شفقنا- “الفائزون هم شركات النفط والدول المنتجة للنفط وصناع السلاح، بينما الخاسرون فهم شعب أوكرانيا، والعاملون والفقراء حول العالم، لا سيما في جنوب الكرة الأرضية”، هكذا خلص تقرير موقع “فير أوبزيرفر” الذي قال إنه مع الذكرى الأولى للحرب الروسية الأوكرانية تم التضحية بالمناخ والعالم من أجل ألة الحرب.
فمع وصول حرب أوكرانيا الآن إلى عامها الأول في 24 فبراير/شباط، لم يحقق الروس نصرًا عسكريًا، لكن الغرب أيضًا لم يحقق أهدافه على الجبهة الاقتصادية.
فعندما غزت روسيا أوكرانيا، تعهدت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون بفرض عقوبات معوقة لموسكو، من شأنها أن تجعلها تجثو على ركبتيها وتجبرها على الانسحاب.
إلا أن ذلك لم يحدث، فلم تصمد روسيا فقط في وجه الهجوم الاقتصادي، ولكن العقوبات ارتدت لتصل إلى البلدان التي فرضتها في الغرب.
يقول التقرير إنه بعد عام من المذابح والدمار في أوكرانيا، يمكننا أن نعلن أن الفائزين الاقتصاديين من هذه الحرب هم: السعودية و”إكسون موبيل” ورفاقها من عمالقة النفط، وشركات السلاح وعلى رأسهم “لوكهيد مارتن” و”نورثروب غرومان”.
أما الخاسرون فهم أولاً وقبل كل شيء شعب أوكرانيا المضحَّى به، وجميع الجنود الذين فقدوا حياتهم وعائلاتهم الذين فقدوا أحبائهم.
ولكن أيضًا في العمود الخاسر هناك العاملين والفقراء في كل مكان، لا سيما في بلدان الجنوب العالمي الأكثر اعتمادًا على استيراد الغذاء والطاقة.
أخيرًا وليس آخرًا، الأرض وغلافها الجوي ومناخها، فكلهم ضحية لآلة الحرب.
خفضت العقوبات الغربية على روسيا الإمدادات العالمية من النفط والغاز الطبيعي، لكنها أدت أيضًا إلى ارتفاع الأسعار.
لذلك استفادت روسيا من ارتفاع الأسعار، حتى مع انخفاض حجم صادراتها.
وأفاد صندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد الروسي انكمش بنسبة 2.2% فقط في عام 2022، مقارنةً بالانكماش بنسبة 8.5% الذي توقعه مع بداية الحرب.
في المقابل، يتوقع أن الاقتصاد الروسي سينمو فعليًا بنسبة 0.3% في عام 2023.
من ناحية أخرى، انكمش الاقتصاد الأوكراني بنسبة 35% أو أكثر، على الرغم من 46 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية من دافعي الضرائب الأمريكيين السخيين، بالإضافة إلى 67 مليار دولار من المساعدات العسكرية.
وتضررت الاقتصادات الأوروبية أيضًا، فبعد النمو بنسبة 3.5% في عام 2022، من المتوقع أن يشهد اقتصاد منطقة اليورو الركود، وأن ينمو بنسبة 0.7% فقط في عام 2023.
وبينما من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.6%، كانت ألمانيا أكثر اعتمادًا على واردات الطاقة الروسية من الدول الأوروبية الكبيرة الأخرى، لذلك بعد نمو ضئيل بنسبة 1.9% في عام 2022، من المتوقع أن تحقق نموًا ضئيلًا بنسبة 0.1% في عام 2023.
ومن المقرر أن تدفع الصناعة الألمانية حوالي 40% أكثر مقابل الطاقة في عام 2023، مما كانت عليه في عام 2021.
بينما كانت الولايات المتحدة أقل تأثراً من أوروبا، لكن نموها تقلص من 5.9% في عام 2021 إلى 2% في عام 2022، ومن المتوقع أن يستمر في الانكماش إلى 1.4% في عام 2023 و1% في عام 2024.
في الوقت نفسه، من المتوقع أن تحافظ الهند، التي ظلت محايدة أثناء شرائها النفط من روسيا بسعر مخفض، على معدل نمو 2022 بأكثر من 6% سنويًا خلال عامي 2023 و2024.
وزادت التجارة الهندية مع روسيا بنسبة 30% في عام 2022، كما من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 5% هذا العام.
بينما جنى منتجو النفط والغاز الآخرون أرباحًا غير متوقعة من آثار العقوبات.
ونما الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بنسبة 8.7%، وهو الأسرع بين جميع الاقتصادات الكبيرة.
حققت شركة النفط “إكسون موبيل” نحو 56 مليار دولار، وهو رقم قياسي على الإطلاق لشركة نفط، بينما حققت “شل” نحو 40 مليار دولار، وربحت “شيفرون” و”توتال” 36 مليار دولار لكل منهما.
