توازياً مع إعلان الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، ضرورة تطوير نموذج جديد في الهيكل المالي العالمي “يعتمد على الناس والأخلاق والإنتاج والمشاركة”. سجل معدل التضخم في البلاد أعلى مستوى له منذ 24 عاماً متخطياً 83% في أيلول/سبتمبر الماضي.
وجاء هذا الارتفاع، بعد أسبوع على إعلان البنك المركزي خفض أسعار الفائدة، التي يعارضها اردوغان بشدة. اذ شدد خلال مشاركته في الاجتماع التعريفي لـ “وثيقة التمويل التشاركي الإستراتيجي”، في إسطنبول على ان “الخطوة الأولى في تغيير تصور المجتمع حول مؤسسات التمويل التشاركية، هو تغيير اسم المصارف التشاركية التي لا تتعامل بالفائدة (التي يعتبرها شكلاُ من أشكال الربا المحرم دينياً) إلى “مؤسسات التمويل التشاركية”.
وقال اردوغان “هناك تصور لدى مجتمعنا بأن مؤسسات التمويل التشاركية لا تختلف عن المصارف كنظام، والخطوة الأولى لتغيير هذا التصور هو تبديل اسم البنوك التشاركية إلى مؤسسة التمويل التشاركية”.
تداعيات التضخم
ويقول الخبير الاقتصادي التركي، كان فوات غورسيل، ان “ارتدادات الحرب على الاقتصاد، تأتي بدايةً من تباطؤ الطلب المحلي وانخفاض القوة الشرائية للأسر، وارتفاع تكاليف الطاقة والمدخلات ومشاكل الإمداد، بما يؤثر على إنتاج السلع والخدمات سلبًا، حيث كل ذلك أفقد النمو الاقتصادي الزخم المطلوب”. ويشير إلى العجز الكبير الذي أصاب القطاعات، كاشفاً عن “عجز التجارة الخارجية التركية بلغ في آذار/ مارس الماضي 8.2 مليارات دولار، فيما بلغت واردات الطاقة 8.4 مليارات دولار، وفي الربع الأول من العام الجاري بلغ إجمالي عجز التجارة الخارجية 25.6 مليار دولار، فيما يصل العجز السنوي إلى 90 مليار دولار”، متوقعًا ان يستمر العجز حتى نهاية العام.
وعن نقاط الضعف التي يعاني منها الاقتصاد التركي، يقول خبراء اقتصاديون، انها ترتكز على 3 محاور:
-اعتماد القطاع الخاص على التمويل الخارجي، وهو ما يسبب تفاقم الديون الخارجية التي يستحوذ القطاع الخاص على جزء كبير منها، بطبيعة الحال.
-اعتماد البلاد لتأمين ما يقارب 90% من احتياجاتها من الطاقة على الاستيراد من الخارج، وهي احدى اهم المعضلات المؤرقة التي تواجهها الحكومة.
-السياسات النقدية المتّبعة والتي تُحدث ارتباكًا في السوق، لا سيما فيما يتعلق بأسعار الفائدة وما ينجم عنها من ضربات معاكسة، كهروب الاستثمارات الأجنبية من السوق والقلق من ضخّ استثمارات جديدة.
الوكالة التركية الرسمية للإحصاء، ذكرت ان “أسعار الاستهلاك ارتفعت بنسبة 83%، وزادت أسعار النقل 118% على أساس سنوي، فيما ارتفعت أسعار الغذاء بشكل مطرد إلى نسبة 93.5%”.
بدورها، أدت تخفيضات أسعار الفائدة، إلى أزمة عملة أفقدت الليرة 44 % من قيمتها مقابل الدولار في عام 2021. وخسرت العملة نحو 29% من قيمتها هذا العام لتسجل أدنى مستوياتها على الإطلاق. وبحسب استطلاع قامت بإجرائه وكالة رويترز فقد يكون من المتوقع ان ينخفض التضخم بدرجات قليلة بما يوازي 72% نهاية العام.
تعد الازمة الاقتصادية أحد اهم التحديات الشائكة التي تواجه اردوغان قبل الاستحقاق الانتخابي القادم، وعلى ما يبدو ان طريق اجتيازه لهذا الاستحقاق سيكون وعراً بالقدر الذي قد يضطر خلاله اتخاذ قرارات أكثر شعبوية.
الكاتب: الخنادق