الانتخابات الرئاسية رهنٌ بالتوافقات الخارجية..؟

صلاح سلام-اللواء
     
الجلسة الإنتخابية الأولى للإستحقاق الرئاسي حققت الأهداف المرجوة منها، وفي مقدمتها مراعاة المهلة الدستورية لإطلاق ورشة الإنتخابات الرئاسية، وثانياً إستطلاع المواقف الأولية لمختلف الكتل النيابية، وثالثاً كشف مدى تماسك التحالفات أمام مثل هذا الإستحقاق المفصلي والهام.
أن تكون الورقة البيضاء محور الجلسة الأولى ليست مفاجأة بحد ذاتها، ولكن المفاجأة الصادمة كانت بفشل أطراف المعارضة في التوصل إلى توافق الحد الأدنى في ما بينهم، والإتفاق على مرشح واحد، أو حتى مرشحيْن، عوض ذهاب السياديين في إتجاه النائب ميشال معوض، وإختلاف التغييريين في ما بينهم، كالعادة، على تبني مرشح واحد، فكانت النتيجة أن حصل معوض على أصوات أحزاب المعارضة: القوات والإشتراكي والكتائب، وأعضاء الكتلة النيابية التي ينتمي إليها، وحصل مرشح التغييريين على جزء من أصواتهم، فيما «ضاعت» الأصوات الأخرى في خيارات مختلفة، أما فريق الموالاة فقد أظهر تماسكاً ظاهراً في التركيز على الورقة البيضاء، بأكبر عدد ممكن من الأصوات، وحصد ٦٣ صوتاً، وكأنها تُمهد للشغور المتوقع في موقع رئاسة الجمهورية.
«البروفة» الأولى للجلسات الإنتخابية كان مسارها والنتائج السياسية التي أسفرت عنها، شبيهة بجلسة إنتخاب رئيس المجلس ونائبه في مستهل ولاية المجلس الحالي، حيث أظهرت التكتيكات الإنتخابية تفوقاً لفريق السلطة، على خصومه في المعارضة، خاصة على مستوى التغييريين، الذين تبيَّن أنهم مازالوا بعيدين عن إستيعاب قواعد اللعبة السياسية، ويتمسكون بمجموعة من الشعارات الشعبوية، وكأن ممارسة العمل النيابي هي إمتداد للتظاهرات في الشارع، يكفي ترداد الشعارات ورفع اليافطات، لتنفيذ البرنامج والأهداف التي تحمَّل اللبنانيون تداعيات هذا الانهيار الكبير على أمل تحقيقها، والتخلص من هذه المنظومة السياسية الفاسدة.
ورغم تماسك فريق السلطة عشية الإستحقاق الرئاسي، ورغم أن فريق المعارضة يشكل الأكثرية العددية في مجلس النواب، إلا أن الطرفين بحاجة لعقد صفقة تُبلور تسوية توافقية جديدة، تفتح أبواب بعبدا أمام الرئيس التوافقي العتيد.
غير أن التجارب علمتنا، على مدى مختلف العهود الإستقلالية، أن التسويات الداخلية تكون جزءاً من تسويات وتفاهمات أكبر تتم على المستويات الإقليمية والدولية، ويكون الوضع اللبناني أحد بنودها. ولعل تجربة إنتخاب العماد ميشال عون مازالت طرية في الأذهان، حيث تم الإفراج عن الإستحقاق الرئاسي إثر التوقيع على الإتفاق النووي الإيراني مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبعد شغور دام ثلاثين شهراً.
وقياساً على ذلك فإن الشغور الرئاسي متوقع، على الأقل إلى ما بعد الإنتخابات الأميركية والإسرائيلية في تشرين الثاني المقبل.
وبعدها لكل حادث حديث..كما قال الرئيس برّي في ختام جلسة الأمس!
Exit mobile version