شينكر لـ”أساس”: الحزب والعونيّون اتّفقوا مع إسرائيل

ابراهيم ريحان – أساس ميديا

على الرغم من خروجه من الإدارة الأميركيّة وعودته إلى العمل في مجال الأبحاث، لا يزال المُساعد السّابق لوزير الخارجيّة الأميركيّ لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر يتمتّع بالعديد من الصّلات والعلاقات مع المُؤثّرين والمقرّبين من مراكز القرار الأميركيّ، ويُطلّ بصفته مدير برنامج السّياسة العربيّة في “معهد واشنطن لدراسات الشّرق الأدنى” على الملفّ اللبنانيّ باهتمام “المُتورّط” في يوميّات السّياسة اللبنانيّة.

لا يستبعد شينكر نشوبَ حربٍ وإن أُنجِزَ اتفاق الترسيم البحريّ بين لبنان وإسرائيل: “ببساطةٍ فإنّ ما يجري على البرّ من تكديسٍ سّلاح من قبل حزب الله، وعمل الحزب في المنطقة الحدوديّة تحت غطاء “جمعيّة أخضر بلا حدود”، واستعادة الكلام عن مزارع شبعا، لا يشير إلى أنّ الأمن على الحدود بين لبنان وإسرائيل لن يشهدَ تصعيداً. فالتوتّر على الحدود على أشدّه بين الحزب والجيش الإسرائيليّ”.

الاتفاق ليس تطبيعاً

برأيه أنّ اتفاقَ الترسيم لا يعني بالضّرورة ضمانةً للاستقرار على الحدود بين لبنان وإسرائيل. إذ لا يتضمّن بشكلٍ واضح أيّ ضمانات تتعلّق بأمن منصّات الغاز الإسرائيليّة، ويسأل: “من قال إنّه إذا استهدف حزب الله منصّات الغاز الإسرائيليّة، فإنّ المنصّات اللبنانيّة لن تُعامَل بالمثل؟”.

يعتقِد شينكر، الذي كان أوّل من أطلَقَ المُفاوضات غير المُباشرة بين لبنان وإسرائيل في النّاقورة بعد إبرامه “اتفاق الإطار” مع رئيس مجلس النّوّاب نبيه برّي في تشرين الأوّل 2020، أنّ اتفاق ترسيم الحدود البحريّة لا يُعدّ تطبيعاً بين لبنان وإسرائيل: “لا يريد حزب الله أن يحلّ مسألة الحدود بالكامل، ببساطة لا يريد أن يفقد ذريعة مزارع شبعا ليحمل السّلاح الذي يُهدّد به أمن المنطقة ويسيطر به على القرار في لبنان”.

ويكشف أنّ حزبَ الله والتيّار الوطنيّ الحرّ “أبرما بالفعل اتفاقاً مع الحكومة الإسرائيليّة، وهذا ليسَ تفصيلاً”. بحسب كلامه فإنّ الحزبَيْن “المُمانعَيْن” يُفاوضان “على الشّراكة الاقتصاديّة مع إسرائيل”.

كيف يقرأ الاتفاق؟

لا يُوافق على أنّ إدارة الرّئيس الأميركي جو بايدن تُحاول مُساعدة رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في انتخاباته في وجه زعيم حزب الليكود بنيامين نتانياهو، لكن في الوقت عينه يقول إنّ “تل أبيب تنازلت في قبولها بترسيم الحدود على أساس الخطّ 23، وفي مُقابل هذا التنازل يريدون ما يضمن أمنهم عبر ما باتَ يُعرف بـ”خطّ الطفّافات”. في حال لم تُوافق الحكومة اللبنانيّة على ذلك، لم تكن الحكومة الإسرائيلية لتقبل بالخطّ 23 من دون ضمانات أمنيّة”. فالاتفاق بحسب شينكر هو “Package deal، إمّا أن يقبل اللبنانيّون بذلك أو لن يكون اتفاق، Take it or Leave it”.

يكشف أنّ حكومة لابيد تسعى إلى نيل ثقةٍ دوليّة بقبولها الخطّ 23، بعدما كانت تل أبيب تُصرّ على الخطّ رقم 1 (الذي يصل إلى مُقابل ساحل مدينة صيدا) أو خطّ هوف (الذي يقسّم المنطقة المُتنازَع عليها بنسبة 60% و40% بين لبنان وإسرائيل).

الجديد في كلامه “أنّ إسرائيل لا تحتاج إلى اتفاق الترسيم لضمان استخراج الغاز، فهي تمتلك احتياطاً يكفي لـ40 سنةً من دون الغاز الموجود في حقل كاريش، على عكس لبنان الذي لا يمتلك أيّ أدلّة على وجود الغاز في حقل قانا المُحتمل”.

وهذا يرفع احتمال أن يكونَ “مردود” اتفاق الترسيم مع لبنان “سياسيّاً” و”أمنيّاً” بالنّسبة إلى إسرائيل، وليسَ ماليّاً.

يرفُض شينكر الرأي القائل إنّ اتفاق ترسيم الحدود هو نتيجة “صفقة مع إيران ترتبط بملفّها النّوويّ”. فوضع النّظام الإيرانيّ اليوم لا يشير إلى أنّه يريد عقد الصّفقات، وأن يُبرّد الجبهات، بل يسعى إلى تصدير أزمته الدّاخليّة إلى خارج الحدود، تماماً كما يحصلُ في القصف الإيرانيّ على إقليم كردستان العراق، وفي تهديد ميليشيات الحوثي للهدنة في اليمن.

لكنّ حزب الله في لبنان يريد أن يظهر بصورة “المُخلّص” وأن يرمي عن كاهله المسؤوليّة عن الأزمة الاقتصاديّة وأن يستخرج بعض المال لدولة “فاشلة”.

 

الرّابحون والخاسرون

يبدأ شينكر من تل أبيب. يعتقد أنّ فريقَ رئيس الحكومة يائير لابيد ووزير الدّفاع بيني غانتس سيُروّج للاتفاق كـ”انتصارٍ سياسيّ” يُمهّد لتحسّن العلاقة بينَ لبنان وإسرائيل ويضمن أمن الحدود الشّماليّة مع لبنان. إلّا أنّ شينكر يُشكّك في أن يدفع الاتفاق إلى تطبيع أو تحسّن في العلاقة بين بيروت وتل أبيب.

هنا يستبعد أن يتمكّن نتانياهو من تغيير الاتفاق في حال وقّعته حكومة لابيد وصادق عليه الكنيست الإسرائيليّ. إذ سيُواجه عقبات قانونيّة في حال أراد التخلّي عنه.

أمّا في لبنان، فيجزُم أنّ حزب الله سيحمل اتفاق الترسيم كـ”انتصارٍ إلهيٍّ جديد”، ويُروّج في الأوساط الدّاخليّة أنّه لولا تهديدات أمينه العامّ والطّائرات المُسيّرة لما كان الاتفاق ليُبصرَ النّور.

ويعتقد شينكر أنّ الحزبَ سيُحاول استثمار الاتفاق في الملفّ الرّئاسيّ، بغضّ النّظر عن اعتقاده بأنّ الحزبَ سيضغط في ملفّ الرّئاسة لفرض رئيسٍ من فريقه السّياسيّ في حال أُنجِزَ الاتفاق أم لا.

أمّا الخاسر الأكبر، بحسب المُساعد السّابق لوزير الخارجيّة الأميركيّ، فهو الشّعب اللبنانيّ. إذ يعتبر أنّ الطّبقة السّياسيّة في لبنان تُعِدّ “تحت الطّاولة” لمُشاركة الشّركات التي ستعمل في البلوكات اللبنانيّة، وستستخرج النّفط والغاز والأموال من دون رقابة ولا مُحاسبة.

Exit mobile version