استهجن عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشيخ نافذ عزام، بشدة تقاعس الجيوش العربية والإسلامية، عن واجبها في نُصرة الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لأبشع المجازر العدوانية، وعن نُصرة المسجد الأقصى المبارك، الذي تُنتهك حرمته، ويُدنس يومياً على مرأى ومسمع العالم كله.
جاء ذلك في خطبة الجمعة الأخيرة، التي ألقاها الشيخ عزام، بمسجد العودة، وسط مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة.
وقال الشيخ عزام: “بقدر فخرنا بانتمائنا لهذا الدين، وبقدر اعتزازنا بارتباطنا بهذه الأرض المباركة، بقدر خجلنا عندما نتحدث عن البيت الذي أُسري برسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليه، وعُرج منه إلى السماوات العلا”.
وأضاف “نعم نشعرُ بالخجل والحرج ونحن نرى ما يجرى في بيت المقدس، وفي أكناف بيت المقدس. في المكان الذي تحفه البركة بأمر الله، وحلّ فيه الآن شذاذ الآفاق، يُدنسونه، يُروعون أهله، ويرتكبون فيه ما تندى منه، جبين البشرية كلها”.
وتابع الشيخ عزام: “لا يجوز أن يُلام الفلسطينيون على شيء، فمقاومة الشعب الفلسطيني الباسلة لم تتردد في الدفاع عن هذا الشعب، وعن مقدسات الأمة، وقدَّمت أغلى قادتها وكوادرها وأبنائها، ولازالت تقدم، و”كتيبة جنين” خير نموذج على تألق مقاومتنا في البطولة، ومضيها في الفداء والتضحية”.
واستدرك “لكن العيب كل العيب على تلك الدول التي تمتلك جيوشاً وطائرات ودبابات وتتعطل هذه الترسانة كلها، إذا تعلق الأمر بفلسطين وأهلها”.
ومضى الشيخ عزام يقول :”الدول العربية تمتلك آلاف المليارات. تختفي هذه المليارات وتتجمد في بنوك الغرب، فيما يُترك أهل فلسطين لواقعهم المُر!”.
واستطرد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين: “نعم الواقع مؤلمٌ وقاسٍ، والدول العربية التي تزيد عن 25 دولة، والدول الإسلامية التي تزيد عن 50 دولة، وجيوشها التي تعدادها بالملايين، وتمتلك هذه الترسانات، هؤلاء جميعاً يشاهدون ما يجري في فلسطين دون أن يحركوا ساكناً. يموت الناس، يُقتلون، تُمزقهم الطائرات والصواريخ، ما هو رد فعل العرب والمسلمين؟!”، تساءل بمرارة وانفعال.
وشدد على كون ما حصل في جنين، ولكتيبتها الخميس الماضي، وما يجري لعرين نابلس، وما يجري لأهل القدس، بل في كل فلسطين، هو شاهدٌ على حالنا، لافتاً إلى أن الأمة لم تكن هكذا، فهذه ليست الأمة، التي شرّفها الله تعالى بأن تكون خير الأمم.
وأشار الشيخ عزام إلى أنه مع نقد بعض المؤرخين لدولة بني العباس، إلا أنه يسجل لهم، أنه لما اعتدي على إمرأة مسلمة واحدة -وليس على المسجد الأقصى، أو على جنين، غزة، والقدس- في بلاد الأجانب، وكان الخليفة في مجلسه عندما وصلت صرخةُ هذه المرأة إليه، عبر رسول جاءه، وقد رأى الواقعة، فأخبره بما حدث، وبأن هذه المرأة استنجدت به كخليفة للمسلمين “وا معتصماه”، فوقف المعتصم، وقال: في أي جهة تقع عمورية (المدينة التي حدث فيها الاعتداء على المرأة المسلمة)؟، فأشاروا إليه، فيمم وجهه تجاه هذه الجهة، وقال مخاطباً المرأة: نُصرتِ يا أمَة الله.
