ٍَالرئيسية

ممثل المرجعية العليا في اوربا :البعثة نعمة الهية كبرى تقود البشرية نحو التكامل والسعادة ووحدة الكلمة

شفقنا- هـنأ ممثل المرجعية العليا في اوربا السيد مرتضى الكشميري العالم الإسلامي بذكرى البعثة النبوية الشريفة ،قائلا، البعثة نعمة الهية كبرى تقود البشرية نحو التكامل والسعادة ووحدة الكلمة، ولكن من المؤسف أننا بعد اكثر من أربعة عشر قرن من تاريخها نرى المسلمين يعيشون حالة التشرذم والتفرق والبعد عن أهدافها.

واليكم نص ما جاء في حديث سماحته بهذه المناسبة:
((لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)) .
ان اهم الاحداث في تاريخ الرسالة الاسلامية هو البعثة النبوية الشريفة حيث انها أوجدت أعظم تحول في المجتمع البشري واخرجته من حالة الظلمة الى النور ومن الجهل الى العلم ومن عبادة الاوثان الى عبادة الرحمن، وهو ما وصفه امير المؤمنين (ع) في كلامه (فان الله بعث محمدا نذيرا للعالمين وأمينا على التنزيل وشهيدا على هذه الأمة، وأنتم معاشر العرب يومئذ على شر دين وفي شر دار، منيخون على حجارة خشن، وجنادل صم، وشوك مبثوث في البلاد، تشربون الماء الخبيث، وتأكلون الطعام الجشب، وتسفكون دماءكم، وتقتلون أولادكم، وتقطعون أرحامكم، وتأكلون أموالكم بينكم بالباطل، سبلكم خائفة، والأصنام فيكم منصوبة، ولا يؤمن أكثركم بالله إلا وهم مشركون، فمن الله عز وجل عليكم بمحمد صلى الله عليه وآله فبعثه إليكم رسولا من أنفسكم).
ان بعثة الأنبياء عموما وبعثة نبينا خصوصاً لهي من أعظم النعم على بني البشر، اذ ان الانسان لا يستغني عن الهدي الالهي في طريقه وسعيه نحو التكامل والسعادة، فيحتاج الى هداية الله وتوجيهه سبحانه وتعالى حتى يسير في طريق الكمال ويحقق السعادة لنفسه، ومع ان الله عز وجل منح الانسان نعمة العقل حتى يتمكن بواسطته من تحقيق الكمال والوصول الى السعادة، الا ان عقل الانسان يبقى محدودا ضمن محيط مدركاته وما يمتلك من المعرفة والعلم، فوجود الانبياء وبعثهم ضروري من اجل كمال الانسان وسعادته، ولهذا بعث الله الى البشر مئة واربعة وعشرين الف نبي حسب ما تشير اليه بعض الروايات، كل هذا العدد الضخم من الانبياء انما جاء لهداية الانسان واسعاده. وقد شاء الله ان يختم النبوة بمن هو الافضل والاكفأ والاقرب اليه وهو نبينا محمد (ص) لكي تكون رسالته وشريعته خاتمة الرسالات والشرايع، نظرا لاستيعابها لغة الزمن وتقدم البشرية وتقدمها، وهذا ما اثبته الواقع، فمع كل هذا التطور وتقدم الانسان نحن نرى ان رسالة الاسلام ظلت غضة طرية ومواكبة لحضارة الانسان في كل زمان متى ما فُهٍمت على النحو الصحيح.
ويجدر هنا أن نتعرض إلى بعض الأهداف التي سعت البعثة النبوية الشريفة لتحقيقها:

1- التوحيد ((وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ)) فالهدف الرسالي الاسمى هو الدعوة الى الله الواحد الأحد، ونبذ الشرك والآلهة الاخرى وهذا ما جاء به كل الانبياء.
2- العبادة واجتناب الطاغوت ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ)) فمن أهداف الرسالة العبادة والموقف من الطغاة والظالمين ، فهنا هدفان: هدف يمثل علاقة الانسان مع ربه وهدف يمثل علاقة الانسان مع المجتمع ، وهو الموقف في الواقع الاجتماعي والسياسي في الوقوف بوجه الظالم والانتصار للحق ((أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)) ومن لا يلتزم بهذه الاهداف الرسالية لن يعاقب فحسب في يوم القيامة وانما سيجد مضاعفاته في الدنيا.
3- العدالة ((لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)) وهي مهمة رسالية وهدف رسالي بعث من اجلها الانبياء (ع).
4- التضرع الى الباري وهو ان يشعر الانسان بالاستكانة بين يدي الله تعالى والتذلل له ((وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)).
5- حل الاختلاف بين الناس ((كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)) فالحكم في موارد الاختلاف وحل الخلافات مهمة رسالية .
6- التقوى والتزكية هدف مهم من اهداف الرسالة ((يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)) فالرسالة تستهدف ايجاد حالة التقوى والالتزام والخشية بين يدي الله تعالى وتحقيق الصلاح والتزكية.
7- الهداية ((أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ)) فمهمة الرسول هداية البشرية الى رقيها وصلاحها.

هذه بعض اهداف الرسالة التي استطاعت البعثة النبوية ان تحقق بها انجازا مذهلا وتحول الامة من حالة الوثنية الى خير امة اخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله. والملفت جداً ان هذه النقلات والمتغيرات في حركة الشعوب والامم تحتاج الى مئات السنين، ولكن مشروع الاصلاح الذي انتهجه الرسول (ص) وبتسديد الهي استطاع ان يطوي تلك المراحل في غضون عقدين وبضع سنوات (23 سنة) وان يحقق ما كان يصبو اليه، حتى جاء عام الفتح ((إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً)) حيث بدأت الناس تدخل افواجا وانكسرت السدود وانفتحت القلوب وتجذرت الثقة مع قطاعات المجتمع الواسع وتحقق النصر المبين والفتح على يد رسول الله (ص) خاتم الانبياء والمرسلين.
هذا ومن المحزن والمؤسف اننا وبعد مضي اكثر من 14 قرنا على هذه البعثة الشريفة التي انارت العالم بهديها واخرجت البشرية من الظلمات الى النور، نرى شريحة كبيرة من المسلمين تعيش حالة البعد عن روح الرسالة وجوهرها فبدل ان تعيش الوحدة والالفة والاخوة تعيش الفرقة والاختلاف فيما بينها، وبدل ان تعيش القوة في التمسك بمبادئها وقيمها اصبحت تعيش الضعف والوهن في السجود والركوع على ابواب الاعداء تستجدي منهم العون والدعم، وبدل ان تسود فيما بينها الرحمة والعزة اصبحت تعيش الشدة والغلظة على بعضها البعض، عكس ما كان عليه رسول الله (ص) واصحابه ((مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)).
نسأل الباري جلّت قدرته ببركة هذه المناسبة ان يوحد كلمتنا على الهدى والتقوى وان يمطر علينا شآبيب رحمته انه ولي التوفيق.

انتهى

المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-02-18 08:24:28
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى