زادت جلسة إنتخابات أميني السرّ والمفوضين الثلاثة في هيئة مكتب مجلس النواب وأعضاء اللجان النيابية من اتساع الشرخ القائم بين نواب مجموعة الـ»13»، بعدما فرزت نتيجة الجلسة بين من يفضّل من هؤلاء الواقعية والعقلانية في الأداء، وبين من يفضّل خوض معارك وهمية وكأنّهم لا يزالون في الشارع.
فبعد جولة انتخاب أميني السرّ والمفوضين وأعضاء لجنة المال والموازنة ولجنة الإدارة والعدل، خضع أصحاب منطق المعارك الإنتخابية إلى الرأي القائل بالتوافق بعد إفشال محاولات ومساع تولاها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب خلال الأيام التي سبقت الجلسة واستكملت خلالها بالتنسيق بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب ميشال معوض.
وعلمت «نداء الوطن» أن هذه المساعي استكملت بين بري وبعض نواب «التغيير» وانتهت إلى ما يشبه التفاهم على أن يشارك هؤلاء النواب في عضوية اللجان لاحقاً، من خلال انسحاب أو استقالة زملاء لهم ليحلّ مكانهم نواب من «التغيير»، لا سيما وأنّ هناك من يعتبر من هؤلاء أن العمل التغييري الجدّي والفعّال يتطلّب الدخول في عضوية اللجان ومن داخلها وليس من الخارج، مع الإشارة إلى أنّ لكلّ نائب الحق في حضور كل اجتماعات اللجان ولكن التصويت يقتصر على أعضاء اللجنة، وهنا بيت القصيد حيث للصوت الواحد فعالية في إقرار أي مشروع أو إقتراح قانون.
وبعد انتهاء جولة الإنتخابات لأميني السرّ والمفوّضين ولجنتي المال والإدارة، حكمت التزكية انتخابات بقية اللجان مع استثناءات قليلة، حيث حصلت عملية تبادل بين النواب، فحلّ النائب أديب عبد المسيح مكان النائب محمد يحيى في عضوية لجنة الأشغال والطاقة، والنائب علي المقداد مكان النائب أحمد رستم في عضوية لجنة الصحة، والنائب محمد يحيى بدل النائب أديب عبد المسيح كمقرّر في لجنة الزراعة، والنائب جهاد بقرادوني بدل النائب كميل شمعون في عضوية لجنة الشباب والرياضة، والنائب ياسين ياسين كمقرّر للجنة الاعلام مكان النائب محمد سليمان، وحلّ النائب فريد البستاني رئيساً للجنة الإقتصاد بدلاً من النائب ميشال ضاهر.
وكانت نتيجة إنتخابات لجنة المال قد أطاحت بالنائب إبراهيم منيمنة الذي حاز 44 صوتاً مقابل 60 صوتاً للنائب عدنان طرابلسي، بينما حصل النائب مارك ضو وهو المتسبّب بمعركة الانتخابات، على 22 صوتاً، كما نالت النائبة حليمة قعقور 18 صوتاً في إنتخابات لجنة الإدارة.
كذلك سجّلت نتائج انتخابات أمانة السرّ حصول النائب هادي أبو الحسن على 85 صوتاً مقابل 30 صوتاً للنائب مارك ضو و3 أوراق بيضاء.
وفي إنتخابات المفوّضين، نال النائب اغوب بقرادونيان 85 صوتاً مقابل 23 صوتاً للنائبة بولا يعقوبيان و7 أوراق بيضاء ووجد صوت باسم النائب إلياس حنكش الذي كان ترشح ثم انسحب لمنصب أمانة السرّ، ووجدت ورقة كتب عليها «لا للتوزيع الطائفي».
وخلال عملية الترشيح، وقبل البدء بالتصويت، أثار النائب سامي الجميل مسألة تحكّم الأكثرية في توزيع عضوية اللجان وضرورة التعامل خارج منطق الإنتخابات، وكما يجري في مجالس وبرلمانات العالم لجهة توزّع اللجان بشكل نسبي بين الكتل. وردّ برّي على الجميل فسأله عن أي أكثرية يتحدّث داعياً إياه إلى عدم المزايدة.
وأثار كل من النواب جبران باسيل وجورج عدوان ووائل أبو فاعور وفريد الخازن مسألة مراعاة عرف التوزيع الطائفي في عضوية أمانة السرّ والمفوّضين، ما دفع يعقوبيان إلى مخاطبة بري بالقول: «خلّيناك تحكي أرمني يا دولة الرئيس».
وكان بري، وقبل البدء بعملية الإقتراع لإنتخابات عضوية لجنة الادارة والعدل، وبعد ترشّح القعقور ومطالبة النواب «التغييريين» عبر النائب ملحم خلف بالذهاب نحو التوافق قال: «كما هو معلوم، ان دولة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب كان ومنذ عدّة ايام يعمل من أجل الوصول الى توافق يقضي بتمثيل كافة الكتل غير الممثلة في اللجان وخاصة من النواب التغييريين، ولكنه عاد وأبلغني بفشل هذه المساعي وأنّ الأمر «مش ماشي» والدليل ما حدث من ترشيحات».
وأضاف: «وكان المسعى يقضي بأن يحلّ أحد النواب التغييريين مكان نائب آخر حتى لو كان من كتلتي. وقد تحدث النائب ميشال معوض معي ومعكم في نفس المسعى وأنا لا زلت مستعدّاً لذلك، هذا الكلام قلته وتعهّدت به على أساس أن يحصل التفاهم كسلّة متكاملة، لكنّكم كسرتم الإتفاق وذهبتم الى الانتخابات».
ورداً على سؤال احد النواب في ما اذا كان هناك من مونة عليه في هذا المجال؟ اجاب رئيس المجلس: «ما حدا بيمون عليي الا الله».
الجلسة التشريعية
كما كان مقرراً ووفقاً لجدول الأعمال، أنجزالمجلس النيابي «فرضه التشريعي» وفقاً لمواصفات صندوق النقد الدولي فصادق على قانون رفع السرية المصرفية. كما أقرّ البنود الأخرى ولا سيما ما يتعلق بقرضي البنك الدولي المتعلقين بتأمين القمح بقيمة 150 مليون دولار أميركي ومواجهة جائحة كورونا بقيمة 25 مليون دولار، مع تسجيل تعهدات ونصوص تفرض على الوزراء المعنيين تقديم جدول وكشف بتوزيع القيمة التشغيلية لكل قرض كل شهرين إلى مجلس النواب.
ولم يُطرح من خارج جدول الأعمال أي إقتراح معجل مكرر رغم مطالبة بعض النواب، الأمر الذي اعتبره كل من النائبين وضاح الصادق وبولا يعقوبيان مخالفاً لنص المادة 42 من النظام الداخلي.
لكن الأبرز كان غياب الإقتراح الذي سبق وتقدم به نواب «اللقاء الديموقراطي» بشأن تمديد تسريح المدراء العامين من قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، ولوحظ عدم مطالبة مقدمي الإقتراح به، ما قد يعني إمكانية حصول تقدم على صعيد ملف تأليف الحكومة لتنتفي بذلك الحاجة له في هذه الحالة، طالما ستكون هناك حكومة كاملة الصلاحيات يمكن لها أن تُعين بدلاء.
وإلى جانب ملف الترسم، سجلت الجلسة مداخلات ومناقشات في قانون رفع السرية المصرفية كان أبرزها لعضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب ملحم رياشي، الذي وصف تعامل صندوق النقد الدولي ومندوبيه مع لبنان بأنهم أصغر من عمر الأزمة اللبنانية ويتعاملون مع البلد وكأنه حقل تجارب أو مستعمرة، ما إستدعى ردّاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري قال فيه: «أولاً هذا الكلام خطير في المجلس النيابي، أنا ما «بمشي بأمر حدا أنا بشوف مصلحة بلدي أولاً، صندوق النقد الدولي لا يتحكم بالبلد لا هو ولا غيره».
وبعد الجلسة أعلن النائب ابراهيم كنعان أنه «تم إقرارالمفعول الرجعي لرفع السرية المصرفية وتمّ الأخذ بالأغلبية الساحقة من التعديلات التي طلبها رئيس الجمهورية».