ثلاثة ملفات يصب حزب الله جهوده عليها. أولها ملف ترسيم الحدود، ثانيها ملف تشكيل الحكومة، وثالثها ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
لا يخفي حزب الله أن ما تحقق بالمفاوضات حول ملف ترسيم الحدود هو انتصار صرف من صنع يديه. فبالنسبة إليه، لولا المسيّرات ومواقف أمين عام حزب الله ودخوله في اللحظة المناسبة والتوقيت المناسب لكان لبنان مستمراً بالتفاوض على خط هوف في مفاوضات تحتاج إلى سنوات أخرى تضاف إلى السنوات العشر من انطلاق هذه المفاوضات. نجح الحزب في فرض معادلته والآن لا بد من انتظار الجواب الإسرائيلي. يعتبر الحزب أن الإتفاق قائم ولن يكون الإسرائيليون قادرون على الهروب منه لأن أميركا تصر على إنجاز الإتفاق وحاجتها توفير الغاز لأوروبا.
يفترض أن أياماً قليلة تفصلنا عن الجواب الإسرائيلي، وفي حال جاءت الموافقة يعني أن الإنتصار اللبناني قد تكرّس، لا سيما أن الإتفاق لا يتضمن إنشاء منطقة أمنية يطالب بها الإسرائيليون، ولا يقضي بدفع لبنان أي مبالغ مالية للإسرائيليين من حقل قانا. وفي حال الموافقة فإن الإتفاق سيحصل في خلال أيام قليلة.
تركيز على الحكومة
في الموازاة يركز الحزب جهوده على تشكيل الحكومة، فهو لا يريد على الإطلاق أن يغادر رئيس الجمهورية ميشال عون في ظل حكومة تصريف أعمال لأن ذلك سيؤدي إلى أزمة كبرى بنتيجة الصراع على تفسير الدستور، وهذا سيؤدي إلى اهتزاز بالإستقرار. لذلك تستمر محاولات الحزب للوصول إلى تفاهم على التركيبة الحكومية. فقبل أيام وافق الجميع على تشكيل الحكومة وقد وصلت الأمور إلى حدود إعلان التشكيلة الحكومية إلا أن رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل عاد ورفع سقف شروطه ومطالبه. صحيح أنه تنازل عن إضافة ست وزراء سياسيين إلي التشكيلة الجديدة، إلا أنه طالب بإقالة حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش، وبمعرفة مهمة الحكومة وبرنامج عملها ووضع دفتر شروط مالي وإقتصادي لها. هذا المسار هو الذي أعاق التشكيلة قبل فترة.
قبل أيام، تجدد النقاش بمساع من الحزب للوصول إلى التركيبة الحكومية، فاشترط باسيل استبدال ستة وزراء، وهو يريد لهؤلاء أن يكونوا محسوبين عليه بشكل كامل. في المقابل، أراد الرئيس نبيه بري استبدال وزير المال، فيما سليمان فرنجية أراد استبدال وزير الإتصالات.
امام هذه المعطيات أصبح ميقاتي في مواجهة معادلة جديدة وهي تشكيل حكومة مختلفة عن القائمة وبموازين مختلفة لذلك فضل الذهاب إلى البحث عن قواعد جديدة لتركيبها. هذه الخلافات أدت إلى تجميد الحركة نسبياً، إلا أن حزب الله مستمر بمساعيه.
فطوال يوم أمس الثلاثاء كان رئيس وحدة الإرتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا على اتصال دائم بميقاتي من جهة وجبران باسيل من جهة أخرى لتبديد كل الخلافات. حزب الله مصمم على تشكيل الحكومة وهناك اهتمام مباشر من نصرالله بهذا الامر، فيما تخلص المعلومات إلى القول إن مبدأ التشكيل قد وضع، يبقى الأمر في اختيار التوقيت.
الإستحقاق الرئاسي
أما الملف الثالث والأهم هو الإستحقاق الرئاسي. حتى الآن عملياً لا يزال حزب الله على موقفه في دعم أحد حلفائه للوصول إلى الرئاسة. ومن منظاره فإن سليمان فرنجية صاحب الحظوظ الأوفر أكثر من جبران باسيل الذي يعلن أنه غير مرشح. لكن هناك حاجة وضرورة لدى الحزب لاستقطاب دعم باسيل لصالح فرنجية، فحينها يمكنه الإنطلاق من 62 صوتاً، وبذلك تصبح مفاوضاته أسهل مع النواب السنّة ومع الحزب الإشتراكي مثلاً. ولكن حتى الآن باسيل غير مقتنع ، فيما المساعي تستمر للتوفيق بين الطرفين.
لا يسقط الحزب معادلة التوافق على رئيس من حساباته، بغض النظر عن آليات هذا التوافق، ثمة رفض للدخول في الأسماء. الأهم أن تبقى قواعد اللعبة واضحة، حزب الله يريد رئيساً يعرف البلد ولا يكون في مواجهة أو خصومة أو عداء للمقاومة. كما أن معادلة التوازن بين انتخاب رئيس حليف مقابل رئيس حكومة محسوب على الطرف الآخر قائمة أيضاً.