة القدس مطبوعة في وجدان وقلب هذه الامة وستبقى الى ان يأذن الله في تحريرها وتعود الى قلب الامة تنبض بالروح والحياة وتنعم بالحرية والامن والاستقرار.
حسين الديراني : كاتب وممثل مؤسسة عاشوراء الدولية
/انتهى/
المصدر
الكاتب:
الموقع : tn.ai
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-04-16 12:35:21
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي