يسعى رئيس وزراء كيان الاحتلال السابق، بنيامين نتنياهو، لتفجير الاتفاق المزمع الاتفاق عليه بشأن ترسيم الحدود البحرية. وفي الوقت الذي يصف رئيس الوزراء، يائير لابيد، الاتفاق بـ “الاستراتيجي”، تتوقع أوساط إسرائيلية ان يقدم الأول، اذا ما وصل إلى السلطة مجدداً، على تفجير الوضع مع لبنان. وفي هذا الصدد، تقول صحيفة “إسرائيل اليوم” ان “نتنياهو لن يلغي هذا الاتفاق، بالضبط مثلما لم يلغ اتفاقات أوسلو. أقواله في الموضوع ليست لا تعد مثيرة للحفيظة فقط، بل خطيرة: فمعنى إلغاء الاتفاق هو إمكانية كامنة أكبر بكثير للتصعيد بل ربما الحرب، في الحدود الشمالية”. وأضافت “الادعاء بأن المال سيضخ إلى “حزب الله” (للصواريخ وللمقذوفات الصاروخية) هراء؛ فهو لا يمول تعاظم قوته من الضرائب”.
النص المترجم:
يعد اتفاق المياه الاقتصادية مع لبنان بشرى، وليس أقل من ذلك. ولا بد أن تعتريه العلل شأنه شأن أي اتفاق. لكن بديله أسوأ بكثير: احتمال تصعيد خطير في الحدود الشمالية:
للاتفاق ثلاث مزايا مركزية: الأولى، أنه أجري بين إسرائيل ولبنان، حتى لو لم توقع الدولتان عليه بشكل رسمي إحداهما أمام الأخرى، بل أمام الأمريكيين بصفتهم وسطاء. يجب عدم الاستخفاف بأهمية الاتفاق، حتى وإن كان جزئياً، مع دولة عدو يقف في قلبها تنظيم إرهابي هو التهديد المركزي اليوم على أمن إسرائيل. فالقدرة على إنتاج وتحقيق مصالح مشتركة هي في أساسها عنصر مهدئ ولاجم، في جبهة لا تنقصها عناصر تدق طبول الحرب.
الميزة الثانية اقتصادية، فلبنان دولة متفككة، غير قادرة على التسديد، على شفا الفوضى. المال الذي سيدخل إلى صندوقها سيساعدها على استقرار المنظومة. والادعاء بأن المال سيضخ إلى “حزب الله” (للصواريخ وللمقذوفات الصاروخية) هراء؛ “حزب الله” لا يمول تعاظم قوته من أموال دافع الضرائب اللبناني. فضلاً عن هذا، لـ “حزب الله” مصلحة في استقرار لبنان اقتصادياً.
الميزة الثالثة الطاقة. يمكن لإسرائيل البدء فوراً في إنتاج الغاز من “كاريش”، في الوقت الذي يتوق فيه العالم إلى الغاز الطبيعي والأسعار في ارتفاع. وستفعل ذلك بلا تهديد مادي على طوافات الغاز التي لديها؛ الطوافة اللبنانية – التي ستصب أمام الطوافة الإسرائيلية – ستكون عنصراً لاجماً؛ لأن الدولتين ستخافان من فقدان ذخائر مهمة في البحر. كما أن لبنان سيقلص تعلقه بالطاقة من إيران، وضمناً سيوثق علاقاته مع دول غرب أوروبا.
النقيصة الأساس هي في فقدان ذخائر محتملة في البحر. لا يدور الحديث عن حدود، لأن المساحة موضع الخلاف تقع خارج المساحة السيادية لإسرائيل، لكن لها “حقوقاً خاصة” في مساحة لها.
ظاهراً، لو أصرت إسرائيل، لأمكنها التنقيب في مساحات أوسع، لتنتج الغاز (والمال) منها، لكن في ظل أخذ مخاطرة أمنية غير قليلة بتصعيد واسع (وعلى أي حال لم تتلق تعويضاً مالياً من لبنان على الغاز الذي ينتج من المساحة الإسرائيلية). بكلمات أخرى، أقدمت إسرائيل على تنازل تكتيكي لقاء ربح استراتيجي يتمثل بالاستقرار في الحدود الشمالية.
على فرض أن الاتفاق سيوقع بالفعل، فعلى إسرائيل أن تضمن أن “حزب الله” لن يفكر بأن تهديداته هي التي أدت إلى النتيجة النهائية. بين إسرائيل ولبنان عدة نقاط خلاف أخرى في الحدود البرية، من شأن “حزب الله” أن يستغلها كي يبقي تهديداته مع الهواء. صحيح أن حسن نصر الله يبدو متصالحاً أكثر من أي وقت مضى في خطابه أول أمس، لكنه لن يتردد في العودة إلى تحدي إسرائيل إذا ما شعر بضعف من جانبها.
تصريحات خطيرة
الاتفاق المتحقق هو ذروة مفاوضات بدأت في فترة كان بنيامين نتنياهو يتولى رئاسة الوزراء، ويوفال شتاينتس كوزير الطاقة. وعليه، فإن هجمة نتنياهو والليكود الحادة التي جرت أمس من على الاتفاق الذي تحقق هي هجمة غريبة؛ أولاً، وكما أسلفنا، ليس هذا تنازلاً عن أجزاء من الوطن. وثانياً، بأن الادعاء أن “حزب الله” سيستخدم المال ليزيد قوته هو ادعاء سخيف، خصوصاً إذا ما صدر عن لسان من تعاظمت قوة التنظيم في فترة ولايته، بلا عراقيل، بعشرات آلاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية، وبوسائل قتالية متطورة أخرى. وثالثاً، لأن الاتفاق معناه استقرار في الحدود الشمالية؛ أي مصلحة إسرائيلية صرفة، قدسها نتنياهو بكل ثمن في سنوات حكمه.
لكن الأخطر هو القول إن الليكود، إذا ما صعد إلى الحكم، لن يكون ملتزماً بالاتفاق. في إسرائيل الديمقراطية يوجد تواصل سلطوي، في إطاره كل حكومة ملتزمة بالاتفاقات التي حققتها سابقاتها.
نتنياهو يعرف هذا جيداً، ولن يلغي هذا الاتفاق، بالضبط مثلما لم يلغ اتفاقات أوسلو. أقواله في الموضوع ليست لا تعد مثيرة للحفيظة فقط، بل خطيرة: فمعنى إلغاء الاتفاق هو إمكانية كامنة أكبر بكثير للتصعيد بل ربما الحرب، في الحدود الشمالية. ولا أظنها البشرى التي يتوق الجمهور الإسرائيلي لسماعها.
المصدر: إسرائيل هيوم
الكاتب: يوآف ليمور