وبيّن أن هذه المرأة لم تسمع ما قاله الخليفة، لكن التاريخ كان يسمعه، والتاريخ سجل بأن الإسلام يرفض الظلم، والمهانة، وبأن المسلمين لا يمكن أن يجبنوا أو يتقاعسوا، فجيّش المعتصم جيشاً، وانتصر هذا الجيش في المعركة، التي خُلدت في التاريخ، وفي الشعر والأدب، مستشهداً بقول الشاعر أبي تمام: السيف أصدق أنباءً من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب. فقد نَظَم هذه القصيدة تعليقاً على هذا الفتح العظيم.
وجدد الشيخ عزام التأكيد، “جنين ليست وحدها. نابلس ليست وحدها. الخليل ليست وحدها. هذا الجرح جرحنا جميعاً، وهذه المأساة يفترض أن تكون مأساة الأمة كلها. لا يجوز للعرب أن يتركوا جنين وغزة والقدس وحدها. لا يجوز أن يتركوا شعبنا يواجه هذا الغول”.
وتساءل من جديد: “كيف يقرأ العرب سورة الإسراء؟!. بم يُجيبون أبناءهم إذا سألوهم عن الآية التي تتحدث عن المسجد الأقصى؟! أين هو؟! من يحكمه؟! هل نستطيع الصلاة فيه؟!”.
وأفرد الشيخ عزام، حديثاً مطولاً في شرح الآيات الأولى من سورة الإسراء، بعد أن بدأ خطبته عن شهر رجب، الذي يُظللنا -وهو من الأشهر الحرم، التي عظّمها الله سبحانه وتعالى، وأمر المسلمين بتعظيمها- لكونه وقعت فيه حادثة هامة في الإسلام، ألا وهي حادثة الإسراء والمعراج.
ولفت إلى أن حادثة الإسراء والمعراج ثابتةٌ في القرآن، وصحيح السنة، حيث كانت رحلة تكريم لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، في وقتٍ بلغ الأذى مداه، وفي وقت اشتداد المحنة حول النبي الكريم، وصحابته الكرام.
وركز الشيخ عزام حديثه عن جانبٍ واحد، من الجوانب العديدة، التي تضمنتها هذه الحادثة المعجزة، وهو الأمر المتعلق بفلسطين، ومسجدها المبارك، وبيت المقدس.
وشرح كيف أن السورة التي تحمل اسم هذه الحادثة، تبدأ بتمجيد الله سبحانه وتعالى، وربطها لهذا التمجيد بهذه الحادثة المعجزة، وأيضاً بذكر هذه الأرض المباركة.
ونوه الشيخ عزام إلى أنه بعد الآية الأولى من سورة الإسراء، “سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير”، ينتقل السياق القرآني للحديث بصورةٍ مدهشة عن بني إسرائيل.
وتطرق إلى أن هذه الآيات مكيّة، وحينها لم يكن هناك وجود لبني إسرائيل في مكة، وهي نزلت قبل أن تقوم دولة الإسلام، وبالتالي لم تكن هناك أي مواجهة بين الطليعة المؤمنة مع النبي (صلى الله عليه وسلم)، وبين بني إسرائيل، مبيناً في السياق أنها معجزات القرآن، التي تريد أن تقول لنا بأن المواجهة الكبرى بين أبناء هذا الدين، (بين النموذج الذي صاغه الإسلام)، ستكون في أوضح صورها مع بني إسرائيل.
وزاد الشيخ عزام قائلاً :”إن المواجهة الحاسمة بين عباد الله – كما وصفتهم آيات سورة الإسراء- وبين أعدائه ستكون على هذه الأرض. وكما ذكرت الآية اللاحقة في ختام سورة الإسراء، التي يُخاطب فيها الحق تبارك وتعالى بني إسرائيل :”فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً””.
واستشهد بقولٍ للعلامة الشيخ محمد متولى الشعراوي (رحمه الله رحمةً واسعة)، :”إن وجود “إسرائيل” مثّل مصداقية لنبوءة القرآن، وإن قيام هذه “الدولة” يُعطي أملاً للأمة كلها، ليتحقق وعده سبحانه وتعالى، والوعد يتحقق هنا في أول السورة :”فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً”، ويتحقق في آخر السورة، “فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً”، أي من كل أنحاء الأرض سيأتون، لتكون على هذه الأرض المباركة، المواجهةُ الحاسمة.
المصدر
الكاتب:وكالة شمس نيوز الإخبارية – Shms News
الموقع : shms.ps
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-01-29 19:12:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي