محلل سياسي لبناني: نرى في التوافق والحوار السعودي – الايراني بارقة الامل من اجل اصلاح ذات البين

شفقنا- قال الخبير والمحلل السياسي اللبناني “الياس المر”: نحن نرى في التوافق والحوار السعودي – الايراني بارقة الامل من اجل اصلاح ذات البين فيما بين الاطراف اللبنانية وله على الاقل اجواء ايجابية ويكون ممهد لفتح قنوات الحوار.

وفي حوار خاص مع شفقنا العربي، قال الياس المر: طبعا ان لبنان ليس بلد ينتج السياسات بل انه يتأثر بالسياسات الخارجية وخصوصا الاقرب الاقليمية تحديدا السعودية وايران نظرا لانعكاسهما المباشرعلى المكونات الداخلية طبعا تقارب هذه الاطراف يكون له مفاعيل ايجابية وتباعد هذه الاطراف الاقليمية يكون له اثار سلبية ونحن نرى في التوافق والحوار السعودي – الايراني بارقة الامل من اجل اصلاح ذات البين فيما بين الاطراف اللبنانية وله على الاقل اجواء ايجابية ويكون ممهد لفتح قنوات الحوار؛ الحوار الذي بامس الحاجة نحن له في لبنان والذي دعا له رئيس مجلس النواب في لبنان اكثر من مرة وفي اكثر من المناسبة على الاقل من اجل ان يكون جرعة الدواء الداخلية لبعض الامراض الخارجية التي يتعرض لها بلدنا وخصوصا في ظل ظروف جدا استثنائية لاسيما على الوضع الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي الذي بات ينذر بعواقب وانزلاقات وتطورات جدا خطيرة.
وحول الفراغ الرئاسي في لبنان اوضح الياس المر: المشكلة في لبنان ليست فقط مشكلة الفراغ في سدة الرئاسة بل هي مشكلة تركيبة متكاملة، مشكلة النقص في بعض المواد الدستورية ومشكلة مكونات تتحالف احيانا وتتنافس احيانا. المشكلة ليست القانون والدستور وعندما تكون المكونات السياسية والطائفية او المكونات السياسية المنبثقة من الطوائف في حال التحالف والتوافق يكون الوضع السياسي مستقر نسبيا وعندما تتصارع و تتناحر هذه المكونات لاهداف سياسية او سلطوية نجد ان الوضع الدستوري والاستحقاقات الدستورية والوضع السياسي بشكل عام يسير باتجاه المزيد من الازمات ويصبح مولد للازمات والفراغ وخصوصا لناحية ان المواد الدستورية لا تستطيع حسم هذه الامور عندما يحصل هناك خلاف لان النية الاساسية للمشرع في الدستور في اتفاق طائف كانت تولي اولوية للتوافق لذلك نحن نعيش ضمن نظام يسمى الديمقراطية التوافقية، فعندما يتواجد التوافق نجد ان الالية الدستورية تسير بشكل سليم وعندما يغيب هذا التوافق كما يحصل الان وكما يحصل الانقسام العمودي في الداخل اللبناني نرى ان البنود والاستحقاقات الدستورية تتعطل وتعرقل وتصبح بحالة من الازمة.

وتعليقا على المشاكل التي يعاني منها لبنان قال المحلل السياسي اللبناني: ان السبب الرئيسي لازمتنا الاقتصادية وللعقوبات وللحصار الذي نتعرض له هي بسبب الخارج والخارج هو المسبب الاول لما وصلنا اليه نحن اليوم طبعا بادوات وباساليب داخلية ولكن تبقى الارادة الخارجية الارادة الاساسية هي اخضاع الموقع السياسي والاطراف السياسية كافة في لبنان للسير باتجاه واحد؛ اتجاه يرضي الغرب وتحديدا زعيم الغرب الولايات المتحدة الامريكية، ووجود اطراف داخل الساحة اللبنانية لها موقف مغاير وموقف ممانع و رافض للتدخلات الغربية وللهيمنة الغربية وللارادة الغربية في بلدنا و لاتجد فيها مصلحة وطنية طبعا وجود هكذا الاطراف يزعج الغرب وهو يحاول من خلال الضغط الاقتصادي والمالي ممارسة مزيد من الضغط على القوى السياسية والحكومية من اجل اخضاعها.

في المقابل هناك الازمة الداخلية المحلية التي تتمثل في المصالح السياسية والسلطوية لبعض الفئات والمكونات السياسية والاحزاب وهي موجودة حتى داخل فريق واحد وفي كل فريق وهي ايضا تكبر من هذه الازمة والمأزق الدستوري وتحول دون الوصول الى الحد الادنى من التوافق وحتى داخل فريق واحد من اجل وصول الى انتخاب رئيس للجمهورية.

وحول تاثير الاطراف الخارجية على لبنان بما فيها فرنسا وقطر و روسيا و امريكا و السعودية اوضح الياس المر: بالنسبة للدول الخمس، المشكلة هي تناقضات موجودة في اجندات الدول الخمس يعني للولايات المتحدة اجندة مختلفة عن فرنسا وللسعودية اجندة مختلفة عن قطر ومصر، يعني تحديدا اهتمام الولايات المتحدة الامريكية ليس مباشر في الملف اللبناني نظرا لانشغالاتها الكبيرة على الساحة الدولية وصراعها المستجد والمتطور مع الصين ولمتابعتها ومواكبتها الحثيثة للعملية العسكرية الدائرة بين روسيا واوكرانيا ما تريده الولايات المتحدة الامريكية وتراهن عليه في الساحة الاوكرانية .

لذلك للولايات المتحدة الامريكية هموم ومشاكل كبيرة على الساحة الدولية لاتجعل من الملف اللبناني ملف رئيسي على الطاولة بل هي تعطي نوع من التفويض  لفرنسا للاهتمام بالملف اللبناني ولكن هذا التفويض ليس مطلق اليد من الناحية والشروط والعوائق من الناحية الاخرى. هناك مساعي فرنسية وفرنسا تريد ان تحصل على انجاز في السياسة الخارجية نظرا للصعوبات الداخلية التي تتعرض لها ونظرا للصعوبات الاقتصادية والسياسية وانعكاسات الحرب الاوكرانية المباشرة على فرنسا وعلى كل الدول الاوروبية.

فرنسا هي اليوم بحاجة الى انجاز في السياسة الخارجية وهي ترى في الساحة اللبنانية فرصة من اجل تحقيق الوصول الى انتخاب رئيس الجمهورية و الوصول الى انجاز على الساحة الداخلية وكذلك الامر تضيف عليه الاستثمارات التي يرغب بها الفرنسي سواء كانت في المرفأ سواء كانت في الغاز عبر شركة توتال انرجي وغيرها من الشركات و المنصات الاقتصادية التي يمكن من خلالها ان يدخل الى لبنان من باب قوي و هو اساسا موجود تاريخيا ولبنان بالنسبة لفرنسا هو جزء من الذاكرة التاريخية الفرنسية نظرا لحالة الانتداب التي كانت سابقا.

وسلط الضوء على محاولة قطر للعب دور في الساحة اللبنانية واوضح: بالنسبة لقطر لكل من قطر والسعودية اجندة مختلفة؛ اليوم موقف السعودية ايضا يسير نحو عدم التعطيل السلبي يعني الابتعاد السلبي عن الملف اللبناني بمعني هو لا يتدخل ولكن بنفس الوقت لا يساهم بايجاد حلول او بدعم الحلول التي تؤدي الى التوصل لحل المشكلة السياسية بكل انواعها وما ابتعاد الرئيس او  ارغام سعد الحريري عن الساحة السياسية إلا دليل رغبة سعودية بتعقيد المشهد وتحت عناوين عدم التدخل ولكن يأتي ذلك ضمن اطار عدم التدخل السلبي وليس الايجابي.

قطر تحاول من خلال علاقاتها ومن خلال قدرتها على التواصل مع ايران من خلال علاقاتها مع تركيا وايضا عودتها الى الحاضنة الخليجية ولو صوريا برغم من البقاء على كافة الملفات الخلافية مع الدول الخليجية ولكن صوريا اصلح ذات البين فيما بينهم تحاول قطر ان تلعب دور، ايضا لها دور استثماري وهي دخلت على منصة النفط  وقطر من خلال شركة قطر انرجي اصبحت شريك في الاقتصاد ولكن دائما لقطر دور محدود نظرا للدور الكبير للسعودية خصوصا على الساحة السياسية ولكن طبعا يبقى لقطر دور فاعل يعني لها قدرة استثمارية سواء كانت في السياسة من خلال شبكة تواصلاتها الدولية و من خلال علاقاتها المميزة بالولايات المتحدة الامريكية هذا الامر الذي لم يعد موجود عند السعودية اصبح هناك الحظر والتوجس في التحالف التاريخي بين السعودية وامريكا ولم يعد تحالفا مطبقا.

روسيا ايضا لها دور ليس مباشر يعني دور تحاول ان يكون ايجابي وتحاول تدوير الزوايا من خلال علاقاتها المميزة مع ايران و كذلك علاقاتها مع الدول الخليجية ومن خلال وجود بعض المكونات الداخلية التي ترى روسيا بانها عنصر فعال وانه عنصر ايجابي  اذا ما تدخل في الساحة اللبنانية.

ما نرى وما نطلبه كلبنانيين في النهاية طبعا نحن لا نستجدي ولا نرغب ولا نحلم بالتدخلات الخارجية سواء كانت اقليمية او دولية نحن نرغب ببناء دولة قوية وقادرة ودولة عادلة ودولة اقتصادية منتجة ولا تقوم على اقتصاد ريعي من اجل ان تكون قوية وتستطيع ان تحمي دستورها وتنفذ استحقاقاتها واستحقاقاتها المالية والاقتصادية.

عكس ما نرى من هشاشة اقتصادية ومالية وانهيار على كافة المستويات، نحن نحلم بدولة قوية بدولة قضاء و لها مؤسسات وتستطيع ان تحمي جميع ابناءها . نحن نحلم دائما للوصول الى الحوار والحد الادنى من التوافق لذلك نستطيع ان نجتاز هذه المرحلة الصعبة جدا على كافة المستويات وهذه المرحلة المصيرية الدقيقة جدا واذا لم نستطع ان نجتازها بنجاح وبتضامن فنحن نرى كمراقبون اننا ذاهبون الى نهاية لبنان الذي نعرفه ولانعرف الى اي لبنان نحن ذاهبون.

الحوار من: ليلى.م.ف

*ماجاء في الحوار لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع

انتهى