يفصل لبنان أقل من شهر على انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون، وقد دخل البلد في تجاذبات الأسماء المرشحة أو المطروحة، فيما لا تشير جلسة مجلس النواب الأخيرة لانتخاب رئيس الى أن الاستحقاق سيمرّ بسلاسة. اذ تدعي بعض الأحزاب السياسية مواصفات “مثالية” للرئيس وتقدّم أسماء لا تتطابق الا مع المصالح الأمريكية والسعودية. ولم تحسم قوى 8 آذار خياراتها بعد لكنّها تملك المرشحين الطبيعيين. ومن بينهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
ولد سليمان طوني فرنجية في مدينة طرابلس، وعاش فيها إلى حين اندلاع ما سمي بـ “حرب السنتين” ثمّ عاد وعائلته الى زغرتا، لينتقل بعدها الى بيروت. ورث فرنجية العمل السياسي أباً عن جد، فالأخير (سليمان) كان رئيساً للجمهورية وأباه (طوني) كان وزيراً ونائباً ومؤسساً لتيار المردة. لفرنجية 3 أبناء هم طوني الذي اختار السياسة أيضاً ودخل للمرة الثانية الى مجلس النوّاب، وباسل وفيرا.
خلال الحرب الأهلية، أقدم حزب الكتائب اللبنانية على ارتكاب مجزرة في إهدن كان ضحيتها والده ووالدته (فيرا) واخته الصغرى ابنة الثلاثة أعوام (جيهان)، ويُتهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بالضلوع في الجريمة.
دخل فرنجية الى الحياة السياسية وهو ابن الـ 22 عاماً، وشكّل خلايا عسكرية من حوالي 3400 عنصر اتخذت من “بنشعي” مقراً لها، وتسلّم في العام 1990 قيادة تيار المردة ووضع رؤيته السياسية.
المناصب النيابية والوزارية
دخل فرنجية الى البرلمان اللبناني عام 1991 كما انتخب نائباً في انتخابات الأعوام 1992 و1996 و2000، بينما غاب في استحقاق العام 2005 ليعود الى المجلس النيابي عام 2009.
تنقّل بين الحقائب الوزارية، فكان:
_ وزير دولة في الفترة الممتدة من 23 كانون الأوّل / ديسمبر 1990 حتى 16 أيار / مايو 1992 في حكومة الرئيس عمر كرامي في عهد الرئيس إلياس الهراوي.
_ وزيرًا للإسكان والتعاونيات من 16 أيار / مايو حتى 31 تشرين الأول / أكتوبر 1992 في حكومة الرئيس رشيد الصلح.
_ وزير دولة للشؤون البلدية والقروية من 31/ 10/1992 ولغاية 25/5/1995 حتى 25 مايو 1995 في حكومة الرئيس رفيق الحريري.
_ وزيرًا للصحة العامة من 6/11/1996 حتى 3/12/1998 حتى 3 ديسمبر 1998
_ وزيرًا للإسكان والتعاونيات ووزيرًا للزراعة في حكومة الرئيس سليم الحص.
_ وزيرًا للصحة العامة رفيق الحريري وفي عهد الرئيس إميل لحود.
_ وزيرًا للداخلية والبلديات في حكومة الرئيس عمر كرامي في عهد الرئيس إميل لحود.
_ وزيرًا للداخلية والبلديات من 10/26 /2004 ولغاية 18/4/2005.
المواقف والعلاقات السياسية
يعتبر فرنجية ممّن عارضوا حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وتحالف 14 آذار ما بعد العام 2005، ورأى في اغتيال الرئيس رفيق الحريري لحظة مفصلية في المنطقة ككل ولحظة انتقال البلد من مرحلة الى مرحلة.
تميّز فرنجية بعلاقات جيدّة مع حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله، وكان موقفه صلباً الى جانب المقاومة خلال العدوان الإسرائيلي على البلد عام 2006. واعتبر فرنجية آنذاك انه وتياره جزء من الحرب ودعا في مؤتمر صحفي في الأيام الأولى للعدوان مقدّماً الرجال لأجل لبنان وتوجّه الى السيد نصر الله وقال انه مستعد لما يريده ويضع يده بيده.
وصرّح أيضاً “السيد نصر الله رجل أكثر من عظيم وقوله إنني واحد من المقاومة وسام علي صدري”، مشدداً على أن العلاقة معه ستبقى “ممتازة وعظيمة ولا تتغيّر”. وأشار الى أنه يثق بحكمة السيد نصر الله معتبراً أن “من قدم الدماء في سبيل الوطن لن يغير قناعته من أجل المكاسب ونحن مع المقاومة من دون شروط وأينما تكون”، ورأى بالمقاومة القوة التي لا تهزم، وأن أي عدوان إسرائيلي على لبنان سيكون مغامرة”.
لا يصف فرنجية نفسه بـ “الوسطي”، بل قال “أنا من محور المقاومة… والعلاقة مع المقاومة هي علاقة استراتيجية وإن التنسيق متواصل مع قيادة المقاومة”. ويرى أن المقاومة في لبنان فرضت معادلة الردع على إسرائيل، وإن توازن الرعب في أيدي أمينة وعلي رأسها السيد نصر الله وهذا التوازن يحمي لبنان”، لافتاً الى أن “توازن الرعب لا يكون إلا بالمقاومة ولولا المقاومة لكان باستطاعة إسرائيل استباحة أراضينا بشكل يومي”.
وفي ذكرى تغييب السيد موسى الصدر في 31 آب / أغسطس، كتب فرنجية على صفحته على منصة “تويتير” أن “الوطن يحتاج الى لغتك لغة الحوار والانفتاح والايمان بوحدة وحرية لبنان”.
تجمع فرنجية علاقة وطيدة مع دمشق، وهي تاريخية تعود الى علاقة جدّه بالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. وخلال الحرب على سوريا، كان موقف فرنجية الى جانب الرئيس بشّار الأسد، واعتبر هذه الحرب امتداداً للمشروع الأمريكي الإسرائيلي الذي “شن حرباً ضد المقاومة اللبنانية عام 2006 وفشل ثم انتقل إلى سورية في عام 2011 عبر حرب إرهابية واسعة لكنهم فشلوا أيضاً”. وإن “استهداف الرئيس الأسد هو استهداف لخيار سوريا السياسي”.
ورأى فرنجية في ذهاب حزب الله الى سوريا هو “أمر طبيعي للحفاظ على محور المقاومة لأن سقوط سوريا سيكون ضربة قاضية للمحور”، وشدّد على أن مستقبل المنطقة “سيكتب من جديد مع انتصار سورية على الحرب الإرهابية”. واعتبر أن “الذي يريد ضرب الدولة السورية هو نفسه الذي يريد ضرب الدولة في العراق وهو ذاته الذي لا يريد اتفاقا أمريكياً إيرانياً ويريد ضرب الاستقرار في إيران ويريد ضرب المقاومة في لبنان”.
في العلاقات الدولية والتوجهات الخارجية للبلد، صرّح فرنجية “أنه لا يقبل أن يختلف مع الغرب ولكنه بالمقابل لا يقبل أن يختلف مع الشرق”… “ومن الضروري زيارة كل الدول العربية”.
فرنجية ورئاسة الجمهورية
تداول اسم فرنجية لرئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان ودخول البلد الى فراغ لحوالي سنتين انتخب بعدها ميشال عون رئيساً. عاد اسم فرنجية الى لائحة المرشحين للمنصب في العام 2022. وكان قد صرّح في مقابلة تلفزيونية في الاعلام اللبناني أن هدفه من الوصول الى رئاسة الجمهورية هو “ترك بصمة في تاريخ لبنان”، نافياً ان يكون هدفه السلطة “إنما هدفي ايجاد صيغة تفاهمات للوصول الى حلول وهذا أمر ممكن”.
وأضاف “أريد أن أكون رئيساً وحدويّاً ويجمع البلد لا رئيساً كيدياً فلبنان اليوم في مرحلة استثنائية وفي حرب اقتصادية تدميريّة وبوضع أسوأ من مرحلة ما بعد الحرب الأهلية”، لافتًا إلى أنه “لم أكن يوماً وسطياً ولكنني دائماً منفتح وتوافقي وأؤمن بالحوار”. وطرح فرنجية برنامجه اذ ما وصل الى بعبدا. فـ”الأولوية لتوحيد القوى اللبنانية وراء مشتركات يتصدّرها الهم الاقتصادي، وبالتوازي توفير آليات التمكن من الإدارة الهادئة للقضايا الخلافية” وعبّر عن “إيمانه بعروبة لبنان وتمسكه بالمقاومة يصبان في خدمة المصلحة الوطنية اللبنانية”.
ترسيم الحدود البحرية
في ملف استراتيجي كترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلّة وما يحدّده ذلك من مستقبل البلد، يرى فرنجية أن نقطة القوة التي يجب على لبنان أن يستفيد منها “هي المقاومة” واعتبر أن الدولة اللبنانية كان يجب أن تتخذ موقف المقاومة. كما رأى أن “أيّ تسوية تضمن لنا الغاز جيدة“.
في نهاية المطاف، هل يكون سليمان فرنجية رئيس الجمهورية اللبنانية للولاية القادمة؟
الكاتب: الخنادق