مجموعات عرين الأسود.. زمن التسويات ولّى
ذكرت القناة “13” العبرية أن منظومة الاحتلال الأمنية تنشغل في العمل ضد “خلايا” المقاومة شمال الضفة الغربية المحتلّة، واعترفت أن هذه المجموعات “تشكّل تهديداً حقيقياً”. فيما وصّف مسؤولون في استخبارات الاحتلال الحالة المتصاعدة من المقاومة في القدس والضفة بـ “نسخة جديدة من الانتفاضة”. فما يدور في تلك المناطق فعلاً ينذر بوضع جديد لا يشبه أبداً ما كانت عليه الضفة في السنوات القليلة الماضية.
تتولّد منذ معركة “سيف القدس” في العام الماضي، مجموعات مقاومة جديدة، بدأت من كتيبة جنين، ثمّ نابلس، ثمّ طولكرم وصولاً الى طوباس، وهي مجموعات ينتمي أغلب شبابها الى حركة الجهاد الإسلامي ولا تخلُ من شباب من فصائل أخرى. أمّا اللافت أن فهو تشكل مجموعة جديدة، هي “عرين الأسود” فرضت حضورها ونشاطها العسكري ضد جيش الاحتلال في نابلس حيث تتخذ من البلدة القديمة مقراً لها.
من هي “عرين الأسود”؟
ظهرت الى العلن أوّل مرّة بعد اغتيال الاحتلال للشهداء محمد الدخيل وأشرف مبسلط وأدهم مبروكة في الثامن من فبراير/ شباط الماضي، وهم من رفاق شهيدها إبراهيم النابلسي، وكان للمجموعة أيضاً شهيدها سائد الكوني الذي ارتقى في أيلول / سبتمبر الماضي.
تشير الأوساط الفلسطينية الى أن القاعدة الأساسية لـ “عرين الأسود” تتكوّن من شباب كتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح) ومن أبناء الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، الا أن المجموعة ضمّت أيضاً شباباً من مختلف الفصائل وعلى سبيل المثال مصعب اشتيه الذي يُنسب لحركة حماس والمطارد محمد طبنجة الذي يُنسب للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. لكن الجميع يعمل تحت اسم “عرين الأسود” دون تفرقة فصائلية.
تحترم المجموعة الرموز الفلسطينية كافة، ومن بينهم الرئيس ياسر عرفات، ومؤسس حركة حماس الشهيد الشيخ أحمد ياسين، ومؤسس حركة الجهاد الإسلامي الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي، وأمين عام الجبهة الشعبية الشهيد المعروف بـ “أبو علي مصطفى”. ويرتدي مجاهدوها اللباس الأسود الموحّد ويربطون فوّهة البندقية بقطعة قماش حمراء اللون مشدّدين على ” أن لا رصاصة ستطلق هدراً”. وقالت في بيانها الأخير “حُلّلت علينا نقاط التماس وحُلَّلت علينا المستوطنات سنكون اليد التي ستضرب كل عدو لله وللوطن”.
أمّا من ناحية نوعية العمل العسكري، فأكّدت “عرين الأسود” على نهجٍ متطوّر يسبق الاحتلال بالتهديد والمباغة وعدم الاكتفاء بالدفاع والتصدي وخاصة في نقاط التماس في نابلس، وقد أثبتت ذلك من خلال بيان أصدرته، وحذّرت فيه المستوطنين من اقتحام قبر يوسف بالأعياد اليهودية، مشيرةً إلى أن “كل هدف ثابت أو متحرك يتنفس هو هدف لبنادقنا وعبواتنا الناسفة، بل أبعد من ذلك هو هدف لمفاجآتنا“. وتوجهت للمستوطنين الذين سرحوا ومرحوا طيلة سبعة عشر عاما- حتى ظنوا أن الغلبة لهم- سنرى من سيمنع التجوّل على من! سنرى من سيحاصر من”!
وفي سابقة، منذ سنوات طويلة، مارس المستوطنون طقوسهم على الحواجز المحيطة بنابلس، وكان جيش الاحتلال قد أصدر بياناً بعدم السماح لهم بدخول “قبر يوسف” إثر مخاوف من عمليات إطلاق نار. وسجلت “عرين الأسود” خلال الـ 48 ساعة الماضية، عشر عمليات إطلاق نار.
السلطة تقايض والمجموعة ترفض
التحوّل المهم الذي أبدته “عرين الأسود” كان برفضها سياسة التسويات والمقايضة التي انتهجته حركة فتح والسلطة الفلسطينية سابقاً منذ توقيع اتفاق “أوسلو” عام 1993. فقد كشفت “القناة 12” العبرية في 2 / 10 / 2022 أن السلطة – التي يضغط عليها الاحتلال “لضبط” الوضع في الضفة – عرضت على المقاومين دمجهم في أجهزة السلطة الفلسطينية، وشراء الأسلحة التي بحوزتهم، وصرف رواتب لهم، لكن المفاوضات وصلت لطريق مسدود. فيما كانت المجموعة قد طالبت رئيس السلطة محمود عباس لإعلان القتال، رداً على اغتيال الاحتلال للشهداء الأربعة في عدوانه الأخير على جنين (محمد ألونة، محمد أبو ناعسة، أحمد علاونة، عبد الرحمن خازم).
وتحظى “عرين الأسود” بتأييد وحاضنة شعبية واسعة أظهرها التأبين الحاشد لشهدائها الشهيدين محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح اللذين يعتبران من مؤسسيها.
الكاتب: مروة ناصر-الخنادق