هل تسجّل المخيمات الفلسطينية في لبنان الإصابة الأولى بمرض الكوليرا، بعدما أصيبت فلسطينية من مخيم نهر البارد في الشمال بعوارضه، ما دقّ ناقوس الخطر جدياً لضرورة اعلان حالة التأهب الصحية والتنسيق بين القوى الفلسطينية واللجان الشعبية و”الاونروا” وجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني ووزارة الصحة اللبنانية، لاتخاذ الاجراءات الوقائية في اطار خطة لحماية المخيمات صحياً؟
واذا كان البعض يؤكد أنّ المخيمات الفلسطينية وخاصة في مخيمي “نهر البارد والبداوي” لن يكونا بمنأى عن تسجيل اصابات بالكوليرا ارتباطاً بتفشيه في المناطق الشمالية، فإنّ التحدي الأكبر الذي يواجه القوى السياسية والجهات الطبية المعنية، هو تقليل العدد قدر الإمكان والحدّ من انتشاره داخل المخيمات التي تعاني من ضيق المساحات من جهة واكتظاظ السكان من جهة أخرى، ناهيك عن شح المياه وضعف التعقيم، ما يجعل فرص العدوى كبيرة.
وإعلان أول اصابة من خلال المعاينة جاء من الدفاع المدني الفلسطيني الذي اوضح إنه تلقى بلاغاً بوجود حالة طارئة تعود لامرأة أربعينية، بحاجة للنقل إلى المستشفى عبر إسعاف الدفاع المدني، حيث تبين بعد وصولها إلى المستشفى الإسلامي في مدينة طرابلس أنّ الحالة 90% مُصابة بمرض “الكوليرا” حسب العوارض التي تُعاني منها المريضة من إسهال حاد وتقيؤ وهبوط في الضغط، وبحسب التقرير الصادر بحالتها من الأطباء المختصين. وقد نقلت إلى مركز الحجر الصحي المقام في المستشفى الحكومي في منطقة القبة الطبي ليتم التعامل مع الحالة وفق المعايير الصحية المطلوبة.
غير أنّ أمين سر “اللجان الشعبية الفلسطينية” في نهر البارد عيسى السيد أبلغ “نداء الوطن”، أنّ المصابة فلسطينية وتقيم في المخيم وهي تعاني من عوارض الكوليرا، وتعاني التهابات حادة واسهال وتقيؤ، غير أنّ نتيجة الفحوصات الخاصة لم تصدر بعد ويتوقع اليوم الاثنين ليبنى على الشيء مقتضاه، لا سيما وأنّ ثلاث حالات اشتباه سجلت في المخيم وتبيّن أنّها غير مصابة بالكوليرا.
وبانتظار النتيجة، فإنّ السيد دعا الأهالي إلى توخي الحيطة واتباع أقصى درجات الحذر والالتزام بالتحذيرات التوعوية التي أطلقتها المنصات الصحية والطبية والمؤسسات المجتمعية المحلية والدولية حول مرض الكوليرا، مشدداً على اهمية النظافة الشخصية والعامة معاً.
وقد سجلت وزارة الصحة في لبنان 34 إصابةً مؤكدة، اضافة الى عشرات حالات الاشتباه، ما فرض على الاونروا اتخاذ اجراءات استباقية في المخيمات، ناهيك عن تشكيل لجان صحية مشتركة مع الجمعيات والمراكز الطبية، والتوافق على خطوات استباقية للحد من تفشي المرض حال دخوله المخيمات، خاصة مع عدم وجود مستشفيات بالعديد من المخيمات، حيث تقع المسؤولية على الأونروا التي بدورها ستحول أي حالة إلى المستشفيات المتعاقدة معها.
ويؤكد أمين سر “اللجان الشعبية الفلسطينية” في لبنان عبد المنعم عوض لـ”نداء الوطن”، انّه منذ بدء تفشي الـ”كوليرا” في لبنان وثمة اجتماعات متواصلة بين “الاونروا” واللجان والجمعيات الصحية والطبية وخاصة الهلال الاحمر الفلسطيني، لتنسيق الخطوات الاستباقية لمنع انتشاره أو الحد منه في أقل تقدير”، مشيراً إلى أنّ التركيز ينصب على جملة اجراءات أبرزها حملات التوعية، التأكد من عدم تلوث المياه ومن تعقيمها دورياً عبر وضع الكلور، والكشف بانتظام عن سلامة شبكات المياه وخاصة في المدارس”، مؤكداً أنّ “المخيمات لم تلتقط أنفاسها بعد من وباء كورونا، حيث جاء هذا المرض ليثقل كاهل أبنائها الذين يعيشون اوضاعاً صعبة ومريرة في ظل الازمة المعيشية اللبنانية”.
خطة الأونروا
وكان رئيس قسم الصحة في وكالة “الأونروا” في لبنان عبد الحكيم شناعة قد كشف لـ”نداء الوطن” عن خطة متكاملة وضعتها الاونروا لحماية المخيمات من “الكوليرا”، ومنها القيام بحملات توعية عن المرض وأسبابه والوقاية منه، ودعوة أبناء المخيمات الى الوقاية وأهمها النظافة الشخصية والتأكد من عدم تلوّث المياه وزيادة عدد العاملين في المدارس للاهتمام بالنظافة وخاصة دورات المياه، والتبليغ عن أي حالة مرضية ونقلها إلى العيادة لفحصها من الطبيب المختص. فضلاً عن فحص الآبار الارتوازية للتأكد من خلوّها من الجراثيم، ووضع الكلور ومراقبتها، وإزالة النفايات يومياً ورشّ المبيدات واستعداد قسم الصحة لاستقبال أي حالة واعطاء الأدوية المطلوبة وهي موجودة داخل العيادات، ومنها للإسهال والجفاف والالتهابات وهي مجاناً، أو نقل أي حالة مرضية الى المستشفى وفق ما تحدّده وزارة الصحة اللبنانية.