كما حققت شركة “بريتيش بتروليوم” 28 مليار دولار، حيث أغلقت عملياتها في روسيا، لكنها ما زالت تضاعف أرباحها في عام 2021.
أما بالنسبة للغاز الطبيعي، فإن مورديه الأمريكيين مثل “تشينير” و”توتال” التي توزع الغاز في أوروبا يستبدلون إمدادات أوروبا من الغاز الطبيعي الروسي بالغاز المكسر من الولايات المتحدة، بما يقارب 4 أضعاف الأسعار التي يدفعها العملاء الأمريكيون.
في حين أعادت الحرب خضوع أوروبا للهيمنة الأمريكية على المدى القصير، ويمكن أن يكون لهذه التأثيرات الواقعية للحرب نتائج مختلفة تمامًا على المدى الطويل.
وقد يستنتج القادة الأوروبيون أن مستقبل المنطقة يكمن في الاستقلال السياسي والاقتصادي عن الدول التي تشن هجمات عسكرية عليها، والتي من شأنها أن تشمل الولايات المتحدة وكذلك روسيا.
صانعو الأسلحة
الفائزون الآخرون في الحرب في أوكرانيا سيكونون بالطبع صانعو الأسلحة، الذين تهيمن عليهم الولايات المتحدة (الخمسة الكبار) عالميًا: “لوكهيد مارتن”، و”بوينج”، و”نورثروب جرومان”، و”رايثيون”، و”جنرال دايناميكس”.
فمعظم الأسلحة التي تم إرسالها حتى الآن إلى أوكرانيا جاءت من المخزونات الموجودة في الولايات المتحدة ودول الناتو.
وتم تفويض بناء مخزونات جديدة أكبر من خلال الكونجرس في ديسمبر/كانون الأول، لكن العقود الناتجة لم تظهر بعد في أرقام مبيعات شركات الأسلحة أو بيانات الأرباح.
وهنا يكشف أن كميات الأسلحة التي سيتم شراؤها تفوق الكميات التي يتم شحنها إلى أوكرانيا بنسبة تصل إلى 500%.
يقول مارك كانسيان، المسؤول السابق في مكتب الولايات المتحدة للإدارة والميزانية: “هذا لا يحل محل ما قدمناه (أوكرانيا).. إنها تقوم ببناء مخزونات لحرب برية كبرى (مع روسيا) في المستقبل”.
ونظرًا لأن الأسلحة بدأت للتو في طرح خطوط الإنتاج لبناء هذه المخزونات، فإن حجم أرباح الحرب التي تتوقعها صناعة الأسلحة ينعكس بشكل أفضل خلال عام 2022: “لوكهيد مارتن” زيادة بنسبة 37%؛ و”نورثروب جرومان” بنسبة 41%، و”ريثيون” 17%، و”جنرال ديناميكس” 19%.
في حين استفاد عدد قليل من البلدان والشركات من الحرب، فإن البلدان البعيدة عن ساحة الصراع كانت تترنح من التداعيات الاقتصادية.
لقد كانت روسيا وأوكرانيا من الموردين المهمين للقمح والذرة وزيت الطهي والأسمدة لمعظم دول العالم.
وتسببت الحرب والعقوبات في نقص كل هذه السلع، وكذلك الوقود اللازم لنقلها؛ مما دفع أسعار الغذاء العالمية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
لذا فإن الخاسرين الكبار الآخرين في هذه الحرب هم السكان في جنوب الكرة الأرضية الذين يعتمدون على واردات الغذاء والأسمدة من روسيا وأوكرانيا لإطعام عائلاتهم.
وتعد مصر وتركيا أكبر مستوردي القمح الروسي والأوكراني، في حين أن 12 دولة أخرى شديدة التأثر تعتمد بشكل شبه كامل على روسيا وأوكرانيا لتزويدها بالقمح، من بنغلاديش وباكستان ولاوس إلى بنين ورواندا والصومال.
استوردت 15 دولة أفريقية أكثر من نصف إمداداتها من القمح من روسيا وأوكرانيا في عام 2020.
وبينما خففت مبادرة الحبوب التي توسطت فيها الأمم المتحدة وتركيا من أزمة الغذاء في بعض البلدان، لكن الاتفاقية لا تزال محفوفة بالمخاطر، ويجب تجديدها من قبل مجلس الأمن قبل انتهاء صلاحيتها في 18 مارس/آذار 2023.
لكن العقوبات الغربية لا تزال تمنع صادرات الأسمدة الروسية، والتي من المفترض أن تكون معفاة من العقوبات بموجب مبادرة الحبوب.
*الخليج الجديد
انتهى
المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-02-27 09:27:35
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي