ارشيف الموقع
حرب أوكرانيا ووحول الشّتاء
المصدر: النهار العربي
لم يتمكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من حسم أمر الحرب في أوكرانيا، بل إن التطورات فاجأته، والمدة الزمنية التي استغرقتها “العملية الخاصة”، وفق ما تسميها موسكو، تحرجه، أولاً أمام العالم، والحلفاء قبل الخصوم، الذين يلتزمون الصمت، في انتظار التطورات، خصوصاً أنهم يعتبرون موسكو ذراعهم في أزمنة الحرب والقتال، وأنها يمكن أن تكون عوناً لهم في شدتهم وفي مواجهة الغرب. وثانياً أمام شعبه الذي بدأت تنمو في أوساطه حركات الرفض والاعتراض، وهي رغم القمع الذي تواجهه، فإنها تستخدم الوسائل الممكنة، وقد ظهر ذلك جلياً في عمليات التعبئة للحرب واستدعاء الاحتياط، وما رافق تلك العملية من فوضى ورفض.
وكتبت مجلة “لوتان” (le temps) السويسرية عن “الكارثة المخيفة للتعبئة الجزئية في روسيا، إذ تظهر الصور والفيديوهات مدى الفوضى في التعبئة للجيش الروسي. وأن ثمة انتقادات حتى لدى مؤيدي الحرب”.
وإذا كان بوتين يأمل تحقيق نصر من خلال ضم 4 أقاليم أوكرانية إلى روسيا، بغض النظر إذا ما كانت قواته احتلتها بالكامل، ووضع هذه الأراضي تحت المظلة النووية الروسية، فإن عدم اعتراف أي دولة أخرى بعمليات الضم هذه سيجعل سيطرة الكرملين عليها أكثر هشاشة يوماً بعد يوم، إذ إن الأنظمة التي اعترفت بضم القرم كانت استبدادية مثل نيكاراغوا وكوبا وفنزويلا. وقد توقعت “وول ستريت جورنال” أن قرارات الضم قد تكلف بوتين شبه جزيرة القرم، ما يعني خسارة إضافية معنوية على الأقل.
وتبدو الحرب على أوكرانيا أمام مفترق جديد يفرضه حلول فصل الشتاء، في غياب أي بوادر لوقف الأعمال العسكرية وبدء عملية تفاوض، يخرج منها المتنازعون بأقل خسائر ممكنة، ورغم الإمكانات العسكرية المتضائلة، فإن الاستعدادات لا تزال على أشدّها، بدليل ما نشرته “التايمز” عن “مراكز التدريب في الاتحاد الأوروبي التي ستمنح أوكرانيا القوى العاملة والمهارات المطلوبة”. وفقاً لوثائق سرية اطلعت عليها الصحيفة، يعتزم الاتحاد الأوروبي تدريب نحو 1500 ألف جندي أوكراني في مراكز في ألمانيا وبولندا في السنتين المقبلتين. سيشارك في التدريب جنود من هولندا وفنلندا وليتوانيا والسويد. وقيادة التدريب ستكون في بولندا.
0 seconds of 0 secondsVolume 0%
وتشمل برامج التدريب الدفاع عن أوكرانيا ضد أي هجمات محتملة إلكترونية أو كيماوية أو بيولوجية أو نووية. والهدف من التدريب أن تكون أوكرانيا قادرة على القتال مستقلةً من أجل الذود عن أراضيها… ومنذ حزيران (يونيو) الفائت، درّبت بريطانيا 5 آلاف أوكراني، ومن المتوقع تدريب دفعة مماثلة في الـ120 يوماً المقبلة.
إذاً، تستمر التحضيرات لحرب طويلة الأمد، ترهق المشاركين بها، مباشرة أو غير مباشرة، وقد سألت “واشنطن بوست” عن قدرة التحمل للطرفين فيما الشتاء يقترب في أوكرانيا. وأفاد موقع “بوليتيكو” أن أوكرانيا تراجع قائمة أسلحتها مع اقتراب فصل الشتاء. وهي تريد تعزيز دفاعاتها الجوية، إذ تتوقع هجمات صاروخية روسية إضافية. من جهتها، نقلت “فايننشال تايمز” عن مدير المخابرات البريطانية قوله إن سلاح الروس بدأ ينفد في أوكرانيا.
أمام هذه الوقائع، يبدو أن الشتاء سيكون قاسياً جداً على كل المشاركين، وعلى الداعمين، خصوصاً في المحيط الأوروبي، إذ إن القارة العجوز بدأت تشعر بالبرد باكراً.