أمن دولي ـ القنبلة القذرة، مخاطرها واحتمالية تصنيعها في حرب أوكرانيا

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا  وهولندا

إعداد: إكرام زيادة – باحثة في المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب

 

تتصدر القنبلة القذرة مشهد الحرب في أوكرانيا بعد أن زعم وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن أوكرانيا قد تستخدم “القنبلة القذرة”. حتى الآن هي مجرد جزء من حرب إعلامية، رغم التأكيدات الروسية، وإعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الأول من نوفمبر 2022، أنها بدأت عمليات تفتيش في أوكرانيا بناء على طلب الأخيرة، بعدما اتهمها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بطمس أدلة على تطويرها “قنبلة قذرة”.

ماهية القنبلة القذرة، وتمييزها عن القنبلة النووية؟

هي قنبلة تحتوي على مادة مشعة، مثل اليورانيوم، والتي تتناثر جميع محتوياتها في الهواء عندما تنفجر بشكل تقليدي. وبالتالي فهي تعد من أسلحة الدمار الشامل. بيد أن موجة الانفجار الناجمة عن “القنبلة القذرة”، أصغر من الموجة التي تنتج عن السلاح النووي. وهذا النوع من القنابل لا ينسب تقليدياً إلى الأسلحة القتالية، بل إلى الأسلحة الإرهابية، حيث يعمل الإشعاع ببطء ويمكن أن يقتل عدداً كبيراً من البشر من دون أن يلاحظه أحد تماماً.

وبحسب الخبير العسكري قسطنطين سيفكوف نائب رئيس أكاديمية العلوم الصاروخية والمدفعية، إن “القنبلة القذرة”، تُحمل بعناصر مشعة أو بذخيرة كيميائية، يمكن استخدامها بثلاث طرق: تصميمها الأولي عبارة عن قذيفة بمادة مشعة مع شحنة طاردة. تنفجر القذيفة وتحمل الشحنة الطاردة المادة المشعة ويتم نشرها على مساحة كبيرة. فيما الخيار الثاني أن تُرسل بنظام صاروخي بعيد المدى لضرب نفايات محطات طاقة نووية. ويتمثل الخيار الثالث، عن طريق نشر عنصر نووي باستخدام الطائرات، إلا أن هذا الأسلوب غير مناسب للاستفزاز، حيث يمكن إسقاط الطائرة فوق الأراضي التي يسيطر عليها الطرف صاحب هذا النوع من القنابل.

يوجد فرق كبير بين القنبلة النووية والقنبلة القذرة، فبينما يتم تصنيع النوع الأول بتقنيات غاية في التطور وتزويدها بمواد نووية انشطارية مثل (اليورانيوم 235) أو  (البلوتونيوم 239)، فإن النوع الثاني يتم تصنيعه بطرق بدائية تعتمد على وجود مادة انفجارية وتزويدها بمواد مشعة تنتشر في الأجواء بصورة عشوائية إثر الانفجار.

يمكن أن تستخدم المواد المشعة الموجودة في المستشفيات أو محطات الطاقة النووية أو مختبرات الأبحاث. وهذا يجعلها أرخص بكثير وأسرع في صنعها من الأسلحة النووية. كما يمكن أيضا حملها في الجزء الخلفي من السيارة، على سبيل المثال.

ونظراً لأن الإشعاع المنبعث من القنبلة القذرة عند انفجارها يمكن أن يسبب أمراضا خطيرة، مثل السرطان، فإن مثل هذه القنبلة قد تسبب الذعر بين السكان المستهدفين. ويجب أيضاً إخلاء منطقة واسعة حول منطقة الانفجار لإزالة التلوث، أو التخلي عن تلك المنطقة تماماً. وقد قام اتحاد العلماء الأمريكيين بحساب أنه إذا تم تفجير قنبلة تحتوي على خمسة جرام من (الكوبالت -60)  وخمسة كجم من مادة (تي إن تي ) في الطرف الأبعد من مدينة مانهاتن، في نيويورك، فإن المنطقة بأكملها من المدينة ستصبح غير صالحة للسكن لعقود من الزمن.

ولهذا السبب، تُعرف القنابل القذرة بأسلحة الدمار الشامل. ومع ذلك، لا يمكن الاعتماد عليها كأسلحة على الإطلاق. فمن ناحية القدرة التفجيرية، لا توجد مقارنة بين القنبلة النووية والقنبلة القذرة، لأن الانفجار الناتج عن القنبلة النووية يكون أقوى ملايين المرات من انفجار قنبلة قذرة.

