الضوء الأخضر الأمريكي للصراع بين باكستان وأفغانستان
شفقنا-بعد الانسحاب المخزي للولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان بعد عقدين من الاحتلال وتقلد طالبان مقاليد السلطة للمرة الثانية، توقع المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، ظهور بؤر جديدة للأزمة الأمنية في أفغانستان. على الرغم من أن الأمريكيين قد تركوا المساحة الإقليمية لأفغانستان فعليا، إلا أن تأثيرهم محسوس تماما بسبب استغلال الأجواء المعقدة والانقسام لخلق التوتر والحرب الأهلية من خلال استخدام لاعبين إقليميين.
على الرغم من أن خطر داعش خراسان لم يختف تماما، إلا أن تركيزهم الآن ينصب على هذه القضية الأمنية المهمة ومحاربة داعش خراسان. لكن الطريق طويل لتحقيق الأمن في أفغانستان والقضاء على إرهاب داعش خراسان. إن صعوبة تحقيق الأمن جعلت الساحة الأمنية في أفغانستان أكثر تعقيدا وهشاشة بسبب تأثير الجماعات العرقية وعلاقاتها بجيران أفغانستان. قد تكون هناك علاقة ذات دلالة بين المكون الأمني وخلق المنافع الأمنية وفقا للبنية العرقية لأفغانستان. يبدو أنه مع استمرار هذه العملية، قد تبدأ النزاعات الداخلية والحدودية بتأثير الفاعلين الإقليميين، لأن التيارات المتطرفة تسعى حاليا إلى خلق صراع على السلطة في أفغانستان.
السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في أفغانستان
قد يكون الاهتمام بجميع الجماعات العرقية ودعمها ومشاركتها الحقيقية ومنحها دور فعال في هيكل حكومة طالبان إحدى أكثر الطرق فعالية لتحقيق الاستقرار في أفغانستان. يشار إلى أنه بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، اشتدت قضية النظام الدولي الجديد، وفي حال النجاح في الحفاظ على الاستقرار الأمني، سيتم خلق مساحة مناسبة لمشاركة أفغانستان في النظام الإقليمي الجديد، وخاصة في القطاع الاقتصادي. ومن ناحية أخرى، تتمتع دولة أفغانستان بتاريخ طويل في طريق الحرير التاريخي. واليوم، ازداد دور الممرات في تطوير الأمن المستدام وتمتلك أفغانستان القدرة اللازمة لإنشاء أدوات القوة باستخدام دور الطرق والممرات والسكك الحديدية.
إن الاهتمام بدور وتأثير السعودية والإمارات وباكستان في أفغانستان دائما ما يعد أمرا مهما ولا مفر منه. يمكن القول إن أمريكا وحلفاءها في المنطقة يحاولون تحريض الجيش الباكستاني لزيادة التوتر على الحدود وربما مهاجمة أفغانستان. واجهت وكالة المخابرات الباكستانية ISI التحدي المتمثل في وجود عدد كبير من البشتون طالبان داخل باكستان وعلى الحدود مع أفغانستان، وبعضهم يريد الاستقلال الإقليمي ويتبنى النزعة الانفصالية. ويبدو أن هؤلاء السكان يشكلون فرصة كبيرة للأمريكيين مع نهج تقوية ودعم هذه الحركة بهدف الصراع على حدود أفغانستان وباكستان. تنوي الولايات المتحدة الأمريكية تقليص عامل الأمن بسياسة خلق التوتر، وبالتالي عدم إحراز تقدم حقيقي في الاتفاقات والعقود في مختلف مجالات الطاقة والعبور والتعدين وما إلى ذلك.
منع عمران خان من المشاركة في الانتخابات
من الدوافع الرئيسية للولايات المتحدة الأمريكية في باكستان لتحقيق إستراتيجية التوتر والصراع هو التعاون مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لدعم واستقرار حكومة شهباز شريف، ومن ناحية أخرى منع عمران خان من المشاركة في الانتخابات المقبلة في باكستان. لأن سياسة عمران خان تتعارض سياسات أمريكا. فمن خلال مشاركة عمران خان في الانتخابات، فإن فوزه مرجح إذا أجريت الانتخابات بنزاهة، وإذا لم ينجح عمران خان، فإن حدوث الاضطرابات في باكستان لن يكون مستعبدا. لكن في ظل الوضع الحالي لباكستان والوضع الاقتصادي والمعيشي الفوضوي الناجم عن الفيضانات المدمرة والحاجة إلى ثمانية مليارات دولار، فان القضية المهمة هي ان السعودية والإمارات يضعان الاهتمام بتوسيع نطاق النفوذ في باكستان على رأس أجندتهما.
بشكل عام، تشير الأحداث الحالية إلى أنه قد يتم تأجيج الاضطرابات ويتحقق هدف الإدارة الأمريكية القاضي بخلق صراع، ولو بشكل محدود، على حدود باكستان وأفغانستان. فقضايا مثل الانتخابات وبعض البشتون الباكستانيين والأفغان الذين يطالبون بالاستقلال؛ قد تسبب في اندلاع الصراع والتوتر في مناطق مثل منطقة ممر واخان. من الواضح أنه من خلال الاخلال بالأجواء الأمنية والسياسية لأفغانستان وباكستان، فإن عملية العقود وسير المشاريع ستتباطأ، ومن خلال تحريض العمليات النفسية الإعلامية للكيان الصهيوني وتعزيز إرهاب داعش في المنطقة، فإنها تسعى لعزل حكومة طالبان وعدم الاعتراف بها على يد المجتمع الدولي.
تشكيل ممرات آسيا الوسطى والهند وباكستان، والدور الاستراتيجي لأفغانستان في ممرات السكك الحديدية والطرق، سيؤدي إلى تطوير تجارة أفغانستان مع جيرانها وكذلك على الساحة الدولية. يمثل طريق الحرير التاريخي اندماج الثقافة القديمة، وفي لغة اليوم، فإن بناء الممرات سيقرب أفكار الحكومة الأفغانية والشعب الأفغاني من جيرانهم. لكن هل تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني ممارسة الضغط والنفوذ في جهاز المخابرات الباكستاني (ISI) من خلال متغيرات مثل عمران خان والبشتون المتمركزين على حدود أفغانستان وباكستان في منطقة ممر واخان ان تتسبب في أعمال سياسية وصراعات عسكرية بين هذين البلدين؟
من خلال دراسة نظرية اللعبة الحربية يبدو أنه مع وجود عمران خان في الساحة الانتخابية فان فوزه شبه محتمل ومن جهة بمنع غيابه أو فشله في الفوز ليس من المستبعد اندلاع الاضطرابات في باكستان بسبب الاستياء الشعبي. من المهم أن نلاحظ أن وجود عمران خان لن يعني احتواء أمريكا في باكستان ومنع الصراعات الحدودية مع أفغانستان. على الرغم من أن الصراع العسكري في منطقة ممر واخان يرجع إلى عوامل مثل حساسية أفغانستان، والشيعة في كشمير، وموقف الهند وشعب إقليم شينجيانغ الصيني؛ هذا الوضع يجعل القضية الأمنية أكثر تعقيدا.
لكن الهدف الكامن وراء تواجد أمريكا لمدة عقدين من الزمن في أفغانستان اثبت بان إستراتيجية أمريكا لا توجد فيها ما يدل على السلام والاستقرار، ففي ظل الظروف الراهنة لحكومة طالبان يظهر من الضروري الاهتمام بقضية القوميات والحدود والعلاقات مع الجيران، وخاصة باكستان، يبدو انه من خلال دراسة القضايا الراهنة ومنها المحادثات بين المملكة العربية والإمارات مع باكستان يمكن ان تبقى حكومة طالبان بمنأى عن المفاجئات الإستراتيجية.
المصدر: ديبلماسي إيراني
————————
المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–
النهاية
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-01-18 00:35:17
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي