ليس هناك متسع من الوقت. الانتخابات النصفية على بعد 30 يوماً. الرئيس الاميركي الذي أمضى وقتاً طويلاً من ولايته في محاولة لجم أسعار النفط العالمية، ولّى وجهه صوب الكونغرس، بعدما خذلته السعودية، لينفخ الروح بقانون تشريعي كان قد استبعد سابقاً، من قبل الرئيسين الاسبقين، جورج دبليو بوش وباراك أوباما، ليرسم به مسار “حجر الوزير” على رقعة الشطرنج الكبرى. دون ان يكون بحوزته ما يضمن تداعيات القانون المحتملة على ضوء عدم الاستقرار بالسوق العالمية وصعوبة توقع ما قد يلجأ إليه الرئيس الروسي إضافة لأعضاء أوبك+، رداً على هذه الخطوة.
في5 حزيران/ يونيو 2022، أقرت اللجنة القضائية التابعة للكونغرس الأميركي مشروع قانون نوبك (NOPEC) الذي يسمح لوزارة العدل الأميركية وحدها برفع دعوى ضد أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” (OPEC) وحلفائها، بزعم ما وصفته بـ “التآمر لرفع أسعار النفط، ومكافحة الاحتكار، والحد من تخفيضات الإمدادات التي ترفع أسعار الخام العالمية”.
كما يعد مشروع القانون هذا، نسخة معدلة عن ما يعرف بـ “قانون شيرمان لمكافحة الاحتكار” الصادر عام 1890، والذي نتج عنه تفكيك “امبراطورية النفط التي كان يقوم بإدارتها جون روكفلر”. ورغم الجهود السابقة لاقراره، إلا ان تهديد بوش واوباما باستخدام “الفيتو” ضده حال دون ذلك. وعلى ما يبدو ان بايدن اليوم، هو الاقرب لتوقيعه. ورداً على قرار المنظمة الأخير، بخفض انتاج النفط مليوني برميل يومياً، أصبح هذا المشروع أكثر لمعاناً امام إدارة بايدن.
ويقوم القانون على فكرة تمكين وزارة العدل الأمريكية من القيام برفع دعوى قضائية ضد الاحتكار ضد مجموعة أوبك. في محاولة للسيطرة على إنتاج النفط أو التأثير على أسعاره.
ورداً على سؤال ما اذا كان لهذا القانون فرصة ليصبح نافذاً يقول زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، ان “الإدارة على استعداد لدعمه، اذ ان المشروع يحظى بتأييد واسع في كلا الطرفين. وقال “إن مشروع القانون كان من بين الأدوات التشريعية التي يتم النظر فيها ردًا على خفض إنتاج الكارتل”. ومن جهته، صرّح، كبير الجمهوريين في اللجنة، السناتور تشاك جراسلي، انه “سيقدم مشروع القانون كتعديل لمشروع قانون الإنفاق الدفاعي الشعبي. وافقت اللجنة على التشريع بأغلبية 17 صوتًا مقابل 4 أصوات في أيار/ مايو الماضي.
وتجدر الاشارة، إلى ان إدارة بايدن كانت قد أعربت “قلقها بشأن العواقب غير المقصودة للتشريع حيث أدت الحرب في أوكرانيا إلى إذكاء التقلبات في أسواق الطاقة”.
ويعارض مشروع نوبك بشدة، كل من غرفة التجارة الاميركية ومعهد البترول الأميركي، بذريعة الخوف من ان يتم اتخاذ “إجراءات انتقامية” ضد الشركات الأميركية التي تعمل في الخارج، في حال أصبح القانون نافذاً. إضافة إلى استفادة منتجي النفط الصخري من انضباط اوبك وتعزيز الاسعار العالمية.
وتقول شركة الاستشارات ClearView Energy Partners في مذكرة بحثية، عن الانعكاسات المحتملة على السوق ان “الإشارات على نية الإدارة لاستخدام صلاحيات جديدة ستمنحها نوبك – تدخل دراماتيكي – قد تدفع أوبك + إلى إعادة النظر وربما التخلي عن دورها في” موازنة السوق “، مما يؤدي إلى إثارة دراماتيكية. ثم استنفاد الطاقة الاحتياطية العالمية.
اما عن مدى فعالية القانون وتأثيره على اوبك، يقول خبراء قانونيون انه “ليس بمقدور اي دولة مقاضاة اوبك من الناحية القانونية، بما فيهم الولايات المتحدة، إلا ان الأخيرة باستطاعتها تقديم دعوى امام محكمة العدل الدولية، كما يمكنها ان تتقدم بطلب رأي استشاري من المحكمة، او الذهاب إلى ارسال مذكرة إلى وزارة خارجية دولة معينة من الدول الاعضاء تطالبها بها بالقيام بما يلزم، اذ ان منظمة اوبك، شأنها شأن المنظمات الدولية الاخرى، تمتلك حصانة تجعل من القضاء الاميركي غير صاحب اختصاص لمقاضاتها.
الكاتب: الخنادق