يجزم فولفغانغ ريشتر، العقيد السابق في الجيش الألماني وعضو مجموعة الدراسات الأمنية في “مؤسسة العلوم والسياسة  (SWP)  أن  الخطر المباشر للقنبلة القذرة لا يكاد يتجاوز خطر العبوة القنبلة التقليدية نفسها. ومع ذلك، على المدى الطويل، يكون الإشعاع ضاراً على الأقل بالصحة، اعتماداً على كمية الإشعاع التي يمتصها الجسم، ما قد يؤدي إلى الموت لاحقاً. “اعتماداً على حجم الانفجار ومستوى النشاط الإشعاعي، يمكن أن تصبح مناطق واسعة جداً غير صالحة للسكن لفترة زمنية معينة”، على حد قوله.

تجارب استخدام القنبلة القذرة

لم يكن هناك حتى الآن هجوم ناجح بالقنابل القذرة في أي مكان في العالم.  البداية كانت بتجارب الجيش الأمريكي أجهزة التشتت الإشعاعي في Dugway Proving Ground في ولاية يوتا من 1948 إلى 1952 ، ولكن تم التخلي عن هذا العمل في النهاية. وبصرف النظر عن هذه الاختبارات، التي تم فيها صنع أجهزة تشتيت إشعاعية من مختلف الأنواع، لا يوجد دليل على أن الجيش الأمريكي أو قوة أخرى استخدمت مثل هذا السلاح لاستخدامه في القتال. ومع ذلك، كانت هناك محاولات.

قام متمردون من الشيشان في عام 1996 بزرع قنبلة تحتوي على الديناميت والسيزيوم-137 في حديقة إزمايلوفو في موسكو. وقد استُخرج السيزيوم الذي استُخدم فيها من معدات علاج السرطان. واكتشفت الأجهزة الأمنية موقعها وتم نزع فتيلها. ولاحقاً في عام 1998 عثر جهاز المخابرات الشيشاني على قنبلة قذرة كانت موضوعة بالقرب من خط سكة حديد في الشيشان، وأبطل مفعولها.

تم إلقاء القبض على خوسيه باديلا في عام 2002، وهو مواطن أمريكي كان على اتصال مع القاعدة، في مدينة شيكاغو للاشتباه في أنه كان يخطط لهجوم بقنبلة قذرة. وحكم عليه بالسجن (21) عاماً. وبعد ذلك بعامين، قُبض على ديرين باروت، وهو مواطن بريطاني وعضو في القاعدة، في لندن بتهمة التخطيط لهجمات إرهابية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة كان من الممكن أن تشمل استخدام قنبلة قذرة، وسُجن بعد ذلك لمدة (30) عاما.ً

القنابل القذرة ليست جديدة، ولكنها وحتى اليوم تم التعامل معها في المقام الأول على أنها تهديد إرهابي. في عام 2003، صادر ضباط الشرطة في تبليسي وبانكوك بفارق زمني بسيط شحنتين غير قانونيين من السيزيوم المشع والسترونتيوم، والتي كان من الممكن أن تستخدم لصنع سيارة “مفخخة قذرة”، على سبيل المثال.

تحدث المحامي والصحفي الأمريكي ستيفن بريل في سبتمبر 2016، عن القنابل القذرة كجزء من موضوع غلاف مجلة السياسية الأمريكية “ذي أتلانتيك” في الذكرى الخامسة عشرة لهجمات 11 سبتمبر، والذي حمل عنوان: “هل نحن أكثر أماناً”. حسب ستيفن بريل، في عامي 2013 و2014 فقط، تم الإبلاغ عن فقدان أو سرقة المواد المشعة في (325) حالة، عدا عن الحالات غير المكتشفة أو التي جرى التستر عليها. واتهم بريل السياسيين بعدم إيلاء الاهتمام الكافي لذلك الخطر.

اتهامات روسية لأوكرانيا بالتخطيط لاستخدام “القنبلة القذرة”

أعلنت روسيا في 23 أكتوبر 2022 على لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف أنّ “نظام كييف يستعد لاستفزاز على أراضيه بتفجير ما يسمى بـالقنبلة القذرة، أو الأسلحة النووية منخفضة القوة”. وأنّ الغرض من الاستفزاز هو “اتهام روسيا باستخدام أسلحة الدمار الشامل في مسرح العمليات الأوكراني، وبالتالي شن حملة قوية ضد روسيا في العالم تهدف إلى تقويض الثقة بموسكو”

وأفادت مصادر روسية لوكالة سبوتنيك بأنّ “كييف بدأت بالفعل بالتنفيذ العملي لهذه الخطة تحت قيادة الغربيين”، ولفتت إلى أنّ العمل على ذلك هو في المرحلة النهائية، فقد تم تكليف قيادة مصنع التعدين، الواقع في مدينة جولتيي فودي في مقاطعة دنيبروبيتروفسك، وكذلك معهد كييف للأبحاث النووية، بصنع القنبلة القذرة. يقوم موظفو مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من دائرته المقربة بإجراء اتصالات سرية مع ممثلي المملكة المتحدة بشأن مسألة إمكانية نقل مكونات الأسلحة النووية إلى سلطات كييف”. لكن حكومة أوكرانيا نفت تلك الأتهامات.

كشفت وزارة الدفاع الروسية 24 أكتوبر 2022، النتائج المحتملة لتنفيذ نظام كييف استفزازا باستخدام القنبلة القذرة، مبينة أن مثل هذا الحدث الاستفزازي سيؤدي إلى انتشار النظائر المشعة الناتجة عن “القنبلة القذرة” لأكثر من (1500) كيلومتر وتغطي بولندا. وأشارت إلى أن هذه الأساليب استخدمت سابقا في الرابع من أبريل عام 2017 في مدينة خان شيخون السورية. من قبل ما يسمى بـ”الخوذ البيضاء”، و “من المحتمل جداً أن يتم استخدام سيناريو مماثل في هذه الحالة أيضا “.

جدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 26 أكتوبر 2022 الاتهامات بأن كييف تخطط لشن مثل هذا الهجوم، فقط لإلقاء اللوم على القوات الروسية وتشويه سمعة القيادة الروسية. في المقابل نفى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والعديد من الحكومات الغربية (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا) بشدة هذا الاتهام.

فيما بدت موسكو متمسكة بمخاوفها؛ إذ قالت وزارة الدفاع الروسية، على لسان اللفتنانت جنرال إيغور كيريلوف، قائد قوات الحماية من المواد النووية والبيولوجية والكيماوية، إنها أعدت قواتها للعمل في ظروف التلوث الإشعاعي، ما يعزز المخاوف من حصول مواجهة بأسلحة غير تقليدية.

طلبت روسيا في 25 أكتوبر 2022 عقد اجتماع في مجلس الأمن خلف أبواب مغلقة من أجل “مناقشة الاستفزاز الوشيك باستخدام قنبلة قذرة” من جانب أوكرانيا. وحذرت من أنها “ستعتبر استخدام “القنبلة القذرة” من جانب كييف بمنزلة عمل إرهابي نووي”.

القنبلة القذرة في منظور القانون الدولي

وافقت لجنة الأمم المتحدة (الآن هيئة نزع السلاح) في عام 1979، على إدراج الأسلحة الإشعاعية في تعريف “أسلحة الدمار الشامل”. كان الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، في ذلك الوقت، يتفاوضان بشأن معاهدة تحكم تطوير وإنتاج وتخزين واستخدام أسلحة أخرى غير الأسلحة النووية التي يمكن أن تنشر المواد المشعة. لسوء الحظ، لم ينجح الجهد. كما فشلت محاولة ما بعد 11 سبتمبر2001 لإحياء المسألة في لجنة نزع السلاح التابعة للأمم المتحدة.

علاوة على ذلك، على الرغم من الخلط المتكرر معهم، فإن القنابل القذرة ليست أسلحة نووية.  تستخدم الأسلحة النووية الانشطار أو الاندماج لإحداث انفجار هائل؛ أما القنابل القذرة فلا. بالإضافة إلى الانفجار، فإن استخدام سلاح نووي يطلق كميات كبيرة من الإشعاع على مساحات شاسعة حيث ينتشر الحطام المشع والتعرض لإشعاع السلاح النووي، على عكس القنابل القذرة، يمكن أن يتسبب في كثير من الأحيان في المرض الشديد والوفاة. من حيث أن القنابل القذرة ليست أسلحة نووية، فهي غير مشمولة في حظر الاستخدام أو التهديد باستخدامه في (المادة 1) من معاهدة حظر الأسلحة النووية لعام 2017، والتي ليست روسيا ولا أوكرانيا طرفاً في أي منها.

لكن سيترتب على استخدام القنبلة القذرة انتهاكاً للعديد من قواعد القانون الدولي الإنساني، أولها قاعدة حظر مهاجمة المدنيين والأعيان المدنية، حيث مما لا شك في أنه إذا استخدمت روسيا أو أوكرانيا قنبلة قذرة مباشرة ضد المدنيين أو الأعيان المدنية، فإن العملية ستنتهك اتفاقية جنيف لحماية ضحايا النزاعات المسلحة (البروتوكول الإضافي الأول)، المادتان(51/1) و (53/1)

إذ ان من المرجح أن يكون الهجوم بالقنابل القذرة عشوائياً على أساس أنه “يستخدم أسلوباً أو وسيلة قتالية لا يمكن الحد من آثارها، وبالتالي، تكون ذات طبيعة تصيب الأهداف العسكرية والمدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز، وهذا أيضا ينتهك الحظر المفروض على الهجمات العشوائية (البروتوكول الإضافي الأول، مادة (51/4)، لأن القنبلة القذرة تستخدم مسحوقاً مشعاً لتفريق الإشعاع، فهي عرضة للرياح. إذا كانت القنبلة كبيرة بما يكفي لإطلاق كمية كبيرة من الإشعاع الذي يعرض المدنيين للخطر في ظل رياح غير متوقعة، فسيكون الهجوم عشوائياً

ونظراً لوجود فائدة عسكرية محدودة فقط في تضمين مادة مشعة في قنبلة قذرة، فهي سلاح إرهابي نموذجي، يستهدف إرهاب السكان، وبالتالي ينتهك المادة1(51/2) من القانون الدولي الإنساني العرفي التي تحظر “أعمال العنف أو التهديد به التي يكون هدفها الأساسي نشر الرعب بين السكان المدنيين”

يمتد حظر استخدام الأسلحة التي تسبب إصابات زائدة ومعاناة غير ضرورية، والذي وصفته محكمة العدل الدولية بأنه “مبدأ أساسي” من مبادئ القانون الدولي الإنساني والتي ظهرت لاحقًا في أنظمة لاهاي والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 (المادة (35/2)، إن استخدام قنبلة قذرة لمنع العدو من استخدام منطقة ما لن ينتهك الحظر. أما إذا استُخدم لغرض إحداث معاناة للمقاتلين بسبب التسمم الإشعاعي المضاف إلى أي ضرر يلحق بهم من جراء الآثار التفجيرية للسلاح، فإن هذه القاعدة تُنتهك.

تثير حقيقة أن القنابل القذرة تنطوي على انتشار إشعاعي مسألة التأثير البيئي وبموجب المادتين (35/3) و(55) من البروتوكول الإضافي الأول.”يُحظر استخدام أساليب أو وسائل الحرب التي يُقصد بها، أو يُتوقع منها، أن تسبب ضرًًا واسع النطاق وطويل الأمد وشديداً بالبيئة الطبيعية.”

سيناريوهات استخدام القنبلة القذرة في حرب أوكرانيا

هناك خطر التصعيد في التكهنات حول استخدام القنابل القذرة من كلا الجانبين، فقد سبق وأن تحدثت أوكرانيا بالفعل عن ضربة وقائية ضد استخدام نووي محتمل من قبل روسيا”.

ووفقاً للخبير بالطاقة النووية سيرغي كوندراتيف، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لكيفية ونوع القنبلة التي تستعد كييف لتفجيرها في أوكرانيا.

– الأول هو النفايات المشعة، التي يجري تحميلها في قذيفة وإطلاقها. ونتيجةً لانفجارها في الهواء، ترش النفايات المشعة على منطقة معينة.
– أما الثاني، فيتمثل في محاولة أوكرانيا توريط روسيا، ويوضح بأن الأمر يصبح أكثر خطراً عندما تُضرب محطة للطاقة النووية بنظام صاروخي بعيد المدى، وبشكل أدق استهداف المخلفات النووية الناجمة عنه. ويتابع: يمكن توجيه الضربة من المناطق الشرقية التي تسيطر عليها أوكرانيا إلى المناطق الغربية، ثم لوم روسيا، وبالتالي منح الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ذريعة للتدخل.
– أما السيناريو الثالث، فينطوي على تسليم قنبلة نووية إلى كييف، وتفجير قنبلة ذرية حقيقية، وتشير روسيا لوجود أدلة على أنها موجودة في منطقة نيكولاييف، بعدما أحضرها البريطانيون أو الأميركيون.

على العكس من ذلك، هناك وجهات نظر تفترض أن روسيا هي من ستضرب القنبلة القذرة على أوكرانيا. يقول توم نيكولز، الأستاذ الفخري في شؤون الأمن القومي في الكلية الحربية البحرية الأمريكية، إن المزاعم الروسية قد تكون إشارة إلى أن روسيا تريد إطلاق عملية “العلم الزائف” الخاصة بها، لتفجير قنبلتها القذرة في أوكرانيا ثم مطالبة أوكرانيا بالاستسلام أو مواجهة انتقام نووي.

يعتقد فولفغانغ ريشتر العقيد السابق في الجيش الألماني وعضو مجموعة الدراسات الأمنية في “مؤسسة العلوم والسياسة ” (SWP)، من غير المرجح أن تخطط روسيا نفسها لهجوم بالقنبلة القذرة لعدة أسباب: أولاً، قد يتعارض ذلك مع إعلان التعبئة: “روسيا تعول على زيادة نار الحرببالوسائل التقليدية”. ثانياً، هناك خطر من أن تحمل الرياح الإشعاع في اتجاه القوات المنفذة للضربة أو قوات صديقة لها. ثالثاً، ستلوث مناطق على المدى البعيد يقول الكرملين إنها جزء من روسيا، لهذا السبب بحسب رأيه ” أن استخدام مثل هذه القنبلة ليس أمراً غير مسؤول فحسب، بل إنه أيضاً سخيف تماماً”.

مدى تأثير استخدام القنبلة القذرة على مسار الحرب في أوكرانيا

حتى اللحظة، لم يتم تسجيل هجوم بالقنابل القذرة مطلقاً، كما نفت وكالة الطاقة الذرية وجود أي مؤشرات على “أنشطة نووية غير معلنة” بعد تفتيش ثلاثة مواقع في أوكرانيا، بناء على طلب كييف، بعد الاتهامات الروسية. ولكن في حال تم استخدام القنبلة القذرة في أوكرانيا، فمن المحتمل أن تثير الرعب للأشخاص المتضررين على الفور، أما من الناحية العسكرية، يقول الخبراء أنه من غير المرجح أن يمنح أي من الجانبين ميزة كبيرة، نظراً لقوتها التدميرية المحدودة نسبياً، فإن التلوث الذي يمكن أن تسببه قنبلة قذرة لن يحرم العدو على الأرجح من الكثير من الأراضي أو يجعل من الصعب التنقل عبر أي منطقة معينة.

ووفقاً لبافيل بودفيج ، الباحث البارز في معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح، “إذا استخدم شخص ما لسبب ما قنبلة قذرة ، فلن يغير أي شيء عسكرياً أو سياسياً أو غير ذلك..  إنه نوع من الأشياء التي من شأنها أن تخيف المدنيين فقط.”

تقييم وقراءة مستقبلية

– تعدّ “القنبلة القذرة” سلاحاً تقليدياً وهو عبارة عن مزيج من المواد المتفجرة المزوّدة بمواد مشعّة تنتشر في الهواء بعد التفجير، ما يجعل منها خطراً على المدنيين، لكن لا ينتج عن تفجيرها انشطار نووي أو اندماج ولا يتسبّب بدمار هائل على نطاق واسع. والخطر الأكبر لـ”القنبلة القذرة” مصدره الانفجار وليس الإشعاع، إذ إن الأشخاص القريبون جداً من موقع الانفجار هم من يتعرض لإشعاع يكفي للتسبّب بمرض خطير.

– يضع القانون الدولي قيوداً شديدة جداً على استخدام الأسلحة القذرة.  ومع ذلك، لا توجد قاعدة واضحة وصريحة بموجب القانون الدولي ضد استخدام أو حيازة مثل هذه الأسلحة. على الرغم من أن الفئتين الأخريين من الأسلحة غير التقليدية محظورة بشكل صريح لأن استخدامها يتعارض مع متطلبات القانون الإنساني الدولي، فإن استخدام الأسلحة القذرة وإنتاجها ونقلها وامتلاكها ليس محظوراً صراحةً.  قد يتم تصنيف هذا بشكل معقول على أنه فجوة قانونية..

– لم يكن هناك حتى الآن هجوم ناجح بالقنابل القذرة في أي مكان في العالم، ولكن كان هناك محاولات من مجموعات إرهابية لاستخدامها. أما فيما يخص الاستخدام المفترض للقنبلة القذرة، التي لم يتم استخدامها من الجانبين حتى الآن؛ ومن غير المحتمل أن يتم، أو يقوم أحد طرفي الحرب باستخدامها، إلا إذا قرر أحدهما تصعيد مسارات الحرب إلى النهاية، التي تقود حتماً إلى أن يقفا على حافة النهاية للهاوية النووية العميقة.

–  يُحتمل بعد التحذيرات الروسية شديدة اللهجة؛ ألا يسمح الناتولأوكرانيا، حتى إن امتلكت هذا السلاح باستخدامه، كما أن روسيا هي الأخرى، استخدامها لهذا السلاح أمر بعيد الإحتمال في الوقت الحاضر.

Exit mobile version