من الناحية القانونية، القرار مخالف للقوانين الدولية ومواثيق الامم المتحدة، لان الحرس جزء من القوات المسلحة الايرانية الرسمية، وبالتالي، فان وضعه على لائحة الارهاب، حتى في القوانين الاوروبية، يستوجب اجراءات تحقيق مكثفة ودقيقة تقوم بها الامم المتحدة وتحوي معلومات يقينية من خلال تشكيل لجنة تحقيق اممية، لكن هذا الامر، غير قائم وغير ممكن …
ففي موضوع ‘الاحتجاجات’ مثلا، ان اجراءات الاعتقال كانت قانونية بدليل انه حتى امس كان قد تم الافراج عن 98.5 % من المعتقلين على خلفية الاحتجاجات ومن تبقى فهم مدانون باعترافات وادلة. ومن حكم عليه بالاعدام، كان ذلك بموجب ادلة قاطعة وفيديوها مصورة ، واعترافات بجرائم قتل وافساد في الارض.
اما قضية المسيرات، فحتى الان، لم تقدم اوكرانيا ولا غيرها، اي دليل على ان المسيرات التي استخدمتها او تستخدمها روسيا في اوكرانيا، هي ايرانية.. حتى ان اوكرانيا تهربت بناء لطلب امريكي، من عقد اجتماع اول مع ايران في بلد اوروبي، لبحث الموضوع وتقديم الادلة، واعتذرت عنه في الساعات الاخيرة قبيل عقده. ومن ثم حضرت الاجتماع الثاني ولم تقدم اي ادلة، بل فقط اتهامات سياسية لا اكثر.
اذن هذه الذارئع غير منطقية وغير واقعية. واليقين ان اجراء وضع الحرس على لائحة الارهاب، هو لفرض مزيد من الضغوط على ايران للقبول بالشروط الغربية في قضايا كثيرة بينها، وقف اعدام الجواسيس الغربيين (قرار البرلمان الاوروبي يأتي بعد اقل من اسبوع على تنفيذ حكم الاعدام بحق اخطر عميل ايراني لحساب الاستخبارات البريطانية، علي رضا اكبري، الذي زود بريطانيا بمعلومات حساسة عن ايران كونه تقلب في مناصب حساسة وكانت تربطه علاقات مع كبار المسؤولين في الدولة) و التوقيع على الاتفاق النووي بالشروط الغربية.
ولو كانت غيرة الاوروبيين على المحتجين الايرانيين صادقة، لماذا لم يتخذوا هذا القرار منذ بدء الاحتجاجات التي استمرت اشهرا؟ ولماذا الان بعد ان توقفت الاحتجاجات؟ ولماذا بعد اعدام الجاسوس البريطاني؟.
الامر الاخطر في القضية، إن صادق المجلس الاوروبي على قرار البرلمان، ووضع قوات مسلحة رسمية على لائحة الارهاب، فسيحدث ذلك فوضى قانونية على المستوى الدولي، تؤدي الى مخاطر كبرى جدا… لاعتبارات عدة..
اولا، ليس هناك تعريف قانوني دولي رسمي موحد للارهاب، فمن يعتبر عملا ما ارهابيا، فان طرفا اخر لا يعتبره كذلك.. وهذا ينطبق على توصيف بعض الدول الغربية للمقاومة في المنطقة بالارهاب.
في المقابل، فان دولا في العالم تصف ما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية ضد شعوب العالم، عملا ارهابيا.. وهذا ينطبق على الواقع في افغانستان والعراق ودعم الدول المرتكبة للجرائم ضد الانسانية هذا على سبيل المثال لا الحصر..
ثانيا، وضع حرس الثورة، كمؤسسة رسمية ايرانية، يفسح المجال امام الاوروبيين والامريكيين، لوضع الجيوش الصينية والروسية مثلا، على لائحة الارهاب،بذرائع مختلفة، مثل اتهام الجيش الروسي بـ’ارتكاب جرائم حرب وضد الانسانية في اوكرانيا’ والجيش الصيني بجرائم ضد الانسانية بحق ‘الايغور’ في الصين..
في المقابل، هل ستقف الدول الموصفة جيوشها ارهابية، مكتوفة الايدي؟ ام انها ستعمل بالمثل، وتضع الجيوش الامريكي والاوروبية على لائحةالارهاب؟ والتهم جاهزة وبارزة، الجيش الامريكي لديه تاريخ حافل بالجرائم الارهابية منذ نشأة الولايات المتحدة وحتى اليوم، ابادة السكان الاصليين وتذويب هويتهم، واستغلال واستعباد الافارقة، واستخدام القنابل الذرية في اليابان وارتكاب المجازر في افغانستان والعراق واليمن وغيرها .. ايضا الجيش الفرنسي وجرائمه موصوفة في الجزائر وغيرها، لا سيما من خلال اجراء تجارب نووية على الجزائريين ، حيث استشهد نحو مليوني جزائري اثناء الاستعمار الفرنسي للبلاد. وقس على ذلك الجيوش البريطانية والايطالية وووالخ.
في هذه الحال، على المرء ان يتخيل، كيف ستكون عليه العلاقات بين الدول المتقابلة؟ وماذا سيكون عليه الوضع، عندما يتبادل شطري الارض الاتهام بالارهاب..
الرد الايراني،
معروف عن ايران انها لا تتصرف بشكل انفعالي بعيدا عن الدرس، ومشهود لها عالميا بهذه السياسة… لذا هي حذرت من مخاطر قرار البرلمان الاوروبي وتداعياته، عبر الاتصالات الدبلوماسية بين وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان وممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل..
وكان اول رد فعل منها مماثلا.. فاعد البرلمان الايراني مشروع قانون يضع جيوش الاتحاد الاوروبي على لائحة الارهاب ومعاقبة اي منظمة او جهة تعمل مع هذه الجيوش.. وذلك بانتظار ما سيؤل اليه مسار قرار البرلمان الاوروبي..
في فرضيات الردود ايضا. لا يمكن لاي قطعة بحرية سواء عسكرية او تجارية، ان تعبر مضيق هرمز دون المرور حكما بالمياه الاقليمية الايرانية .ووفقا للقوانين الدولية، عليها ان تعطي معلومات عن نفسه ومسارها، ويحق للقوات المسلحة الايرانية تفتيشه او منعها ، لاسباب معينة..
السؤال، كيف ستتعامل الدول الغربية مع هذ الامر؟ وكيف سيتعامل الحرس الثوري مع هذه القطع؟
وفي المقابل، هل سيسمح الحرس لهذه السفن ‘الارهابية’ بالعبور؟ ماذا ان طلب تفتيشها؟ او منعها من المرور؟ ماذا .. ماذا..؟
ايضا، ماذا عن وجود ‘الجيوش الغربية الارهابية’ في المنطقة ان صنفتها ايران كذلك؟
كيف ستتعامل ايران ومحور المقاومة مع هذا الوجود؟
ايضا ماذا ان انسحبت ايران من الاتفاق النووي كليا واطلقت العنان لنفسها بالتخصيب بالنسب التي تريد وبالكميات التي تريد وبالاجهزة التي تريد؟
من الناحية التنفيذية والاجرائية، يبدو على الارجح ان الاتحاد الاوروبي، لن ينجر الى سياسيات بعض دوله القصيرة النظر، ويضع الحرس على لائحة الارهاب، والا يكون قد ارتكب جريمة تاريخية كبرى وسابقة ‘فوضوية’ لم يسبقه عليه الا الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب.
والمعتقد ان الاتحاد لا يزال يعول على تسوية في الاتفاق النووي، تستجلب له الغاز في شتائه الصقيعي.. وهو يدرك تماما انه بات عليه ان يستخدم سياسات خارجية جديدة، تنأ به عن السياسات الامريكية التي اقحمته في اتون حرب اوكرانيا، وجلعتها تابعا ومنقادا اعمى للولايات المتحدة ، مثله مثل اي دولة تصنف من دول العالم الثالث.
وربما تصريحات القادة الاوروبية في هذا المجال امثال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الالمانية السابقة انجيلا ماريكل ومسؤول السياسية الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل، حول ضرورة بحث عن منظومات امنية اوروبية خاصة، بعيدة عن الهيمنة الامريكية، دليل على رغبة الاتحاد بالتفلت من القيود الامريكية، واعطاء الاولوية في السياسيات الخارجية للمصالح الوطنية الاوروبية.
مع الاشارة الى ان هذه التصريحات، احدثت توترات في مراحل العلاقة بين الطرفين الاوروبي والامريكي، خصوصا ازمة سياسية وتهجمات ترامب على ماكرون في العام 2019.
المتوقع، ان تتكثف الاتصالات الدبلوماسية بين ايران والاتحاد الاوروبي بشكل مباشر او عبر وسطاء، لننزع فتيل هذه الازمة المفتعلة من اوروبا والقرار ‘المراهق’ للبرلمان الاوروبي، لاستدراك ما لا تحمد عقباه، والا فانه يمكن توقع اي شيء.
/انتهى/
المصدر
الكاتب:
الموقع : tn.ai
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-01-20 15:31:05
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي