يكثر الحديث إعلاميًّا عن عودة نشاط التنظيم الإرهابي، المسمى بـ “دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام” (داعش). وتسجّل عناصر التنظيم عمليات بين الفينة والأخرى تكاد تكون لافتة بتقدّمها باتجاه استهداف الموارد البشرية سواء العسكرية أو المدنية. ما هو مدى تقدّم عمليات داعش؟ هل باتت في مستوى تهديد حسّاس أم أنّ هناك نوع من التضخيم الإعلامي في التهويل والتخويف يتجاوز الوضع الحقيقي؟ هذا ما تحاول الورقة الإجابة عنه بقراءة عمليات داعش بطريقة تحليلية، وتحديد المدى الجغرافي لها، ومن ثمّ رصد سياسات الحركة الأمريكية وآلياتها في التعامل مع تهديدات داعش بما يتيح إمكانية مقارنة حركة الطرفين في فهم مسار تطوّر حركة التنظيم الإرهابي.
يفيد رصد التوزّع الجغرافي للعمليات التي شنتها عناصر التنظيم على مدى الأشهر الثلاثة، تموز وآب وأيلول، إلى أن العمليات توزّعت بين العراق وسوريا وتركّزت في الأخيرة بمعدل الضعف تقريبًا. ويمكن تفسير الفارق وفق عدة مستويات جغرافية وأمنية وبيئية واقتصادية، ومنها أنه يعود بطبيعة الحال إلى الاختلاف في مستوى الضبط الأمني الموجود في كلا البلدين، والغطاء الأمريكي المتوفّر لحركة هؤلاء الإرهابيين في منطقة البادية السورية، على مقربة من المنطقة الحدودية العراقية-السورية. وتتمركز عمليات التنظيم في المناطق الحدودية الشرقية مستفيدًا من امتداده داخل الأراضي العراقية والجغرافية الصحراوية في الاختباء والتنقّل. كما تركّز على طرق الإمداد البريّة للقوات السورية، بالتعرّض لحافلات مبيت الضباط والعساكر أثناء عودتهم من الخدمة.
ويعود بقاء نشاط التنظيم غير فاعل في كل من لبنان وإيران، حتى اليوم، في أبرز أسبابه إلى مستوى الأمن والضبط، علمًا أن التنظيم يحاول الانتقال في هذين البلدين من مرحلة الكمون إلى مرحلة التفعيل لخلاياه النائمة. استطاعت القوى الأمنية الإيرانية إلقاء القبض على عدد من مسلحي التنظيم، في جنوب وغرب إيران، وإحباط مخططاتهم في تنفيذ هجمات عدة أثناء إحياء مناسبة عاشوراء. كذلك، أوقفت مخابرات الجيش اللبناني شبكة تنشط لصالح التنظيم، كانت تنوي استهداف موقع عسكري للجيش اللبناني وبعض دورياته إضافة إلى السعي لتفجير مركز ديني حسّاس.
المصدر: مركز دراسات غرب آسيا