هل يواجه الترسيم البحري عقدة قانونية إسرائيلية؟
أخيراً، تسلم لبنان المسودة الأخيرة من الوسيط الأميركي، عاموس هوكشتاين. وبينما يصر لبنان على عدم التوقيع المباشر بل ان يكون الاتفاق مرعياً من قبل الأمم المتحدة، بعد تزويد الوسيط بالملاحظات، لا تزال إسرائيل تواجه ضغطاً داخلياً نتيجة انقسام داخلي حول الاتفاق. وتحت عنوان “النزاع البحري الإسرائيلي اللبناني قد ينتهي قريبًا، لكن عقبة قانونية تلوح في الأفق”، كتب عاموس هرئيل، الصحفي في “هآرتس” العبرية انه على ما “يبدو أن حزب الله هدد بمواجهة عسكرية حول حقول الغاز، ليس بسبب بحثه عن ذريعة لشن حرب لبنان الثالثة”. وأشار إلى “إن أعضاء كنيست من المعارضة هددوا بتقديم التماس للمحكمة العليا ضد التوقيع على الاتفاق بذريعة أن الأمر يتعلق بتنازلات جغرافية. هذه التنازلات لا يمكن تقديمها بدون استفتاء عام، وبالتأكيد عندما تتخذ القرار حكومة انتقالية وعشية انتخابات”.
النص المترجم:
قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل ولبنان في نهاية الأسبوع مسودة مشروع حلها الوسط بشأن الحدود البحرية بين الدولتين. الردود الأولية من إسرائيل ولبنان إيجابية جداً. حتى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، تراجع قليلاً عن تهديداته بتفجير الصفقة، وربما الطوافة. ولكن القضية لم تنته بعد؛ فقد بقي عائق آخر محتمل وهو أن ما كان في السابق أزمة سياسية – أمنية، يهدد الآن بأن يصبح أزمة قانونية مع إمكانية سياسية كامنة كلها في الجانب الإسرائيلي.
الاقتراح الأمريكي، كما نشر في هآرتس، يرسم خط 23 على أنه حدود بحرية مستقبلية بين الدولتين؛ إذ يبقي حقل الغاز “كاريش” في يد إسرائيل، ويقسم حقل “قانا” إلى قسمين، جزؤه الأكبر في يد لبنان.
قد تحصل إسرائيل على تعويضات من لبنان مقابل سماحها بالتنقيب عن الغاز للبنانيين. في المقابل، ستبقي الولايات المتحدة مسألة ترسيم الحدود في المنطقة القريبة من الشاطئ بدون حل. ولأنها نقطة مختلف عليها أكثر وتتصل بالخلاف القائم على تموضع الحدود البرية منذ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في 2000 فقد حدد الاقتراح أن يبدأ ترسيم الخط بعد بضع مئات من الأمتار غرب الشاطئ.
لبنانيون من الجنوب ومن بينهم رئيس البرلمان نبيه بري، زعيم حركة “أمل” الشيعية، تطرقوا أمس بصورة إيجابية للاقتراح الأمريكي. ألقى نصر الله، للمرة الثانية على التوالي، خطاباً متساهلاً نسبياً. يبدو أن التقديرات التي أسمعتها الاستخبارات الإسرائيلية مؤخراً بدأت تتحقق في هذه الأثناء. يبدو أن “حزب الله” هدد بمواجهة عسكرية حول حقول الغاز، ليس بسبب بحثه عن ذريعة لشن حرب لبنان الثالثة، بل أراد أن ينسب لنفسه هذا الإنجاز الاقتصادي. يدعي الآن أنه وبفضل تهديداته، أصاب الذعر إسرائيل فوافقت على تقديم تنازلات في تحديد خط الحدود.
لم ترد إسرائيل حتى الآن رسمياً على الاقتراح الأمريكي الأخير، لكن مصادر في جهاز الأمن قالت أمس بأنه يقرب القضية من نهايتها. حسب قول هذه المصادر، ثمة إنجاز استراتيجي مهم. أولاً، على فرض أن الاتفاق سيوقع، فسيكون بالإمكان البدء قريباً باستخراج الغاز من كاريش بدون إزعاج. ثانياً، لأن حقل قانا ضروري لاقتصاد لبنان (رغم الحاجة لمرور بضع سنوات لتستطيع بيروت استخراج الغاز منه) فقد وُجد هنا ميزان ردع ناجع، منذ لحظة التوقيع لن يستطيع حزب الله تهديد الطوافات الإسرائيلية في كاريش وفي الحقول الأبعد جنوباً. ثالثاً، نأمل على المدى البعيد بأن يضعف اعتماد لبنان على إيران، التي أرسلت في السنتين الأخيرتين وقوداً للبنان وأعطت لنفسها الحق في مساعدة المدنيين.
مع ذلك، بقي عائق أخير محتمل؛ فرئيس الليكود بنيامين نتنياهو، هاجم الحكومة قبل بضعة أسابيع واتهمها بتقديم تنازلات أمنية عديمة المسؤولية للبنان في المفاوضات على ترسيم الحدود. حتى إن أعضاء كنيست من المعارضة هددوا بتقديم التماس للمحكمة العليا ضد التوقيع على الاتفاق بذريعة أن الأمر يتعلق بتنازلات جغرافية – هذه التنازلات لا يمكن تقديمها بدون استفتاء عام، وبالتأكيد عندما تتخذ القرار حكومة انتقالية وعشية انتخابات.
الوقت بالنسبة للحكومة آخذ بالضغط؛ يتوقع الخميس القادم إجراء نقاش أولي في الكابنت للمصادقة على الاتفاق (ربما حتى يمكن أن يتم تقديم موعد النقاش). صاحبة الامتياز في كاريش، شركة “انيرجيان” تريد البدء في الحفر هذا الشهر. ومن المهم للحكومة تحقيق أمرين: من المرغوب فيه رفع خطر الاحتكاك مع “حزب الله” قبل الانتخابات والتوقيع على اتفاق مع لبنان، سيتم عرضه كنجاح استراتيجي.
الالتماس الذي قدمه الليكود للمحكمة العليا أو بتشجيع منه، قد يعيق إجراءات الحكومة. في مكتب رئيس الحكومة ومكتب وزير الدفاع، ينتظرون كيف سيتصرف نتنياهو. من جهة، قد يعتقد أن لديه حالة قضائية، ومن جهة أخرى قد يخدم خصومه بذلك. لبيد وغانتس سيكونان مسرورين من عرض نتنياهو كمن يضر بالتوقيع على اتفاق مهم للدولة، الذي تمت بلورته بوساطة أمريكية. رئيس المعارضة، سيقولون، مستعد لإعاقة خطوة تاريخية بسبب اعتبارات سياسية، بل وسيخاطر حتى بأزمة أمنية مع “حزب الله”. هل يهم الناخبين في إسرائيل ذلك؟ حتى الآن لا يبدو أن هناك شيئاً ناجحاً في إيقاظهم من سباتهم.
المصدر: هآرتس
الكاتب: عاموس هرئيل